الشركات المتعددة الجنسيات والتهرب من الضرائب «2 من 2»
بقلم: جوزيف ستيجليتز
النشرة الدولية –
يعد بعض المراقبين “الركيزة الأولى” دعما للحد الأدنى من الضرائب، وبالتالي فإنهم لا يهتمون بغياب المبادئ الاقتصادية التي توجه بناءها. إن جزءا صغيرا فقط من الأرباح التي تتجاوز عتبة بعينها يمكن تخصيصه – وهذا يعني ضمنا أن الحصة الإجمالية في الأرباح التي سيجري تخصيصها صغيرة حقا. ولكن مع السماح للشركات بخصم كل مدخلات الإنتاج، بما في ذلك رأس المال، تعـد ضريبة دخل الشركات في حقيقة الأمر ضريبة على الريع أو الأرباح الصافية، ويجب أن تكون كل هذه الأرباح الصافية قابلة للتخصيص. وبالتالي، فإن مطالبة بعض البلدان النامية بإخضاع حصة أكبر من أرباح الشركات لإعادة التخصيص تصبح أكثر من معقولة.
لا يخلو الأمر من جوانب أخرى مزعجة في هذه المقترحات، فبقدر ما يمكن اكتشافه “كانت الشفافية أقل، وكانت المناقشة العامة للتفاصيل أقل مما كنا نتوقع”. يتعلق أحد هذه الجوانب بتسوية المنازعات، التي من الواضح أنها من غير الممكن أن تدار باستخدام أشكال التحكيم السائدة الآن في اتفاقيات الاستثمار، ولا ينبغي أن تترك لبلد الشركة “الأصلي”، “خاصة مع الشركات الطليقة غير المقيدة التي تبحث عن مواطن مواتية”. تتلخص الإجابة الصحيحة في إنشاء محكمة ضريبية عالمية تتمتع بالشفافية، والمعايير، والإجراءات المتوقعة من عملية قضائية في القرن الـ21.
تتعلق سمة إشكالية أخرى للإصلاحات المقترحة بحظر “الإجراءات الأحادية”، والمقصود منها ظاهريا الحد من انتشار الضرائب الرقمية. لكن العتبة المقترحة بمقدار 20 مليار دولار تترك عديدا من الشركات المتعددة الجنسيات الكبرى خارج نطاق الركيزة الأولى، ومن يدري ما الثغرات التي قد يجدها محامو الضرائب الأذكياء؟ نظرا إلى المخاطر التي تهدد القاعدة الضريبية لأي بلد – ومع صعوبة إبرام اتفاقيات دولية واكتساب الشركات المتعددة الجنسيات قدرا عظيما من القوة – فربما يضطر صناع السياسات للجوء إلى تدابير أحادية الجانب.
من غير المنطقي أن تتنازل البلدان عن أي من حقوقها الضريبية لمصلحة الركيزة الأولى المحدودة التعسفية. ولا تتناسب الالتزامات المطلوبة مع الفوائد المقدمة.
الواقع أن قادة مجموعة العشرين يحسنون صنعا بالموافقة على حد أدنى للضريبة العالمية بما لا يقل عن 15 في المائة. وبصرف النظر عن المعدل النهائي الذي يشكل الحد الأدنى لـ 139 دولة تتفاوض حاليا على هذا الإصلاح، سيكون من الأفضل أن تفرض بعض الدول على الأقل معدلا أعلى، سواء من جانب واحد أو كمجموعة. تخطط الولايات المتحدة، على سبيل المثال، لمعدل 21 في المائة.
من الأهمية بمكان معالجة مجموعة من القضايا التفصيلية المطلوبة للتوصل إلى اتفاق ضريبي عالمي، ومن المهم خصوصا التعامل مع البلدان النامية والأسواق الناشئة، التي لم تكن أصواتها دوما مسموعة بوضوح كما ينبغي لها.
في المقام الأول من الأهمية، سيكون من الضروري إعادة النظر إلى القضية في غضون خمسة أعوام، وليس سبعة أعوم، كما هو مقترح حاليا. وإذا لم تزدد الإيرادات الضريبية، بما يتفق مع الوعود، وإذا فشلت الأسواق النامية والناشئة في اكتناز حصة أكبر في هذه الإيرادات، فسيكون من الواجب زيادة الحد الأدنى للضريبة وإعادة ضبط صيغ تخصيص “الحقوق الضريبية”.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2021.