قصص تعكس فاجعة حريق مستشفى الناصرية بالعراق

النشرة الدولية –

قبل ثلاثة أيام، دخل ستة أفراد من عائلة راشد، إلى مركز النقاء للحجر الصحي التابع لمستشفى الحسين في الناصرية، أربعة منهم مصابون بفيروس كورونا، وهم بحالة حرجة، واثنان يرافقونهم للوقوف على احتياجاتهم.

لكن بعد حريق، الاثنين، المروع والذي دمر المركز بالكامل، لم يعد أي من هؤلاء الستة إلى منزله حيا، يقول قريبهم، علي حسين، لموقع “الحرة”.

ويضيف حسين “نحن نشعر بصدمة هائلة، فقدنا الجميع، ولديهم جميعا أطفال كانوا ينتظرونهم في المنزل”.

وفي النجف، حيث دفن أفراد العائلة، بدا منظر القبور الستة المحفورة جنبا إلى جنب حزينا للغاية، وصادما جدا لأهالي المنطقة.

ست قبور متلاصقة حفرت لعائلة راشد
ست قبور متلاصقة حفرت لعائلة راشد

التعرف على الجثث

مع هذا تعتبر عائلة راشد من الضحايا “المحظوظين” نسبيا، إذ أن أقاربهم عثروا على بقايا جثثهم ليدفنوها، وتمكنوا من التعرف على عليهم.

يقول، علي الجولان، وهو متطوع شارك في إطفاء الحريق إن “كمية البقايا البشرية التي من غير الممكن التعرف عليها كبيرة جدا”.

ويضيف الجولان لموقع “الحرة” أن “العظام والبقايا كانت في كل مكان، وهناك جثامين مختلطة مع حديد الأسرة، وأخرى محفوظة تحت أكوام من البطانيات”.

وساهم عشرات المتطوعين بحمل الجثث والبقايا والناجين القلائل إلى بناية المستشفى الرئيسية، التي تبعد قليلا عن مركز الحجر الصحي.

“مادة سريعة الاشتعال”

ويقول الجولان إن “مركز الحجر مشيد من مادة تستخدم في بناء الكرافانات الجاهزة، وهي عبارة عن لوحين حديديين بينهما مادة عازلة، وهذه المادة العازلة سريعة الاشتعال جدا”.

ويضيف الجولان أنه “خلال الساعات الأولى بعد إطفاء النار، كان الليل لا يزال مظلما للغاية، والأهالي يحاولون العثور على ذويهم أو ما تبقى منهم داخل المبنى الذي يتصاعد منه الدخان، فانهار ما تبقى من السقف على بعضهم وتسبب لهم بإصابات”.

مشهد للحريق الذي طال مستشفى الحسين في الناصرية
مشهد للحريق الذي طال مستشفى الحسين في الناصرية

فوضى

وعانى المتطوعون وذوو الضحايا من “الفوضى” كما يقول سمير العبادي، وهو ناشط من أهالي المحافظة.

ويقول العبادي إن “الشرطة اكتفوا بالنظر إلى جموع المتطوعين من دون المشاركة”، مضيفا لموقع “الحرة” إن “سيارات الإطفاء وصلت في البداية خالية من الماء، بسبب تعطل مضخة في مركز الدفاع المدني بالمحافظة مما اضطر فرق الدفاع المدني لملء السيارات من النهر”.

ويقول العبادي: “جاء خبير من الطب الشرعي لعزل الجثث، في محاولة للتعرف عليها، لكنه قال لأهالي الضحايا إنه يستطيع فقط تمييز الكبار في العمر عن الصغار منهم، والنساء عن الرجال”.

وبحسب العبادي فإن الخبير اقترح على الأهالي “أخذ أي جثة تشبه فقيدهم لدفنها حتى وإن لم يكونوا متأكدين من هويتها”.

 ويقول العبادي “تعرفنا على جثة طبيب من خلال بقايا السماعة الملتصقة بعظامه، لكن لا أعتقد أن من الممكن أن يعرف أحد اسمه”.

ومن بين 92 ضحية في الحريق، بحسب آخر إحصائية حكومية لوزارة الصحة، لا يزال هناك 40 جثمانا بانتظار إن يتم التعرف على أصحابها.

إجراءات حكومية

وأصدر القضاء العراقي، الثلاثاء، مذكرة قبض وتحر بحق 13 شخصا من مسؤولي الصحة في المحافظة.

وقال رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، إنه سيحاسب المسؤولين عن الحادث قانونيا، فيما أشار إلى احتمال وجود “هدف سياسي” وراء عمليات الحرق والتفجير التي شهدتها البلاد مؤخرا.

وأقال الكاظمي عدة مسؤولين من صحة المحافظة ودفاعها المدني، وشكل لجنة للتحقيق في الحادث.

وقال الرئيس العراقي، برهم صالح، إن “الفساد وسوء الإدارة يستهينان بأرواح العراقيين”، في تعليق على حادث مستشفى الحسين.

وحاول موقع “الحرة” الحديث مع مسؤولين من المحافظة، أو مسؤولين من وزارة الصحة، على الرغم من المحاولات المتكررة للاتصال بهم إلى لحظة نشر هذا التقرير.

وأصدرت مديريات صحية في بغداد تحذيرات من حوادث مماثلة، وتداولت مجموعات التواصل الاجتماعي رسالة صوتية منسوبة لمدير صحة النجف يحذر فيها من “حريق بفعل فاعل”، ويطلب من موظفيه الانتباه.

وقررت دائرة صحة الرصافة إغلاق كافة “المستشفيات الكرفانية” بعد حادث مستشفى الحسين، الثاني من نوعه بعد حادث احتراق قاعة عزل مرضى كورونا في مستشفى ابن الخطيب ببغداد، والتي راح ضحيتها أكثر من 80 شخصا.

فيروس كورونا

وتأتي هذه الصعوبات في وقت يحتاج فيه العراق أكثر مما مضى إلى منشآت صحية لاستيعاب أعداد المرضى المتزايدة بفيروس كورونا، إذ يسجل العراق أكثر من 9 آلاف إصابة بالمرض يوميا، كما إنه يعتقد أن عددا مماثلا من الإصابات لا يتم التبليغ عنه.

ولازالت النسبة الأكبر من العراقيين تحجم عن أخذ تطعيمات ولقاحات فيروس كورونا، على الرغم من التحذيرات من استمرار الإصابات وتكرارها ودخول المتحورات الفيروسية الخطرة إلى البلاد.

وحتى الآن، أصيب 1.44 مليون عراقي بالمرض، وتوفي بسببه أكثر من 17 ألفا، فيما لم يتلق اللقاح سوى نحو مليون شخص من أصل 40 مليون عراقي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى