التأليف.. بين الطائف والاعراف الجديدة
النشرة الدولية –
لبنان 24 – هتاف دهام –
في المبدأ، حسم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس مكلف لتشكيل الحكومة ستجرى في موعدها، وأي طلب محتمل لتأجيلها يجب أن يكون مبررا ومعللا، فالرئيس عون، ومن دون أن ينتظر المشاورات السياسية الداخلية استعجل الاستشارات ربطاً بمواقف المجتمع الدولي التي حثت بعد اعتذار الرئيس سعد الحريري على الاسراع في تأليف حكومة تنفذ الاصلاحات وتحضر للانتخابات النيابية المقبلة.
ومع ذلك لم يحسم رسميا الاسم الذي سيكلف يوم الاثنين، فمصير التكليف والتأليف لا يزال غامضاً، فالرئيس نجيب ميقاتي لم يحسم ترشحه رسميا وان كان هو الاوفر حظا لتكليفه تأليف الحكومة، فلا أحد يتقدم عليه فهو يحظى بدفع فرنسي قوي وبتأييد أميركي ومصري وعربي وخليجي . اما محليا فهو يحظى أيضا بمباركة من الطائفة السنية، ومن الرئيس سعد الحريري ورؤساء الحكومات السابقين، فضلا عن تأييد من رئيس مجلس النواب نبيه بري ومعظم قوى الثامن من آذار، والحزب التقدمي الاشتراكي وعدم ممانعة من حزب الله الذي وفق المعلومات سيحدد موقفه من التسمية يوم الاثنين، علما انه يرى في تكليف ميقاتي فرصة ايجابية.
وبانتظار ان تحدد كتلة الجمهورية القوية موقفها اليوم فإن موقف التيار الوطني الحر لا يوحي بـ”الخير الحكومي” كما تقول أوساط بارزة في 8 اذار وتبدي قلقا من “خطوة لئيمة” قد يقدم عليها التيار العوني تخلق اصطفافات طائفية الجميع بغنى عنها، خاصة وأن ما يطرح اليوم من عناوين لتأليف الحكومة ينطلق من الدستور وما نص عليه، وينسجم مع اتفاق الطائف ويحترم صلاحيات الرئاسات الثلاث وينسجم مع المبادرة الفرنسية الامر الذي يفرض على المعنيين في التيار البرتقالي اجراء مراجعة لأداء المرحلة الماضية خاصة وانه لم يبق كثيرا من عمر العهد الرئاسي، وعدم الذهاب إلى طرح أسماء من شأنها ان تدفع نحو تأجيل الاستشارات.
اذا جرى تخطي حاجز التكليف بسلام، كيف سيتم تجاوز مطبات التأليف؟
وفق المتابعين، الساعات المقبلة ستكون حاسمة على خط الاتصالات والمشاورات، خاصة وأن المعنيين بالتأليف يبدون خشية من العقبات التي قد توضع أمام قطار التأليف وأن يتكرر المشهد نفسه قبل اعتذار الحريري، لناحية استمرار العهد في فرض الشروط المتصلة بالثلث الضامن والتي تخالف نصوص الدستور واحكامه وروحيته، علما أن موقف الرئيس عون لم يتضح بعد بشكل رسمي من ترشيح الرئيس ميقاتي الذي سينطلق، في حال انتهت استشارات الإثنين الى تسميته، الى تأليف الحكومة سريعا وفق احكام الدستور مع تركيزه على تشكيل فريق عمل حكومي من الاختصاصيين لا يستفز أحدا في الداخل او في الخارج.
من هنا ترى أوساط متابعة أن التركيز منصب على التواصل مع ميرنا الشالوحي من أجل دفعها نحو تدوير الزوايا والكف عن رفع السقوف ، فالمرحلة ليست سهلة، ولا احد يملك ترف الوقت، واذا كان هناك من يندفع لتلقف كرة النار بيديه لوقف الانهيار والذهاب إلى تأليف حكومة تنفذ الاصلاحات وتتفاوض مع صندوق النقد الدولي وتعالج أزمة الدولار في مرحلة دقيقة على كل المستويات وتستدعي قرارات غير شعبوية، فان المنطق يستوجب التعاطي معها بايجابية وانفتاح، بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة.
الاكيد أنه اذا تكرر السيناريو نفسه مع الرئيس ميقاتي او سواه لناحية التمسك بالشروط التي قدمها الرئيس الحريري المكرسة بالدستور، ولناحية القيود التي وضعها التيار الوطني الحر على اي تأليف، سيبدو المشهد وكأنه صراع ماروني – سني على خلفية تمسك السنة باتفاق الطائف من حيث الصلاحيات التي منحها لرئيس مجلس الوزراء المكلف في تشكيل الحكومة وبين التيار الوطني الحر الذي يريد نسف الطائف عبر تكريس اعراف جديدة تتجاوز ما نص عليه اتفاق الطائف وتجعل من موقع رئاسة الجمهورية متقدما في تشكيل الحكومات على موقع الرئيس المكلف.