بايدن ومعركته الجديدة بسبب خط الأنابيب الروسي
بقلم: ديان فرانسيس

النشرة الدولية –

يحاول الرئيس الأميركي جو بايدن عقد اتفاق مع ألمانيا حول خط أنابيب «نورد ستريم 2» الذي أطلقه فلاديمير بوتين، لكن تخضع جهوده هذه لتدقيق واسع وتواجه معارضة محلية متزايدة، إذ تؤكد التطورات الأخيرة على جاهزية الكرملين لاستعمال إمدادات الطاقة كسلاح جيوسياسي.

تستمر المحادثات بين الولايات المتحدة وألمانيا حول إيجاد طرق محتملة لتجنب أي عواقب سلبية لاكتمال خط أنابيب الغاز في بحر البلطيق، فقد أعلن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أن هذه النقاشات تهدف إلى «منع روسيا من استعمال الطاقة كأداة قسرية ضد أوكرانيا أو أي طرف آخر».

لكن يظن المعارضون أن الإكراه هو الهدف الأساسي من مشروع خط أنابيب «نورد ستريم 2». برأيهم، لن ينجح أي حل من الحلول التي تخضع للنقاش راهناً، وتسود مخاوف إضافية من عدم مشاركة الدول الأكثر تضرراً من خط الأنابيب في النقاشات الراهنة، على رأسها أوكرانيا وبولندا.

من المنتظر أن ينتهي العمل على مشروع «نورد ستريم 2» في شهر أغسطس المقبل، وتتوق روسيا إلى تجاوز سلسلة من العقبات السياسية والقانونية والتنظيمية القادرة على إعاقة خط الأنابيب.

يعني تراجع كميات الغاز الروسي التي تمرّ بأوكرانيا أن مخزون الغاز في أنحاء أوروبا أصبح اليوم في أدنى مستوياته منذ عشر سنوات، وفي هذا السياق، أطلقت وكالة «إنترفاكس أوكرانيا» التحذير التالي: «بلغ ضخ الغاز في منشآت التخزين تحت الأرض أدنى مستوياته، مما يعني أن تلك المنشآت ستكون نصف فارغة في موسم الشتاء المقبل».

في الأسابيع الأخيرة، أثبت بوتين مجدداً أنه ليس شريكاً جديراً بالثقة، ورغم تشديد بايدن على ضرورة وقف الاعتداءات الإلكترونية خلال القمة التي جمعته مع الرئيس الروسي في 16 يونيو، نُسِب عدد من الاعتداءات البارزة ضد أهداف أميركية إلى مصادر روسية منذ لقاء جنيف.

كذلك، أعلن بوتين في تصريح سابق له في شهر يونيو أن كييف يجب أن تثبت «حُسن نواياها» تجاه روسيا لمتابعة نقل إمدادات الغاز عبر أوكرانيا. تكشف هذه التهديدات المبطّنة الواقع المسلّح وراء الأفكار الاقتصادية التي تُستعمَل في معظم الأوقات لتبرير التعاون مع الكرملين في مجال الطاقة.

لم يكن مشروع «نورد ستريم 2» ضرورياً يوماً من الناحية الاقتصادية الصرفة، بل إنه انعكاس لنظام الترانزيت الأوكراني ويهدف بشكلٍ أساسي إلى تجاوز أوكرانيا، وسيؤدي هذا الوضع إلى إضعاف أوكرانيا مالياً وتراجع أهميتها الجيوسياسية بالنسبة إلى بقية دول أوروبا، مما قد يُمهّد لتصاعد الاعتداءات العسكرية الروسية المتواصلة ضد البلد، كذلك، قد يؤدي خط الأنابيب عند اكتماله إلى إحكام قبضة روسيا على أسواق الغاز الأوروبية.

يمكن اعتبار هذه التهديدات السبب الكامن وراء إقدام الحكومة الأميركية على فرض عقوبات جذرية جديدة في ديسمبر 2020 لمنع اكتمال مشروع «نورد ستريم 2»، حيث أدى رفض بايدن تطبيق هذه العقوبات لاحقاً إلى تأجيج المواجهة التي يخوضها مع حلفاء أوروبيين أساسيين وأطراف كثيرة في واشنطن. منع السيناتور تيد كروز الداعم للعقوبات الموافقة على جميع مرشّحي بايدن لمناصب وزارة الخارجية في مجلس الشيوخ إلى حين فرض العقوبات مجدداً.

في بداية شهر يوليو، مررت لجنة مجلس النواب تعديلاً لمنع بايدن من التخلي عن العقوبات المُصادق عليها، وفي هذا السياق، قالت النائبة الديموقراطية مارسي كابتور: «هذه العقوبات إلزامية لا اختيارية».

لكن رغم قوة المعارضة لمشروع خط الأنابيب، تفيد التقارير بأن إدارة بايدن لا تزال تأمل عقد اتفاق تجريبي حين تزور المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الولايات المتحدة في منتصف شهر يوليو، فقد يحاول البيت الأبيض حينها نيل موافقة رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي الذي تلقى دعوة لزيارة البلد بعد أسابيع، لكن يصعب أن نتوقع موافقة الرئيس الأوكراني على مشروع خط الأنابيب إذا كان مُصمّماً لإخضاع بلده.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى