لبنان…”الولاء للوطن”.. تصويب لمكامن الخلل.. ام “شيك من دون رصيد”
النشرة الدولية –
لبنان 24 – هتاف دهام –
لا شك ان أسباب الازمة الحقيقية التي يعاني منها لبنان تعود في معظمها الى الصراع على السلطة ؛ الاستقواء بالخارج؛ إقامة كيانات مسلحة تعمل خارج إطار شرعية الدولة؛ الانخراط في صراع المحاور الإقليمية ؛ بالإضافة الى سيطرة منظومة الفساد الطائفي المتحكمة بلبنان، وكل ذلك أدى الى انهيار الاقتصاد والنظام المصرفي، وانتشار البطالة، وتفشي الهدر والفساد وغياب المساءلة والمحاسبة ، وانحلال دولة القانون والمؤسسات، فضلا عن التخبط السياسي ، والفساد الأخلاقي ، والانهيار الاقتصادي ، والإفلاس المالي، وصولا الى ان لبنان بات في شبه العزلة العربية والدولية، هذا ما يؤكده تجمع تجمع الولاء للوطن الذي أعلن يوم السبت عن وثيقة “سيادة وطن …وكرامة مواطن” والتي التزم بمضمونها واهدافها أكثر من 130 ضابط متقاعد من مختلف الاسلاك الأمنية ومن مختلف المناطق اللبنانية.
وفي هذا الاطار يقول العميد الركن الطيار اندره ابو معشر منسق لجنة الاعلام في “تجمع الولاء للوطن” ل “لبنان24” ان لبنان يتعرض اليومَ الى خطر وجودي اوصلنا إليه أداءٌ سياسي غير مسؤول، وممارسات أمعنت قوى الأمر الواقع في انتهاجها. وهي تتحملُ جميعها بالتكافل والتضامن مسؤولية انحلال دولة القانون والمؤسسات. فتلك الممارسات شوّهت وجه لبنان الحقيقي، و أصول الممارسة السياسية الحقّة، وخرجت عن مقومات النظام البرلماني والمبادئ والقيم الديمقراطية، وسعت إلى استبدالها بنهج يقوم على التوارث السياسي، وتقاسم الحصص والمغانم، وتغليب المصالح الخارجية والفئوية والشخصية على المصلحة الوطنية التي ينبغي أن تكون فوق كل الاعتبارات الأخرى.
ولذلك فإن الهدف الرئيسي ل “تجمع الولاء للوطن” حدده أبو معشر باسترداد سيادة الدولة وهيبتها، وكرامة المواطن، ومحاسبة المسؤولينَ عنِ انهيارها، وصولاً إلى قيام دولة عصرية مدنية ، دولة القانون والمؤسسات حيث يتساوى فيها المواطنون في الحقوق والواجبات، وذلك بكافة الوسائل السلمية والديمقراطية المتاحة، وهذا يتطلب من أي سلطة مسؤولة الاحتكام إلى الدستور، والالتزام بتطبيق كامل مواده والسعي لتطوير النظام السياسي القائم من خلال بعض التعديلات الدستورية التي تضمن استمرارية عمل المؤسسات الدستورية حرصا على انتظام عملها، فضلا عن التركيز على صون المصالح الوطنية ووضع الاستراتيجية الدفاعية التي تضمن سيادة الدولة علىكامل أراضيها، وحصرية قرار السلم والحرب في يد الدولة، وحصر السلاح بتصرف قواها العسكرية والأمنية والشرعية ، والقضاء على ظاهرة السلاح المتفلت والبؤر التي تقع خارج إطار السيطرة الأمنية لشرعية الدولة.
وعشية الرابع من آب، يقول أبو معشر إن التعويل على القضاء العادل والقضاة الاكفاء، فالحصانات النيابية يجب ان تسقط والتعويل يبقى على ان يتجاوز المحقق العدلي الألغام التي تزرع امام دوره في كشف الحقيقة.
ومن هنا تكمن أهمية ترسيخ استقلالية القضاء، وتمكينه من القيام بدوره وواجباته بموضوعية وتجرد وبعيداً عن أي ضغوط او تدخلات سياسية، والاقتصاص من كل المسؤولين عن انهيار مؤسسات الدولة وبوجه كل المرتكبين والمتورطين الذين أودوا بالبلد إلى ما هو عليه، لا سيما المتورطين في تفجير مرفأ بيروت.
ولعل ما يتطلع اليه التجمع ، بحسب ابو معشر، تطوير إدارات الدولة وتفعيلها، وتطوير أنماط العمل فيها لا سيما تمكين الإدارات الرقابية ، كالتفتيش المركزي ومجلس الخدمة المدنية وديوان المحاسبة من القيام بالمهام الموكلة إليها. وليس بعيدا فإن الأهمية تكمن، بحسب ابو معشر، في تعديل النصوص الدستورية والقانونية على نحو يسقط الحصانات والسرية المصرفيةَ عن كل مَن تعاطى الشأن العام، تمهيدا لاخضاعهم للتدقيق المالي الجنائي وصولا الى محاسبة المرتكبين وفق معايير قانونية عادلة. ولأن الجميع يتطلع إلى الانتخابات النيابية المقبلة باعتبار أنها قد تغير من واقع الاكثرية والمعارضة، فإن أبو معشر يرى ان تعديل القوانين الانتخابية اكثر من ضروري، لتمكين المواطنين من المشاركة الفاعلة في انتخابات نيابية حرة باعتبارها الخطوة الحقيقية لكل تغيير ديمقراطي منشود ومن شأنها ان ترسخ مفهوم المواطنة الحقيقية التي وحدها تستطيع تحقيق التغيير الديمقراطي المرتجى.
طروحات وطموحات التجمع قد تكون قابلة للحياة في مجتمع أو دولة لا تشبه التركيبة اللبنانية، فالحراك المدني، واللقاءات التي انبثقت عن ثورة 17 تشرين فشلت في إحداث التغيير المنشود او حتى التأسيس للتغيير لانها اتفقت على أن لا تتفق فأطفات نور الثورة، علما ان التجمع يركز على أهمية ابقاء شعلة ثورة 17 تشرين متقدة لاسترداد سيادة الوطن وكرامة المواطن.
ومع ذلك ليس مستغربا أن يكون مصير هذا التجمع الفشل أو التراجع سريعا إلى الوراء أسوة بالكثير من التجمعات والأحزاب المدنية التي لا تحظى بأي دعم خارجي، وبالتالي عدم الالتفات إلى تحركاته المرتقبة لأنه خارج العباءات السياسية المحلية والخارجية، خاصة وان البعض ينظر الى هذا التجمع وافكاره…على انه خارج الزمن، لا سيما وأن الولاء للوطن بات شيكا من دون رصيد بفعل اداء عدد كبير من أركان المنظومة السياسية.