معدلات البطالة في غزة ترتفع والفقر يصل إلى 85%
النشرة الدولية –
اندبندنت عربية –
مع استمرار إسرائيل في تضييق طبيعة عمل المعابر الحدودية التي تربطها مع قطاع غزة، ومنع وصول المواد الخام إلى القطاع، وعدم السماح للبضائع المنتجة محلياً من التصدير، اضطر عدد من كبار المصانع التجارية إلى إغلاق أبوابها بشكل تام.
والأمر يعود في الأساس، إلى فرض السلطات الإسرائيلية حصاراً شديداً على غزة، منذ القتال العسكري الأخير الذي انتهى في 21 مايو (أيار) الماضي، كإجراء عقابي، وهو ما تراه الفصائل الفلسطينية شرارة لمعركة عسكرية جديدة في حال رفضت تل أبيب تقديم تسهيلات للسكان.
ووفق تقديرات غرفة التجارة والصناعة في القطاع، فإن حوالى 500 مصنع أغلقت أبوابها منذ بدء الحصار عام 2007، وخلال الشهرين الأخيرين أغلق أكثر من 300 مصنع، 100 منها دمرتها المقاتلات الحربية خلال القتال العسكري الأخير، وتشير بيانات غرفة التجارة والصناعة إلى أن نحو 30 ألف عامل فقدوا مصادر رزقهم، الأمر الذي زاد نسبة البطالة في القطاع وتسبب في خسائر اقتصادية فادحة.
ومن بين الشركات التي أغلقت أبوابها بشكل كامل، إحدى شركات المشروبات الغازية المعروفة عالمياً، وهي تعمل في غزة منذ 70 عاماً، ويقول مديرها همام اليازجي، إن نفاد المواد الخام أجبرنا على التوقف عن العمل، وتسريح العمال البالغ عددهم حوالى 300، وجميعهم باتوا في أوضاع معيشية صعبة حتى إشعار آخر.
وبحسب اليازجي، فإن سياسة إسرائيل في التحكم في معابر غزة جعلتهم يتكبدون خسائر يومية تصل إلى 10 آلاف دولار، والإجراءات الأخيرة التي تتخذها تل أبيب بحق القطاع، تعرقل طبيعة عمل المصانع.
وتعود أسباب إغلاق المصانع أيضاً إلى رفض إسرائيل السماح للبضائع المحجوزة داخل الموانئ والمخازن في أراضيها من الدخول إلى قطاع غزة، ويقول علي الحايك، رئيس “جمعية رجال الأعمال” (مؤسسة غير حكومية)، إن مجمل الخسائر التي لحقت بالاقتصاد في غزة تصل إلى 500 مليون دولار، بسبب توقف المصانع عن العمل، و150 مليون دولار بسبب حجز إسرائيل البضائع، ما تسبب في تجميد رأس المال وخلق مشكلات مالية للتجار وأصحاب المنشآت.
لم يقتصر الأمر على فكرة منع استيراد المواد الخام والسماح بدخولها إلى القطاع، إذ لا تزال إسرائيل ترفض تصدير منتجات القطاع إلى الخارج، الأمر الذي تسبب في إغلاق جميع المصانع التي تعمل على إعداد منتجات للتصدير الخارجي، وكان من بينها أحد المصانع المختص في خياطة الملابس وتصدير منتجاته إلى الضفة الغربية وإسرائيل، ويقول مديره بشير البواب، إنهم كانوا يصدرون للخارج مرتين في الأسبوع، ولكن بعد منع ذلك من قبل إسرائيل، تكدست البضائع لدينا، ما دفعنا على إغلاق المصنع وتسريح نحو 500 عامل، بعدما قدرت الخسارة خلال الشهرين الماضيين بحوالى 90 ألف دولار.
في المقابل، تقول إسرائيل، إنها سمحت بتصدير بعض المنتجات من القطاع إلى أسواقها والضفة الغربية، من باب تقديم تسهيلات اقتصادية، لكن في الواقع ما سمحت تل أبيب بإخراجه من غزة مقتصر على المنتجات الزراعية، في حين ما زال المصدرون يواجهون عديداً من المشكلات، ويقول مسؤول العلاقات العامة في غرفة تجارة وصناعة غزة، ماهر الطباع، “لا تتوفر أي إمكانات في معبر كرم أبو سالم لخروج المنتجات الزراعية ولا الصناعية، إذ عملية تنزيل وتحميل البضائع للتفتيش مرات عدة تؤثر على الجودة”.
وفي الواقع، بات إغلاق مصانع في غزة يحدث بشكل يومي، ويعد القطاع الخاص في مقدم الخاسرين، كونه المشغل الأكبر لليد العاملة في القطاع، ولهذه الأزمة تأثير واضح على معدلات ارتفاع معدلات البطالة والفقر في غزة.
ووفق بيانات “مركز الإحصاء الفلسطيني”، (مؤسسة حكومية)، فإن معدلات البطالة ارتفعت خلال شهرين إلى مؤشر 89 في المئة، وهي الأعلى في الأراضي الفلسطينية، في وقت كانت معدلاتها قبل القتال العسكري تصل إلى 70 في المئة.
ويقول رئيس الاتحاد العام لنقابات عمل فلسطين سامي العمصي، إن الأرقام تشير إلى وجود أكثر من 100 ألف عامل في غزة فقدوا، خلال سنوات الحصار، مصدر رزقهم، منهم نحو 30 ألف انضموا لصفوف البطالة خلال الشهرين الأخيرين، وبحسب العمصي أيضاً، فإن إجمالي العاطلين من العمل، سواء كانوا عاملين وفقدوا مصدر رزقهم، أو غير عاملين من الأساس، أو خريجين ولم يحصلوا على فرصة عمل، يقدر بأكثر من ربع مليون شخص، لافتاً إلى أن ذلك مؤشر خطير على قطاع العمال والاقتصاد.
كما زادت معدلات الفقر إلى 85 في المئة بين صفوف سكان غزة، ويلفت العمصي إلى أن معدل دخل الفرد العامل يومياً يصل في أحسن الأحوال إلى 10 دولارات، وهو أقل من خط الفقر الذي يحدد التحصيل اليومي بحوالى 25 دولاراً.
وبحسب مركز الإحصاء الفلسطيني، فإن خريج الجامعات في غزة يحتاج من ستة أشهر إلى 72 شهراً، وهو يبحث عن فرصة عمل، وفي العادة، تكون خارج تخصصه الدراسي، وبراتب شهري لا يزيد على 250 دولاراً أميركياً.