هل يفاجىء عون اللبنانيين بقبول تشكيلة الحريري؟
النشرة الدولية –
لبنان 24 – نوال الأشقر –
أنتظرت طويلًا دوري داخل صيدلية لابتاع علبة دواء، لست أكيدة أنّي سأجدها. أمامي إمرأة مسنّة تقول للصيدلي الشاب “دخيلك يا ابني عاملة عملية لعيني، وبدي هل القطرة، ما تقلي مش موجودة”. خلفي سيدة تتبادل الحديث مع جارتها في الطابور “عم بيقولوا بدو يعتذر، الله يستر شو راح يصير فينا أكثر من يلي صار”. تجيب الأخرى “طلع على بعبدا يقدم تشكيلة، الرئيس أكيد بيرفضها، يمكن الخميس تنفجر ويطير الدولار أكثر”.
حتمًا، لا يعلم الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري، أنّ القلق يزلزل كيان الشعب بكلّ فئاته، وأنّ عيش اللبنانيين رهن كلمة من أيّ منهما، كلمة أو إشارة، قد توقد النار، فتلتهم كل شيء، أو قد تنزع الصاعق، فتنقذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان. لو كان الرئيسان يعلمان ما يقاسيه الناس من أوجاع، لعقدا اجتماعًا، لا ينتهي قبل أن يخرجا إلى اللبنانيين، وقد شكّلا حكومة.
لا شكّ أنّ تطورات الأمس، من القاهرة إلى بيروت، حرّكت الجمود الحكومي. حيالها انقسمت التحليلات، بين من توقّعانفراجًا قريبًا، مستندًا إلى ضغوط دولية كبيرة، بدأت، وستستكمل في الساعات الفاصلة عن موعد قول عون كلمته في التشكيلة الجديدة، وبين من رأى أنّ لا حكومة قبل جلاء الصورة الإقليمية والدولية من فيينا إلى اليمن، وأن الضوء الأخضر من خلف البحار والحدود لا زال محجوبًا.
الكاتب والمحلل السياسي انطوان سعادة بحديثه لـ “لبنان 24” رأى أنّ الحراك الحكومي المستجد لن يؤدي إلى تأليف حكومة، فهناك محاولات لأخذ البلد إلى وصاية دولية بغطاء الأمم المتحدة، تحت الفصل 12 من الميثاق الأممي “من ناحية ثانية المملكة العربية السعودية لن تدعم أي حكومة سواء كان على رأسها الحريري أو غيره، فيها نفوذ لحزب الله، بنظرها، فليترك الأخير يشكّل حكومته مع فريق رئيس الجمهورية. في هذا الوقت تحاول مصر أن تملأ الفراغ السعودي في لبنان، خصوصًا أنّ وجودها لا يستفزّ الخليجي على عكس الوجود التركي”.
سعادة لا يعتبر أنّ الحريري متحمّس لتشكيل حكومة “فما الذي كان يمنعه طيلة الأشهر الماضية من تقديم تشكيلة كل 24 ساعة؟ ولماذا انتظر حوالي أربعة أشهر لتقديم تشكيلة جديدة؟ بالمقابل الرئيس عون والنائب جبران باسيل لن يسهّلا مهمة الحريري، فلماذا يقبلا اليوم ما رفضاه سابقًا لجهة تسمية الوزراء المسيحيين.
رأي آخر يقرأ في تطورات الساعات الماضية خرقًا في جدار التأليف، يتبناه المحلل في الشؤون السياسية الإقليمية والدولية جورج بطرس غانم عبر “لبنان 24″، باعتقاده، الممثل الخاص لرئيس روسيا الاتحادية في الشرق الأوسط وإفريقيا نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف،حرّك الملف الحكومي، من خلال الإتصالات التي أجراها مع كلّ من الحريري وباسيل، قبل يومين، وأعطى كلا منهما ضمانات.
عن الدور المصري، يرى غانم أنّ الحريري بلجوئه إلى مصر، يبحث عن غطاء بظل الإنكفاء السعودي. معتبرًا أنّ الكل بات مأزومًا وملزمًا بتأليف حكومة “باسيل وعون لن يحصلا على حصّة من ثمانية وزراء في حكومة ما بعد الإنتخابات، وتطيير الحكومة اليوم، سيجعلهما أمام واقع جديد بعد الإنتخابات، وتشكيل حكومة بظل انتهاء عهد عون سيخفض حصّة التيار الحكومية، خصوصًا أذا ما تراجع الحجم النيابي. وبالتالي العهد خاسر في حال لم يشكّل حكومة اليوم، والإستمرار بسياسة المكابرة ليست في صالحه، كما أنّ حزب الله لا يدعمهما في ذلك. من هنا أتى كلام باسيل قبل يومين عن تمسكهم بالحريري. الاخير ايضا في وضع مأزوم، وفي حال لم يترأس حكومة في هذا التوقيت، قد يتراجع دوره في المرحلة المقبلة”.
أضاف غانم “حزب الله رابح في هذه الحكومة، كونها منسجمة مع المحور الإيراني الروسي. وأرى أنّ الحزب سيتمنّى على العهد السير بالتشكيلة لقاء مغريات معينة. من ناحية ثانية لا نملك ترف الوقت والتفتيش عن شخصية بديلة، كما أنّ الإعتذار مرادف للإنفجار، ومقدمة لفوضى شبيهة بالسيناريو الليبي. من هنا لا أعتقد أنّ الرئيس عون قادر على الإستمرار في رفض التشكيلة، الأمر الذي سيظهره بمظهر المعطل أمام كلّ الدول، فهل يحملها؟ لا أعتقد وأتوقع أنّه سيوقّع مراسيم التأليف”.
هذا التفاؤل، لا يلغي أنّ حالةً من انعدام الحس العقلاني، طاغية على أداء المعنيين بتأليف الحكومة، والتجارب السابقة أبرز مؤشر. بأي حال الساعات المقبلة حاسمة لتبيان الخيط الأبيض من الأسود، ولو أنّ وجه الحريري المتجهّم في بعبدا، لا يوحي بأنّ الفرج بات قريبًا.