فصل «جديد» من التوتّر.. بين واشنطن وموسكو
بقلم: محمد خروب
النشرة الدولية –
في معرض إتهامِه الجديد/ القديم لموسكو بنشر معلومات مُضلّلة لعرقلة الإنتخابات التشريعية الأميركية المُقرّرة خريف العام المقبل, لتجديد جميع مقاعد مجلس النواب وثلث مقاعد مجلس الشيوخ, استعاد الرئيس بايدن المقولة التي طالما ردّدها الرئيس الأسبق أوباما بأن روسيا «لا تُقدِّم شيئاً للعالم سوى.. النفط والسلاح”, ولكن بصيغة أخرى تغمِز من قناة نظيره الروسي بقوله: إن «بوتين لديه مشكلة حقيقية, فهو ـــ أضاف بايدن ـــ على رأس اقتصاد يمتلك أسلحة نووية وآبار نفط…ولاشيء غير ذلك”, مضيفاً: «هذا يجعله (أي بوتين) أكثر خطورة بالنسبة لي».
تصريحات أكثر سخونة تتكئ على تخذير أقرب الى اتهام مباشر بالتدخل في الإنتخابات «التشريعية» هذه المرّة, وليس «الرئاسية» التي تمسك الديمقراطيون طوال السنوات الأربع الماضية وما يزالون بأن موسكو تدخّلت لصالح ترمب, ما أدى لفوزه ودفع غلاة الديمقراطيين للدعوة الى إجراء تحقيق «شامل» في المسألة. لكن موازين القوى الداخلية لم تسمح بذلك, كون الأغلبية في مجلس الشيوخ (صاحب القرار النهائي في أي قانون) كانت بيد الجمهوريين رغم سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب.
الإتهام الأميركي يتجدّد ولكن هذه المرّة من على منصّة مكتب مدير الإستخبارات الوطنية, التي زارها بايدن أمس قائلاً: انظروا الى ما تفعله روسيا «منذ الآن بشأن انتخابات 2022 والمعلومات المُضللة (في إشارة الى معلومات بهذا الخصوص حصل عليها خلال الإحاطة الإستخبارية التي يتلقّاها) معتبراً ذلك بأنه «انتهاك صارخ لسيادتنا».
خطورة تصريحات الرئيس الأميركي تكمن في ما ذهب اليه صراحة عندما قال في ما هو أقرب للتهديد: إذا انتهى بنا المطاف في حرب… في حرب مسلّحة حقيقية مع قوة عظمى أُخرى, فسيكون ذلك بسبب «هجوم الكتروني».
وإذ لا تتّهم واشنطن موسكو وحدها في تزايد وتيرة الهجمات الإلكترونية, بل تُضيف اليها بيجين عندما حمّلتها مسؤولية «القرصنة» الواسعة التي استهدفت آذار الماضي خدمات مايكروسوفت «إكستشينج». فإننا نكون أمام مشهد أكثر تعقيداً وخطورة, في ظل التراشق الإعلامي العنيف بين أميركا وكل من روسيا والصين. تتداخل فيه السياسة مع الإقتصاد وخصوصاً معادلات التحالفات والإصطفافات والمواقع/الجبهات, الأكثر احتمالاً للإنفجار مثل أوكرانيا «روسِيّاً» وتايوان وبحر الصين الجنوبي (صينيّاً), ناهيك عن بؤر اخرى لا تقل سخونة وإن كانت أقل احتمالاً للصدام المباشر, سواء في سوريا أم العراق وحتى أفغانستان حيث يقترب موعد الإنسحاب الأميركي منها, دون أن تنجح واشنطن في تلافي أو تأجيل سيطرة طالبان على كابول وسقوط حكومة غني, التي بات رحيل رئيسها «أشرف غني”, شرطاً لازباً لطالبان كي تنخرط في حوار وطني يفضي الى تشكيل حكومة وحدة وطنية, تزعم طالبان أنها لا تريد لنفسها هيمنة «وحيدة» على البلاد, بل تروم إشراك القوى الأخرى في «إمارتها» الجديدة.
اللافت في كل ما يجري هو أن موسكو على وجه الخصوص التي امتدحت بحذر «أجواء» قمة جنيف, التي جمعت بوتين ببايدن ورأت أنها جرت في جو صريح وعملي، تسنى لنا (كما قال رئيس الدبلوماسية الروسية…لافروف) بحث الوضع في الشؤون الثنائية وتبادل الأفكار حول قضايا الأمن الإستراتيجي والرقابة على الأسلحة والنزاعات الإقليمية»…. حيث لا تكفّ موسكو عن تحذير واشنطن بعدم الحديث معها من موقع القوة, إذ قال لافروف: مُحاولات مُخاطبتنا من موقع القوة, محكوم عليها بالفشل أصلاً, ونحن – أضاف لافروف – سنرد على الخطوات غير الودية بشدّة وحزم».
تصعيد محسوب في ما يبدو لكنه غير مألوف, بعد التفاؤل الحذِر الذي ساد بعد قمة جنيف ونحسب أن تداعيات وذيول حادثة الُمدمّرة البريطانية «Defender» فرضت نفسها على المشهد المتوتّر ,خاصّة توعّد موسكو مُنتهكي حدودها بالقصف».
في السطر الأخير.. سخونة المشهد الدولي و”التوثّب» الذي تُبديه روسيا والصين, حيال ما تصفانِه محاولات واشنطن المحكومة بالفشل للإبقاء على هيمنها, وكبح صعود قوى أخرى مُنافسة, لا تسمحان بترف توقّع حدوث انفراجة في علاقات إدارة بايدن بهما، وإن كان من المستبعد الإنزلاق الى حرب مسلّحة مفتوحة على ما هدد الرئيس بايدن. إذ ثمّة كوابح عديدة تدفع بأصحاب الرؤوس الحامية… للتفكير مَلِيّاً والتريّث.