السياسيون يُضحون بلبنان على مذابح مصالحهم
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
سياسيون يضعون لبنان في نهاية سلم أولوياتهم ويضحون به على مذابح مصالحهم الخاصة ومصالح الدول التي تدعمهم، هؤلاء هم من أوصلوا لبنان إلى نقطة حرجة تُنذر بحرب ضروس لا تُبقي ولا تذر، في ظل الخراب الإقتصادي التي تسبب فيه كبار رجال الدولة، فالشعب اللبناني تحمل الكثير من حكومات تعتبر لبنان مجرد معسكر عمل لجمع المال، كون ولاءاتهم الخارجية تتفوق على وطنيتهم لوطنهم الأم، وظهر جلياً أن الوصول إلى حلول منطقية تُنقذ لبنان من الوضع الإقتصادي المتردي أصبح صعب للغاية، فالأسعار ارتفعت بشكل غير مسبوق فيما مستوى الدخل ثابت، ليجد أكثر من ثلث اللبنانيين أنفسهم ينزلقون دون رحمة من الطبقة الوسطى إلى طبقة الفقراء، فيما طبقة الأغنياء تتمسك بزيادة ثرائها الذي يجمع لهم الولاءات ويجعلهم من صفوة السياسيين.
وخلال رئاسة ميشال عون للبنان مرت الدولة بظروف صعبة جعلتها أسيرة رأس المال وتدور في فلك من يملك أكثر، لدرجة ان الشعب شعر بأن الدولة معروضة للبيع، وهنا تساءل الكثير من اللبنانيين عن مستقبل وطنهم وإلى اين سيصل، وهل ستستمر الدولة بالمسير على ذات النهج القائم على المحاصصة الطائفية، التي ما زادت لبنان إلا انقساماً وتراجعاً في شتى المجالات، أم ان لبنان تحتاج لإتفاق طائف جديد يحدد خطواتها القادمة على طريق قديمة أم أن عون سيستعيد حروبه القديمة “حرب التحرير” و”حرب الإلغاء” وقد تصل الأمور إلى “حرب الفناء”.
ومرت لبنان في الفترات الماضية بالعديد من الصعوبات من أزمة القمامة والمستشفيات والتوزيع الطائفي للمعالجة فيها، إلى الخروج من الصف العربي لتبني حكوماته سياسة مجموعة حزبية محددة، وليس سياسة دولة وهو ما تسبب في تراجع الدعم العربي للبنان، مما أدى إلى تراجع سعر صرف الليرة اللبنانية ليصل سعر الدولار اكثر من إثنين وعشرين ألف ليرة لبنانية، وهذا أمر كارثي كونه سيتسبب في إغلاق العديد من المشاريع أبوابها وإعلان إفلاسها، لترتفع نسبة البطالة وتزداد التحديات في وجه الحكومات والرئيس، اضف إلى ذلك مشكلة الكهرباء التي لم تحدث بهذه الصورة في تاريخ البلاد، حتى عند إجتياح العدو الصهيوني للأراضي اللبنانية، لكن حين اجتاح الفساد البلاد أطفأ الكهرباء وحول بيروت عاصمة النور إلى مدينة مُظلمة تحتاج لمن يشعل شمعة، لكن في ظل الصراع الحزبي التكتلي لن يقوى أحد على إشعال تلك الشمعة والتي قد تكون فتيل قنبلة كتلك التي دمرت مرفا بيروت.
وارتفعت نسبة التحديات والمواجهات حين رفض الرئيس عون تشكيلة الحكومة التي اقترحها المُكلف بتشكيلها سعد الحريري، وجاء الرفض لاسباب متعددة أهمها افتقهارها للتمثيل الطائفي، وهذه قضية شائكة في بلد يضم أكثر من مئة وخمسة أحزاب عاملة غير الأحزاب المنحلة والمحظورة، إضافة إلى عدم وجود خطة واضحة المعالم وحلول جدية لمواجهة القضايا الإقتصادية، وهذه الأمور تُؤثر على غالبية الشعب الذي يتهم الرئيس عون بأنه جزء من هذه المشاكل، بل اتهموه بأنه فشل في إحداث تغيرات جذرة كما وعدهم خلال حملته الإنتخابية والتي كان شعارها “الإصلاح والتغير”، ليجد اللبنانيون أنه لا إصلاح حصل ولا تغير تمت ملامسته.
لقد ثبت بما لا يدع مجال للشك ان تكريس النمط التوافقي بين الأحزاب والحركات ينعكس سلباً على حياة اللبنانيين، بل يضعهم في نهاية سلم أولويات الحكومات المتعاقبة، والتي عملت على إرضاء السياسيين الباحثين عن مصالحهم الخاصة أو مصالح الدول الخارجية التي تدعمهم وليس بحثاً عن مصالح اللبنانيين، وهنا ينتظر اللبنانيون الغد ويأملون أن يكون أفضل وقد يكون كارثياً كونه مشروط بالنهج السياسي القادم، لنجد ان المستقبل بيد مجموعة من السياسيين، فهل يستعيد هؤلاء مواطنهم أم سيصحوا ذات يوم ليجدوا أنفسهم بلا وطن؟، فالغضب الشعبي إذا اختلط بالجوع سيكون من الصعب السيطرة عليه وسيجعل الجميع يدفعون الثمن، فهل يستحق لبنان من صُناع السياسة والإقتصاد الإلتفاف حول وطنهم وبنائه والإرتقاء به أم سيستمرون في الإلتفاف عليه ليسقطوه ويسقطوا معه؟، هذا ما ستُظهره الايام القادمة وتبين قيمة لبنان الوطن عن أبنائه.