زيارة نادرة لسلطان عمان إلى السعودية
النشرة الدولية –
في أول زيارة خارجية له، التقى السلطان هيثم بن طارق بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان أمس الأحد. يذهب محللون إلى وصف الزيارة بالنادرة، ويرى آخرون أنّها تؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات السعودية-العمانية، انطلاقاً من الظروف السياسية والاقتصادية الاستثنائية التي تمر بها منطقة الخليج.
في تقرير لها، لفتت وكالة “بلومبيرغ” الأميركية إلى أنّ زيارة بن طارق هي الأولى التي يقوم بها سلطان عمان منذ ما يزيد عن 10 سنوات، معتبرةً الخطوة مؤشراً إلى تغيّر التحالفات في منطقة الخليج في ظل تواصل السعودية مع دول تربطها علاقات وثيقة مع إيران، خصمها الإقليمي. إشارة إلى أنّ العراق استضافت محادثات سعودية-إيرانية مباشرة.
وفي تأكيد على أهمية الزيارة العمانية، تناولت “بلومبيرغ” مراسم استقبال بن طارق، مشيرةً إلى أنّ ناطحات السحاب في الرياض أُضيئت بلوني العلم العماني الأحمر والأخضر احتفالاً بقدومه. وأضافت الوكالة: “تتزامن الزيارة إلى مدينة “نيوم”، حيث استُقبل (بن طارق) بحاكم السعودية الفعلي، ولي العهد (الأمير) محمد بن سلمان، مع افتتاح المعبر البري الأول الذي يربط البلديْن حيث تسعى عمان إلى تنويع طرقها التجارية”.
في السياق نفسه، لفتت الوكالة إلى أنّ مجلس الوزراء السعودي قرر التفويض بالتباحث والتوقيع على مشروعات اتفاقيات مع السلطنة في عدد من المجالات، إذ ذكرت وكالة الأنباء السعودية “واس” أنّ المجالات تتضمن: مجال الشباب والرياضة، والمجال الثقافي، ومجال التقييس، والمجالات التجارية، ومجال الإعلام المرئي والمسموع، والمجال الإذاعي والتلفزيوني، ومجال تشجيع الاستثمار، ومجال الاتصالات وتقنية المعلومات والبريد، ومجال النقل.
أيهم كامل، رئيس دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في Eurasia Group، علّق على الزيارة كاشفاً أنّ عملاً كثيراً أنجز خلف الكواليس لمحاولة وضع أسس لما هو ذو أهمية أكبر بين السعوديين والعمانيين. وأضاف كامل: “تنظر الرياض إلى السلطان هيثم باعتباره أكثر ميلاً إلى السعودية في ما يتعلق بالشؤون الخليجية.
اقتصادياً، لم تستبعد الوكالة أن تنعكس الزيارة إيجابياً على سلطنة عمان التي تواجه صعوبات في مساعيها الرامية إلى تنويع اقتصادها بعيداً عن النفط، مشيرةً إلى أنّها (الزيارة) تأتي مع تعزيز السعودية علاقاتها مع العراق ومصالحتها مع قطر. كذلك، تابعت الوكالة بالقول إنّ الزيارة تأتي مع تصاعد التوترات بين السعودية والإمارات، على خلفية تباينات على مستوى السياسة النفطية والرؤى الجيوسياسية والتنافس الاقتصادي.
في هذا الإطار، علّق كامل على نهج بن سلمان الجديد، قائلاً إنّ الأمير “يبدي اهتماماً أكبر ببناء علاقة متعددة الأوجه ومتمحورة حول دول مجلس التعاون الخليجي ولا تعتمد على حليف واحد، اعتاد أن يكون الإمارات، بل تستند إلى شبكة تحالفات أوسع بكثير”.
ولطالما كانت العلاقات العمانية-السعودية فاترة على الرغم من حدودهما المشتركة، إذ كان المسؤولون السعوديون حذرين من علاقات عمان الودية مع إيران. في المقابل، حرص المسؤولون العمانيون على اتباع حياد حذر في هذه المنطقة المتذبذبة، كما أبدوا قلقاً من تأثير الجارة الأكبر إيران غير المبرر. وأدت وفاة السلطان قابوس العام الفائت الذي حكم السلطنة لخمسة عقود إلى إفساح المجال أمام حصول تغيير، وفقاً لـ”بلومبيرغ”.
تأتي زيارة بن طارق بعد مرور شهريْن تقريباً على احتجاجات على ارتفاع معدل البطالة في البلاد. وبعد أيام من الاحتجاجات للمطالبة بوظائف، أجرى العاهل السعودي اتصالاً بالسلطان هيثم، ويقول محللون أنّ التباحث بشأن الزيارة والاتفاق عليها تم آنذاك.
وبعد وفاة السلطان قابوس اتخذ بن طارق إجراءات تقشفية لتخفيف الضغوط على المالية العامة، في وقت كانت فيه أسعار النفط منخفضة. ويعاني اقتصاد عمان، الذي تعرض أيضا لصدمة جائحة فيروس كورونا، من مستويات مرتفعة للديون. ويقًدر صندوق النقد الدولي أن إجمالي الدين الخارجي للسلطنة سينخفض إلى حوالي 112 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام من 127 في المئة العام الماضي. وفي نيسان الماضي، استحدثت السلطنة ضريبة للقيمة المضافة للمرة الأولى، ضمن سلسلة إصلاحات تهدف لضمان الاستدامة المالية.