الصيف في العراق: الأغنياء يستجمون والحر للفقراء.. انقطاع الكهرباء والماء يلازمهم في حمأة القيظ

النشرة الدولية –

أصبح العراقيون بارعين في إيجاد طرق للبقاء هادئين في الصيف مع درجات حرارة تزيد عن 50 درجة مئوية، لكن موجة انقطاع التيار الكهربائي الأخيرة كشفت عن فجوة عميقة بين الأغنياء والفقراء أثناء موجات الحر.

وبينما يستطيع سكان بغداد الميسورون نسبيا تحمل تكاليف المولدات الكهربائية التي تعمل عندما تتعطل الشبكة الوطنية، يكافح آخرون للتغلب على مشكلة عدم وجود مكيفات وثلاجات ومراوح كهربائية منذ أيام.

ويدفع الموظف الحكومي صادق صادقان حوالي 200 دولار شهريا للوصول إلى مولد كهربائي يمد حيه من الطبقة الوسطى أثناء انقطاع التيار الكهربائي.

وقال صادقان “لدي اشتراك ذهبي لمولد خاص يعمل 24 ساعة في اليوم… يمكن تشغيله في أي وقت من اليوم”.

وعندما يعمل في البرلمان الوطني يتمتع صادقان بالكهرباء على مدار الساعة في مكتبه أيضا، مما يعني أن مكيف الهواء يعمل طوال اليوم ويبقى الماء باردا في المبرد.

وحين تصبح حرارة بغداد مرتفعة للغاية يقود أطفاله الثلاثة على بعد 500 كيلومتر شمالًا لقضاء عطلة نهاية أسبوع طويلة في زاخو، وهي منطقة جبلية أبرد من العاصمة بانتظام بمقدار 15 درجة مئوية.

وقال صادقان، البالغ من العمر 41 عاما، “لا يزال بإمكان الطبقة الوسطى والثرية المغادرة”، لكنه يخشى ألا يكون ذلك خيارا طالما أن درجات الحرارة ترتفع في كل مكان تقريبا.

وتابع “نشهد ارتفاع درجات الحرارة عاما بعد عام ونعلم أن ذلك بسبب تغير المناخ”.

ويُعد ارتفاع درجات الحرارة أحد أوضح الآثار وأكثرها تهديدا لتغير المناخ، حيث ترتفع درجات الحرارة في العراق بمعدل سبع مرات أسرع من المتوسط العالمي، وفقا لدراسة أجريت عام 2017 في مجلة أتموسفيريك ريسيرش، كما أن العراق منتج رئيسي في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، لكن شبكته الوطنية منهكة بسبب سنوات من الصراع وسوء الصيانة.

ويقول النقاد إن نظام التعريفة غير الفعال فشل في تحفيز الحفاظ على الطاقة، ولم يكن هناك سوى القليل من الاستثمار في الطاقة المتجددة حتى الآن.

وخلال فصول الصيف شديدة الحرارة يمكن أن يستمر انقطاع التيار الكهربائي لمدة تصل إلى 20 ساعة في الأحياء الأقل نموًا. ولكن في الأسابيع الأخيرة ضربت انقطاعات متقطعة لمدة 24 ساعة البلاد بأكملها، حتى المناطق الأكثر ثراء.

ولجأ الذين لا يستطيعون دفع ثمن مولد وقود الديزل باهظ الثمن أو الفرار من بغداد إلى الجبال حيث يعيش أقاربهم في أحياء جيدة الخدمات.

على سبيل المثال تعيش زهراء جاسم، البالغة من العمر 33 عامًا، مع زوجها وابنتيها الصغيرتين في مجمع سكني جيد الخدمات، حيث نادرًا ما ينقطع التيار الكهربائي.لكن والديها اللذين يعيشان في حي أقل ثراءً يتمتعان بالكهرباء لساعة أو ساعتين فقط في اليوم. ولم تكن في بيت شقيقتها إيلاف، التي تعيش في مكان آخر بالمدينة، كهرباء تقدمها الدولة لعدة أيام متتالية في أواخر يونيو.

وقالت جاسم “تبلغ درجة الحرارة داخل منزلها 57 درجة”.

وعندما اتصلت بالخط الساخن في وزارة الكهرباء للشكوى من انقطاع التيار الكهربائي الذي يؤثر على أقاربها أخبرها الموظف الذي رد على الهاتف أنه ليس لديه كهرباء في المنزل أيضًا.

وقالت “إنها كارثة مطلقة”.

وقلقت جاسم على ابنة أختها البالغة من العمر ثلاث سنوات ومولودها البالغ من العمر أربعة أسابيع، والذي كان نائماً معظم اليوم، فدعت أختها وأطفالها إلى البقاء في شقتها المتواضعة.

وتابعت “أخبرت أختي بأنه بإمكانهم البقاء هنا حتى نهاية الصيف، وأتساءل عن الأشخاص الذين ليس لديهم أحد”.

خارج نافذة جاسم يكدح عمال البناء وغيرهم من العمال اليوميين تحت أشعة الشمس، بينما يبيع الرجال والفتيان زجاجات المياه الموضوعة في الثلج عند التقاطعات المرورية القريبة.

ولم يسن العراق قوانين حماية من الحرارة المطبقة على غرار دول الخليج الأخرى لحماية العمال، مثل حظر العمل في الهواء الطلق خلال ذروة موسم الحرارة وجعل الفحوصات الصحية السنوية إلزامية.

ويعيش سيف طالب، وهو مخرج سينمائي يبلغ من العمر 29 عاما، في مدينة البصرة جنوب العراق ويحاول التكيف مع الحرارة من خلال جدولة تصوير المشاهد في الهواء الطلق في الربيع وحفظ المشاهد الداخلية والمونتاج لفصل الصيف.

وقال طالب عبر الهاتف “المشكلة هي أن انقطاع التيار الكهربائي هذا العام كان لأول مرة على مستوى البلاد. وتنطفئ الكاميرات والأضواء في كل مرة ينقطع فيها التيار الكهربائي، ولا يمكننا تشغيل مكيف الهواء على الإطلاق. لقد تأخرت أعمالنا في التحرير والإنتاج”.

وفي طريق عودته إلى المنزل يمر طالب بشط العرب الذي يلتقي فيه نهرا دجلة والفرات قبل أن يصل إلى الخليج.

وقال “لم أر قط هذا العدد الكبير من الناس يسبحون هناك. كان معظمهم من الفقراء الذين ليس لديهم مولد كهربائي”.

وتحتاج معظم المنازل العراقية إلى الكهرباء لضخ المياه في الحمامات للاستحمام. ولكن حتى عندما تصل المياه، غالبًا ما تكون ساخنة.

وقال طالب إن الكهرباء مقطوعة في منزله لأكثر من 12 ساعة كل يوم منذ منتصف يونيو. وتبكي ابنته البالغة من العمر سنة واحدة في الليل منزعجة، وقال طالب إنه يشعر بتوتر متزايد.

وتابع “أصبحت درجات الحرارة التي تزيد عن 50 درجة طبيعية بالنسبة إلينا، لكن مشكلة الكهرباء هذه معقدة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button