مفاجآت صادمة في جوائز مهرجان “كان” الرابع والسبعين… السعفة الذهبية لفيلم “تيتان”
النشرة الدولية –
اندبننت عربية + مواقع –
عوّدتنا لجان التحكيم في مهرجان “كان” السينمائي على مفاجآت غير متوقعة، كثيراً ما تراوغ توقعات النقاد والصحافيين، لكن ما حدث الليلة، في حفل جوائز الدورة الرابعة والسبعين من المهرجان، شكل صدمة غير مسبوقة ستبقى ماثلة في ذاكرة “الكروازيت” (شارع في كان) لسنوات طويلة. فقد وصفت خيارات لجنة التحكيم، برئاسة الأميركي سبايك لي، بـ”المجزرة”. ولم يخرج سالماً من بين ترجيحات النقاد سوى خيار واحد تمثل في منح جائزة أفضل تمثيل نسائي إلى النرويجية رينات رينسفه، عن دورها في فيلم “أسوأ رجل في العالم” لجوهاكيم ترير.
عدا عن ذلك، انقلب حفل الجوائز من مفاجأة مخيبة إلى أخرى، وخرجت أربعة من أبرز الأفلام المرشحة خالية الوفاض تماماً من حصاد الجوائز، وهي “ثلاثة طوابق” لناني موريتي، و”أولمبياد” لجاك أوديار”، و”حمى بيدروف” لكيريل سيريبرينيكوف، و”عل صوتك” لنبيل عيوش، لتعود السعفة الذهبية إلى فيلم “تيتان” Titane للفرنسية جوليا ديكورنو، وهو العمل الذي واجهت مخرجته موجات عارمة من السخرية والنقد، خلال مؤتمرها الصحافي، وصلت إلى حد وصف الفيلم بـ”المسخ”.
وأجمع النقاد على أن ضعف البنية الإخراجية لهذا الفيلم وضبابية قصته جعلته يتحول – من دون قصد – إلى كوميديا مثيرة للسخرية، فيما كانت مخرجته تريد له أن يكون فيلم رعب: قصة فتاة مغرمة بمعدن التيتان تمارس الجنس مع سيارة، وتنجب منها طفلاً من التيتان ترضعه بدل الحليب زيت محركات.
حتى فيلم “قهرمان” لأصغر فرهادي، الذي كان المرشح الأبرز للسعفة الذهبية، على الرغم من أنه نال “الجائزة الكبرى”، فإن هذه المكافأة، التي تعد ثاني أهم الجوائز في مهرجان “كان”، منحت له مناصفةً مع “القاطرة رقم 6” للفنلندي جوهو كيوسمانن، وهو أمر لم يستهجنه النقاد فحسب، بل استغربه المخرج نفسه. فقد خاطب كيوسمانن، فرهادي، وهما على المنصة لتسلم الجائزة، قائلاً “من شدة إعجابي بفيلمك، لا أفهم لماذا منحت لي الجائزة مناصفة معك”.
ومُنحت جائزة الإخراج إلى فيلم الافتتاح “آنيت” للفرنسي ليوس كاراكس، على الرغم من إجماع النقاد على أنه شكّل سقطة غير جديرة بصاحب رائعة Holly Motors، بينما شكلت جائزة السيناريو مفاجأة أقل وطأة، إذ نالها للياباني هاماغوشي ريوسوكي، عن فيلم “سوقي سيارتي”، وهو فيلم لقي بعض الاستحسان النقدي.
أما جائزة لجنة التحكيم فمُنحت مناصفةً إلى التايلاندي أبيشابونغ فيراشيتاكول، الذي سبق أن نال السعفة الذهبية عام 2010 عن فيلمه “العم بونمي الذي يتذكر حيواته السابقة”، والإسرائيلي نافاد لابيد، عن فيلمه “ركبة آهيد”. هنا أيضاً، لم يكن خيار لجنة التحكيم مفهوماً ولا منطقياً، ففيلم فيراشيتاكول Memoria ينتمي إلى سينما التغريب ذات المنحى العبثي، فيما يندرج فيلم لابيد ضمن السينما اليسارية الإسرائيلية ذات النفس النضالي، إذ تضمن مرافعة عنيفة ضد سياسات وزارة الثقافة الإسرائيلية والشروط المجحفة التي وضعتها أخيراً لإقصاء السينمائيين الفلسطينيين حاملي الجنسية الإسرائيلية من الحصول على دعم صندوق السينما العمومي الإسرائيلي.
ومن بين كل النجوم المشاركين في الأفلام المتنافسة، شين بن، تيم روث، آدام دريفر، ريكاردو سكامارشيو، أندريه ديسولييه، وغيرهم، وقع خيار لجنة التحكيم على الأميركي كوليب لندري جونز لمنحه جائزة أفضل تمثيل ذكوري عن دوره في فيلم “نيتام” Nitam للمخرج الأسترالي جستن كوزيل، الذي مر عليه النقاد مرور الكرام.
حيال كل هذا القدر من المفاجآت الغريبة والخيارات المخيبة، بلغت موجات الاستياء حد تساؤل بعض النقاد، حول ما إذا كان يجب تثمين إصرار إدارة مهرجان كان على إقامته هذه السنة، على الرغم من التحديات الصحية المرتبطة الجائحة؟ أم كان من الأفضل لو عصفت به الجائحة، على غرار العام الماضي، لتفادي مثل هذه “المجزرة” الصادمة لصناع الفن السابع ومحبيه؟
وفاز المخرج الإيراني أصغر فرهادي بالجائزة الكبرى في المهرجان، وهي ثاني أهم جائزة بعد السعفة الذهبية، وقد نالها مناصفة مع الفنلندي يوهو كووسمانن.
وحصل فرهادي على الجائزة عن فيلمه ”إيه هيرو“ (”بطل“) عن مجتمع إيراني ينهشه انعدام الثقة بين أفراده.
وبعد تجربتين عالميتين لم تقنعا النقاد عبر فيلمي ”ذي باست“ (2013) و“إيفريبادي نوز“ (2018)، عاد المخرج إلى بلاده وموضوعاته المفضلة المتمثلة في إحصاء الشرور التي تعترض طريق التحرر والسعادة في المجتمع، مع فيلم روائي طويل جديد مدته ساعتان.
وقال فرهادي البالغ 49 عاماً لدى تسلمه جائزته إنه لم يفعل ”شيئاً سوى كتابة الأفلام“ وتصويرها ”رغم كل العراقيل والصعوبات والضغوط والعقبات التي كان من الممكن“ أن تثنيه عن ذلك، مشدداً على ضرورة ”تعزيز الوعي“ في إيران.
وأضاف: ”ما زلت آمل، من خلال إثارة الأسئلة، في أن أتمكن من المساعدة في تحسين الأمور، ما يمكن أن ينقذ بلدي ويحسنه هو تعزيز الوعي“.
ونال فرهادي الجائزة بالتساوي مع الفنلندي يوهو كووسمانين الذي أخرج فيلم ”كومبارتمنت نمبر 6″، عن لقاء بين فنلندية وروسي خلال رحلة بالقطار بين موسكو ومورمانسك في شمال الدائرة القطبية الشمالية.
أفضل ممثل
في ذات الإطار، فاز الممثل الأمريكي كاليب لاندري جونز بجائزة أفضل ممثل عن فيلم ”نيترام“.
ويؤدي دور شاب يعاني اضطراب الشخصية الحدية يستعد لارتكاب إحدى أفظع جرائم القتل الجماعي في تاريخ أستراليا.
وقال الممثل البالع 31 عاماً الذي سبق أن برز خصوصاً في الأفلام الأمريكية المستقلة ”أنا متأثر جداً. شكرا. تباً“.
أفضل ممثلة
وفازت الممثلة رينات رينسفي بجائزة أفضل ممثلة عن أدائها في فيلم ”ذي وورست برسن إن ذي وورلد“ الذي تجسد فيه دور شابة تبحث عن ذاتها.
وقالت الممثلة البالغة 33 عاماً التي اكتشفها الجمهور في المهرجان وهي تبكي ”هذه الجائزة هي لكثيرين“.
وأضافت ”لقد كانت تجربة رائعة وجميلة“، مشيدة بلجنة التحكيم إذ قالت أنها تكنّ لها ”إعجاباً كبيراً“.
أفضل مخرج
وفاز المخرج الفرنسي ليوس كاراكس بجائزة أفضل مخرج عن فيلم أوبرا الروك الغنائي ”أنيت“ الذي يتولى بطولته آدم درايفر وماريون كوتيار.
وحصل كاراكس البالغ الستين على الجائزة بعد تسع سنوات على فيلمه الأخير ”هولي موتورز، وقد شاركته فرقة ”سباركس“ الأميركية الشهيرة في كتابة سيناريو وموسيقى ”أنيت“ الذي عُرض في افتتاح المهرجان.
وتسلم الجائزة أحد الموسيقيين وهو رون مايل نظراً إلى غياب المخرج. وقال عنه إنه ”ليس مخرجاً فرنسياً عظيماً فحسب، بل صانع أفلام ضخم“.
وأضاف: ”للأسف لم يستطع ليوس كاراكس الحضور بيننا“.
وتابع قائلا ”كان يعاني مشكلة في أسنانه. لكننا سعداء بفوزه بهذه الجائزة ونحن متأثرون جداً بمشاركتنا في فيلم ليوس كاراكس“.
ويتمحور ”أنيت“ على الحب والمجد والسقوط، من خلال قصة زوجين حققا النجومية في لوس أنجليس.
حصد فيلم ”ريش“ للمخرج المصري عمر الزهيري، جائزة جديدة بعد حصوله على الجائزة الكبرى لأسبوع النقاد الدولي منذ أيام.
وأعلنت الشركة المنتجة للفيلم، عن حصول الفيلم على جائزة فيبريسي لأفضل فيلم في الأقسام الموازية، بمهرجان كان السينمائي الذي يختتم فعالياته اليوم السبت.
ونشرت شركة شركة Lagoonie Film Production للمنتجة شاهيناز العقاد، صورة من الفيلم، وعلقت عليها قائلة: ريش للمخرج عمر الزهيري يحصد الجائزة الثانية في مهرجان كان السينمائي.. جائزة فيبريسي لأفضل فيلم في الأقسام الموازية“.
ويمزج الفيلم بين الواقع والفانتازيا، إذ يتناول قصة أب يقرر إقامة عيد ميلاد ابنه الأكبر فيحضر ساحرا لتقديم بعض الفقرات المسلية للأطفال، وفي إحدى الفقرات يدخل الأب في صندوق خشبي ليتحول إلى دجاجة.