انتقال الجامعة الأمريكية في بيروت إلى الكويت
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

تأسست الجامعة الأمريكية في بيروت قبل 155عاماً على يد القس الأميركي «دانيال بلس»، وكان اسمها الكلية البروتستانتية السورية، قبل أن يتغير إلى الحالي قبل 100 عام. وبالرغم من أن اسم وخلفية مؤسسها تبشيرية فإنها كانت دوماً مؤسسة علمانية.

اشتمل منهج التدريس في سنتها الأولى على تعليم العربية والإنكليزية والفرنسية والتركية واللاتينية، والرياضيات وتاريخ العرب القديم وتاريخ الديانات، بما فيها اليهودية. وبعد عام أصبحت الصيدلة والطب ضمن مناهجها، وفيها تخرجت نخب كثيرة، كان لبعضها دور تنويري وسياسي.

كما أسهمت الجامعة في جعل بيروت مركزاً للنشر في المنطقة، عندما نقلت إليها مطبعتها من مالطا. كما اتبعت الجامعة معايير وقيم تعليم عالية، ومنهجاً أميركياً صارماً، وكانت أول جهة في المنطقة تعتمد على مبادئ التفكير النقدي والنقاش المفتوح والمتنوع من دون تمييز بين الطلبة، بدعم من مؤسسها القس «بلس».

مع انهيار الوضع الأمني والاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وحتى الأخلاقي في لبنان، والمصاعب المالية التي أصبحت تواجهها الجامعة، قررت إدارتها إقفال أبوابها، أو الانتقال لدولة أخرى، خاصة أن جماعة «كلن يعني كلن» لم يبدوا أي اعتراض على نية الإغلاق، فهذه المؤسسة لم تكن يوماً مصدر ثراء لأي منهم، كما كان الحال مع المازوت وجمع القمامة، ونهب التربة!

مع انتشار أخبار نية الإغلاق برز اسم الكويت على رأس الدول المرشح الانتقال اليها، فتم الاتصال بالمسؤولين فيها ولقيت الفكرة ترحيباً لديهم.

بعد تبادل حزمة من «كتابنا وكتابكم»، والانتظار لأشهر، وما تخلل ذلك من اتصالات، وضعت وزارة التعليم العالي الكويتية الشروط التالية لانتقال الجامعة:

  1. تغيير اسمها العريق ليصبح «الجامعة الوطنية الكويتية».
  2. فصل كليات البنات عن كليات «الصبيان».
  3. السماح بارتداء اللباس الوطني للصبيان.
  4. السماح بارتداء الحجاب والنقاب للبنات.
  5. تخصيص كليات معينة للطبخ والتربية المنزلية للبنات.
  6. السماح بفتح دور عبادة إسلامية فقط داخل حرمها.
  7. منع دراسة التفكير النقدي، والنظريات الجدلية المحرفة كنظرية دارون.
  8. السماح للجمعيات الخيرية بفتح فروع لها داخل الجامعة.
  9. تخصيص %30 من التخصصات في الجامعة لدراسة العلوم الدينية، الإسلامية فقط.
  10. قصر التدريس على المواد النظرية ورفض انتقال مستشفاها الجامعي معها، لوجود مستشفى كامل في «أرض المعارض».
  11. ضرورة حصولها على موافقة وزارة الإعلام قبل إقامة أية حفلات. وموافقة وزارة الداخلية على أية مناظرات. وموافقة وزارة التجارة على أية مسابقات.

اجتمعت إدارة الجامعة في بيروت وقررت، خلال ثوان، رفض الشروط، والتفكير في الانتقال لدولة أخرى.

طبعا الكلام أعلاه غير صحيح، ولكنه قريب جداً من الواقع لو فكرت أية جهة تعليمية بمستوى «الجامعة الأمريكية» في نقل نشاطها للكويت، فقوى التخلف والظلام ستكون لها بالمرصاد، بدعم من نواب «عطونا فلوس»!

لا أدري لماذا تذكرت سيدنا «نوح»، وأنا أنهي هذا المقال، والمصاعب التي كانت ستواجهه، وكم التراخيص التي كان عليه استخراجها، قبل أن يدق مسماراً واحداً في مشروع بناء «فُلكه» في الكويت، وكيف أن الأرض كانت ستغرق قبل استخراج التراخيص!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى