إعدام أوطان

النشرة الدولية –

يظنون أن الوطن حدود مقدسة متناسين ان من رسمها الإستعمار ، ويعتقدون أن الوطن ينهض بتأليه قيادات سيُفنيها الدهر، ويذهبون لابعد من ذلك بأن الوطن غناء وطرب وتصريحات رنانة لإعلامي منافق، لنجد انهم يعدمون الوطن بكذبهم الذي يتحول لفساد وسرقات، فهؤلاء لا يدركون يفكرهم القاصر ان الوطن أنا وأنت والآخرين بجميع الإختلافات العرقية والدينية ولون البشرة والجنس، وبجميع الإختلالات الطبقية والطبقات الحزبية، فالوطن هو الأم القادرة على لم شمل الغني والفقير ، القوي والضعيف، المُتعلم والجاهل، المشلول وصحيح الجسم، والحاكم والمحكوم، والمسؤول والشعب، وفي حال اختلت الموازين ينقلب الوطن من جنة نعيم إلى جهنم يتعذب بها الجميع.

لقد ضلوا الطريق ودخلوا في تيه بني إسرائيل ليفشلوا في ايجاد طريق الوطن منذ أعدموا الوطن الكبير، حين قطعوه إلى أجزاء  وأجزاء، وأنشأوا له جامعة دول عربية كان في الأصل أن يسموها “مفرقة الدول العربية” كونها زادت من فرقته ومنحت قدسية كاذبة لكل جزء من أجزائه، ومنحت كل جزء صغير أو كبير مسمى وطن، وأن لكل جزء حدود لا يسمح للأخ الشقيق بالإقتراب منها، فيما شُذاذ الآفاق يدخلونها من أي باب ولهم صلاحيات لا يحق لابناء الوطن ذاته الوصول إليها، والغريب العجيب ان حُراس الأجزاء المقطعة يعتقدون أنهم يسعون لإعادة الوطن الكبير بحماية كل جزء فيه من تهديدات الجزء الآخر، ولم يتنبه أي منهم أن “سايس وبيكو” نفذا حُكم الإعدام ميدانياً بالوطن الكبير وعلى طريقة خونة الأوطان، وعلى طريقة محاكمات الثورات، ولم يتنبه اي جزء إلى أن ارتداد الطلقات ستقتله.

تقسمنا وتقسمنا حتى أصبح سكان كل دولة يبحثون عن المزيد من التقسيم، لرغبة البعض بالقيادة حتى لو على متر مربع، كون مرض القيادة اصاب البعض بلوث عقلي، لذا سنجد ان عدد الدول في جامعة الدول العربية والأمم المتحدة سيزداد ويصبح لنا أصوات أكثر لكنها كغثاء السيل بلا قيمة ، فالسودان أصبح دولتين واليمن يمنين، والعراق عراقين وسوريا تعددت حتى تهنا في العد، ومصر نجت بإعجوبة من تقسيم رهيب، والسعودية قد تعود نجد والحجاز، فمنذ رضينا بقسمة “سايس بيكو” وصمتنا على الدمار القادم، أصبحنا غير قادرين على وقف المخطط الساعي لغرس خنجر في كل منطقة عربية كالكيان الصهيوني، لذا سنجد في قادم الايام عدد من الكيانات التي يتم إقتطاعها من الوطن الكبير لتصبح وطن للخيانات الصغير.

ان الأم حين تموت لا تنجب طفل طبيعي وفي غالبية الحالات يموت الطفل، فهل سيشذ الوطن الأم عن الطبيعية وينجب أوطان مختلفة تكون قوية وقادرة على العيش، أم أن الموت سيلاحق الجميع لا سيما أن هذه الاوطان فقدت أجزاء منها، فسوريا فقدت لواء الاسكندرونة الذي احتله تركيا، والإمارات اضاعت جزر طنب الصغرى والكبرى وابو موسى، وفي المغرب لا زالت مدينتي سبته ومليلة وجزيرة ليلى وعشرين جزيرة أخرى محتلة من قبل القوات اسبانية، كما تحتل إيران منطقة عربستان “الأهواز” في العراق قبل ان تحتل العراق بمجمله ليلحق بفلسطين المحتله، لقد ظهر انه من الصعب أن تعود الدول العربية إلى الإلتئام بعد أن ذاق الرؤساء والملوك والأمراء طعم القيادة، لذا لن يتخلى اي منهم عن حكمه لغيره، لتصبح الفرقة والإنقسام الطريق الأخير والأزلي مما يعني أن القادم أسوء وأخطر إذا ما بقيت جامعة الدول العربية مجرد مبنى بلا روح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى