تونس ..إنقلاب على الثورة والقرار خارجي
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
تقف تونس على فوهة بركان لصراع سياسي شرس بين الرئيس قيس بن سعيد ورئيس مجلس مجلس النواب راشد الغنوشي ورئيس الحكومة هشام المشيشي، وارتفعت المواجهة حين استخدم بن سعيد صلاحياته بالحد الأقصى بحل البرلمان ورفع الحصانة عن أعضائه وحل الحكومة وتولي سعيد نفسه السلطة التنفيذية وألغى السلطة التشريعية ولم يخرج من يده إلا السلطة القضاية ويتوقع أن يسيطر عليها بفرض الأحكام العرفية وبالتالي التحول إلى وضع جميع السلطات بيد الرئيس وحده، وهذا أمر لم يحدث في الدول الديكتاتورية التي تقود بلادها بالحديد والنار.
وتعذر الرئيس لقيامه بهذه الخطوات غير المسبوقة بمكافحة الفساد المتفشي في تونس وانتشار وباء كورونا وتراجع القوة الإقتصادية ، لكن رد الفعل جاء قوياً وتجاوز لقرارات الشعب في انتخاب البرلمان والحكومة، مما يُحمل قرار الرئيس العديد من الأوجه وفي مقدمتها أن يكون القرار خارجي من الدول الاروبية وبالذات الجهة الفرنسية، وهذا يعني انه إذا ما فرض سعيد سيطرته على البلاد فإن تونس معرضة للعودة إلى مرحلة الحكم الديكتاتوري على طريقة زين العابدين بن علي، وقد يذهب البعض إلى أن الرئيس يريد أن يرتمي في الحضن الأوروبي وربما يذهب لابعد من ذلك بالتطبيع مع الكيان الصهيوني.
ما قام به سعيد شبيه بجميع الإنقلابات التي حصلت في الوطن العربي على التيارات الإسلامية، وهو ما يُظهر أن الرئيس إنقلب على الثورة والشعب واصبح الحاكم الأوحد، وقد تتسبب هذه القرارات التي أعادت تونس لنقطة الصفر قبل الربيع العربي في مواجهات بين الشعب الذي أنار الطريق أمام الشعوب العربية في الربيع العربي قبل أن يتحول لخريف، ويبدو أن القرارات غير الدستورية التي اتخذها الرئيس ستجعل تونس تنضم إلى دول الخريف الدموي كون الشعب التونسي يرفض العودة للوراء فيما سعيد يتسلح بدعم خارجي.
ما قام به الرئيس التونسي يجعلنا نتوقع أن يتحرك الجيش لحماية الثورة ووضع الرئيس على أول طائرة مغادرة خارج البلاد كما فعل مع بني علي، كون وظيفة الأجهزة الأمنية حماية الدولة وليس مساعدة الرئيس في الإستبداد والإستقواء على أجهزة الدولة والإعلام بإغلاق مكاتب القنوات الفضائية، لذا فإن تونس على المحك وأمامها ساعات ستصنع الفارق في مستقبل الدولة التي ستجد نفسها بين أمرين لا ثالث لهما، فاما الديموقراطية وانتخاب رئيس مدني أو العودة إلى الحكم الديكتاتوري وقيادة الرجل الأوحد، وعندها سيشعر من قادوا الربيع العربي أنهم يعودون للخلف بدلاً من السير للأمام، وأن تونس قد تسير على الطريق اليمنية والسورية وهذا ما يخشاه كل أبناء وعشاق تونس الخضراء ويتمنون أن لا تُصبح حمراء.