بري “المتفائل بحذر نفطياً” يهادن سياسياً ويتحدّث عن نكهة مسيحيّة تطعّم الرئاسة: سببان قد يدفعانني لتأخير الدعوة… والمرسوم المصحّح لم يصلنا بعد!
بقلم: جويل بو يونس
النشرة الدولية –
الديار –
بهدوئه ودبلوماسيته المعهودة دخل رئيس مجلس النواب نبيه بري السبت ملقيا التحية على الصحافيين الذين اجتمعوا الى طاولة عين التينة الحوارية للاستماع لمقاربة “استاذ البرلمان” لمختلف الملفات.
كما دخل خرج رئيس البرلمان بعد لقاء استمر اكثر من ساعة مهادنا على الجبهات كافة من بعبدا الى ميرنا الشالوحي فالسراي مرورا ببكركي ولكن باعثا برسائل سياسية هادئة لكن تقرأ من عنوانها .
فعلى ابواب الاحتفال بعيد الجيش في الاول من اب، كشف الرئيس بري عن تواصل حصل السبت مع رئيس الجمهورية والرئيس المكلف نجيب ميقاتي بهدف السعي لترتيب لقاء اما ثلاثي او ثنائي بين عون وميقاتي ، مؤكدا ان العلاقة “منيحة” مع عون وجيدة جدا مع ميقاتي باعتبار ان الخلاف بالراي لا يفسد في الود قضية.
وفيما رفض بري الافصاح عما دار في اتصاله الهاتفي مع عون ، استشف من فحوى الكلام بان هناك اتجاها لعقد اللقاء الثلاثي اما ثنائي.
وردا على سؤال عن السبب الذي يمنعه من زيارة بعبدا والاكتفاء بالتواصل الهاتفي قال بري ممازحا : ما بحب اضهر كتير!
التباين بالرأي سواء بين بري وميقاتي او بين بري وعون لم ينسحب على الملف الاكثر حساسية، فعشية الزيارة المرتقبة للوسيط الاميركي اموس هوكشتاين الذي وصل امس الى بيروت ، جدد رئيس البرلمان التأكيد على الموقف اللبناني الموحد بمسالة الترسيم وقال بما يشبه التفاؤل الحذر: بكرا بتاخدو الجواب الشافي وان الاجواء مشجعة و”انشالله بيكون بالذهاب للناقورة احسن ما نروح لمحل تاني”، فسئئل عندها هل الحرب ليرد:” انا ما قلت شي”!
وتابع بري: ما سمعناه سابقا يؤكد انه يجب العودة لاتفاق الاطار وهذا متفق عليه بين الرؤساء الثلاثة فالظروف الاقتصادية والامنية لا تسمح باي تمييع والمسيرات ساهمت بدفع الملف قدما، جازما بلاءات ثلاث: لا للمساومة لا للتنازل ولا لاي تطبيع عبر شركة دولية واكمل، نريد حقل قانا كاملا يا كلو يا بلاه، معتبرا ان لا مبرر لعدم مباشرة شركة توتال بالحفر خاصة ان المنطقة تبعد 25 كلم عن الحدود المختلف عليها، كاشفا انه خاطب فرنسا اما عبر سفارتها او رئيسها بوجوب عودة الشركة للعمل.
عن الملف الحكومي وربطا بالاستحقاق الرئاسي سئل بري، فاشار الى ان الحكومة تتألف اذا حصلت شي عجيبة،” مؤكدا ردا على سؤال للديار عما اذا كان سيدعو مع بداية ايلول لجلسات لانتخاب رئيس جديد للجمهورية انه في حال تأخر قليلا بالدعوة فسببان يكونان وراء ذلك الاول هو الاصرار على الانتهاء من اقرار القوانين الاصلاحية المطلوبة من صندوق النقد الدولي ومن بينها الموازنة اللي “خالصة عنا” وننتظر ان يأتينا المطلوب بما خص توحيد سعر الصرف من الحكومة فاذا وصلني هذا الامر الخميس فسادعو الاسبوع المقبل لجلسة لمناقشة الموازنة، اكد بري.
وفي هذا السياق كشف رئيس البرلمان ان المجلس سيبقى يشرع حتى الايام العشرة الاخيرة من موعد انتخاب الرئيس وقال ضاحكا : مع الاسف الشديد هالشي ايدني في سليم جريصاتي!
اما السبب الثاني الذي قد يدفع الرئيس بري لتأخير الدعوة لجلسة انتخاب الرئيس فهو التفاهم على رئيس والمقصود هنا ان بري يغمز من قناة وجوب ان التفاهم على رئيس يضمن الحصول على الثلثين فرئيس المجلس ليست واجباته القيام بعملية ميكانيكية فحسب فالدعوة لجلسة امر سهل لكن اذا لم يرتبط ذلك بتفاهم مسبق فعندئذ يكون عجولا من يدعو لجلسة.
هذا في الشكل، اما في المضمون، فبدا واضحا حرص رئيس مجلس النواب على عدم الدخول بلعبة اسماء المرشحين للرئاسة وعلى اختيار كلمات حبكها بدقة رجل الدولة المخضرم والمحنك سياسيا، اذ اكتفى ردا على سؤال للديار حول لقائه مع رئيس تيار المردة وما اذا كان الاخير استهل معركته الانتخابية من عين التينة ، بالقول: ما عبر عنه فرنجية هو الصحيح فاتفاقنا هو بسبيل مصلحة لبنان.
اما عن امكان وصول قائد الجيش بفتوى ما تشطب وجوب التعديل الدستوري في اللحظات الاخيرة، رد بري على سؤال للديار بكلمتين كافيتين: نحن مع تطبيق الدستور! اما عن سابقة انتخاب الرئيس ميشال سليمان دون تعديل دستوري في حينه، فجزم بري انه في وقتها كانت المهل قد تم تجاوزها كلها .
وعن وجوب تمتع رئيس الجمهورية المقبل اقله بحيثية مسيحية سالنا رئاسيا فرد بري من باب التشريع قائلا : هذا السؤال لا يوجه لي فانا على مر السنوات السابقة لم امرر يوما اي مسألة تتعلق بحيثية مسيحية او اسلامية في مجلس النواي فلبنان لوحة جميلة بتعدد طوائفه وهو اصغر من ان يقسّم!
وعلى قاعدة الرسالة تقرأ من عنوانها ، اختصر رئيس البرلمان المواصفات المطلوبة بالرئيس المقبل بالقول : طبعا رئيس الجمهورية المقبل يجب ان تكون لديه نكهة مسيحية ووطنية ويجمع لا يفرق، رافضا التعليق على سؤال حول المواصفات التي وضعها البطريرك الراعي رئاسيا والتي تختصر بالحيادي غير الحزبي ومكتفيا بالقول : قلنا الموصفات التي نراها مناسبة.
وفي ما يشبه المهادنة ايضا مع بكركي ، رفض بري الدخول بسجالات بما خص قضية المطران الحاج واكتفى بالقول : لتطبيق القانون والعبرة بالتنفيذ ولا اعتقد ان المسألة ستكبر كلو بريجع لحجمو بحسب تعبيره.
بقيت نبرة رئيس البرلمان في حواره مع الصحافيين هادئة لحين استحضر ملف عودة النازحين السوريين، فعلا صوت الرئيس بري مخاطبا الجميع بالقول: انها ضرورة 100 بالمئة والغرب كله يقف ضدنا بهذا الملف الذي يؤثر على اقتصاد لبنان، وروى بري ما ناقشه باحدى لقائاته مع مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي واستعان هنا بمستشاره علي حمدان ليطلب منه الافصاح عما كشفه غراندي في ذاك اللقاء عند السؤال عما اذا كان النازحون السوريون العائدون عبر الامن العام وكان عددهم وقتذاك حوالى 70 الف يتعرضون لاي ضغط او تعذيب ليكشف حمدان بان غراندي قال حرفيا بانهم تابعوا على مدى 6 اشهر رحلة النازحين ومن اصل الـ 70 الف لم يكن هناك الا 11 نازحا لديهم مشكلة مع الدولة فقط.
لا يمكن للحديث مع رئيس البرلمان في دردشته مع الصحافيين ان يمر عشية ذكرى الرابع من اب المشؤوم من دون السؤال عن المرسوم الشهير الذي يوقف تعيينات محاكم التمييز والعالق عند وزير المال، ليرد حازما: التأخير مش من عنا والجميع اعترف بان خطأ كبيرا تخلل المرسوم وقلنا منذ البداية لوزير العدل بوجوب تصحيحه وحتى اللحظة لم يصلنا المرسوم مصححا!
واضاف في معرض الحديث عن المطلوبين للتحقيق بانفجار المرفأ: لو كان لعلي حسن خليل او غازي زعيتر اي علاقة ما بخلّيون يناموا!
اما عما افرزته الانتخابات النيابية ولا سيما على الساحة السنية بظل غياب سعد الحريري عن الساحة السياسية، فجزم رئيس البرلمان الا اكثرية ولا اقلية في المجلس الحالي وفيما اكد الا تواصل مع الحريري راهنا اشار الى انه لم يتفهم قراره بالابتعاد عن المشهد السياسي، ومؤكدا ان نتيجة الانتخابات على الساحة السنية اظهرت ان المستقبل هو الذي لا يزال يملك الحيز الاكبر.
وعلى ابواب انتهاء عهد الرئيس عون وسط الاتهامات التي يوجهها اكثر من طرف لرئيس البرلمان بانه “ما خلاّ عون يشتغل” وعرقل عهده ونفذ ما قاله سابقا بانه “ما رح يخللي يحكم” ولاسيما ان رئيس التيار الوطني الحر كشف باحدى المقابلات التلفزيونية ان ميقاتي صارح عون باحدى الجلسات بانه “ما رح يخلوك تعمل شي” والمقصود هنا الرئيس بري، سئل رئيس البرلمان عما اذا كان يعترف بانه افشل عهد الرئيس عون ليرد بجملة واحدة مفادها: ” اذا اجا علّة من الله بيقولوا نبيه بري”!
اما عن العلاقة السيئة مع باسيل واتهام الاخير لبري بالعرقلة فختم ريئس مجلس النواب سائلا : ليش هوّي جبران كان متفق مع الكل ما عدا انا؟