بيرني مادوف.. «الشريف» جداً
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
ليست لبيرني علاقة نسب بالممثل «عمر الشريف»، فعمر، قبل أن يتحوّل صورياً إلى الإسلام، كان اسمه «ميشيل شلهوب».
يعتبر بيرني فلتة زمانه، والشخصية الأهم التي تنطبق عليها مقولات آينشتاين في الغباء، ونصها: الفرق بين الغباء والعبقرية هو أن العبقرية لها حدود!
بدأ بيرني مادوف مسيرته في عالم الاستثمار عام 1960، مع تأسيس شركة وساطة مالية أصبحت مع الوقت كبيرة، وزاد عدد المتعاملين معها بسبب الأرباح الاستثنائية التي كانت تحققها، وهذا دفع لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية لثماني مرات إلى التحقق من مصداقيتها، ولكنها لم تجد أبداً ما يريب.
وقعت الأزمة المالية الشهيرة في 2008، فطالب بعض المتعاملين مع بيرني سحب أموالهم، وكان مجموع ما طالبوا به يزيد على سبعة مليارات دولار، فانكشف وضعه، وتبين أنه أكبر محتال عرفته البشرية في تاريخها، حيث تسبب في خسارة عملائه لـ65 مليار دولار من أموالهم في يوم واحد!
كان بيرني مادوف منصفاً في عمله، فهو لم يرحم أحداً، وساوى بين الجميع. فقد سرق كل أصدقائه، وأقرب أقربائه من اليهود.
وسرق أموال الجمعية الخيرية اليهودية التي كان يوماً رئيسها.
وسرق مدخرات المخرج العالمي اليهودي ستيفن سبيلبرغ، وغيره من المشاهير، إضافة لمصارف بريطانية، واسكتلندية، وبنك نامورا الياباني الضخم، وشركات أموال قابضة، هذا غير سرقة مدخرات مزارعين وعمال وميكانيكيين ومدرسين.
تسبب انهيار شركته في انتحار بعض من استثمروا معه، بعد خسارتهم لكل أموالهم وإفلاس العديد من الأفراد والشركات، والتسبب في انتحار ابنه، وموت الثاني تالياً بالسرطان.
حكم على بيرني بالسجن لمئة وخمسين عاماً، قضى منها 11 عاماً في السجن، وأفرج عنه قبل عام ليموت قبل بضعة أشهر، غير مأسوف عليه.
بعد 13 عاماً من الفضيحة يمكن ملاحظة المبادئ الأساسية التي عمل بيرني بموجبها، والتي جعلت من الصعب كشف احتياله، إلى أن أتت أزمة خارجية عام 2008.
فقد احتفظ بيرني بسجلات واضحة، وتيقن من تلقي كل عميل لديه بيانات حساباته على أساس منتظم، ولو كان كاذباً.
كما حرص على تلبية كل طلبات سحب الأموال، مهما كان قدرها بسهولة كبيرة. واحتفظ بسجل تعاملات استثمارية جيد جداً، واستمر ببساطة في مضاعفة «مكاسبه» بمعدل %10 سنوياً، عاماً بعد عام. ولم يكن يدفع أكثر حتى لو كان السوق قد ارتفع بنسبة أكبر بكثير.
كما اعتمد في «نجاحه»، ليس فقط على الطمع البشري، بل على «غباء عملائه»، ورغبة البعض العارمة في تحقيق ربح سريع، علما بأن غالبيتهم لم يكونوا على عجلة من أمرهم.
كما اتبع سياسة القسوة المفرطة في عدم استثناء أحد من شباكه، حتى أخلص أصدقائه، كما نهب أموال زملائه، وأموال وقف الجامعة التي كان يرأس مجلس «أمنائها»!
يقول «غوميز دافيلا»: الذكاء يعزل الأفراد، أما الغباء فإنه يجمع الحشود!