الغزو في زمن «كورونا»
بقلم: أ.د. غانم النجار

النشرة الدولية –

نحن الآن في الذكرى 31 للغزو العراقي للكويت.

يقارب عدد المواطنين ممن هم دون 34 سنة نحو المليون إنسان، أي أكثر من ثلثي إجمالي المواطنين، فكيف يستقي أغلبية الكويتيين معلوماتهم عن أخطر حدث في تاريخ البلد؟ وما المصادر التي يعتمدون عليها في فهم ما جرى في الداخل؟

يتساءل الشباب الصغار بلهفة وتحفز ذهني معرفي عما جرى في تلك الليلة الليلاء، ولو قلت لهم إن الغزاة انسحبوا بسبب الخسائر التي أصابتهم بسبب “كورونا” لصدقوا ذلك، ولو زدت عليها أننا شعب طيب قضى أعداؤه بالوباء لربما صدقوا.

لأمر ما، اختارت السلطة (تنفيذية وتشريعية)، طمس معالم الغزو، وكأنها ترتدي قناع “كورونا”؛ تعلن شيئاً بالعلن، وتفعل عكسه، بالعلن أيضاً، ولذلك توصل الطرفان حكومة و”شعباً”، أيام ما كان لدينا مجلس، وشيء من سياسة، إلى حل وسط، وكأن الغزو الماجن كان حلاً وسطاً، فشكلوا لجنة تقصي حقائق. وكأن استباحة وطن بكامله لا تستحق لجنة تحقيق! وزاد الطين بلة أن يبقى ذلك التقرير حتى يومنا هذا سرياً. ولا يكفي القول بأن أجزاء من التقرير تم تسريبها للصحافة.

ماذا لو أن الغزو قد حدث في حقبة “كورونا”، وبدون مقدمات، بدأ جيش الاحتلال في التساقط بفعل الوباء، وانسحب شيئاً فشيئاً وعاد إلى جحره، لينقلب على القائد الضرورة؟! ربما حينها كنا سنبني نصباً تذكارياً لـ”كوفيد – 19″، في ساحة الصفاة المهجورة، بفعل فاعل. من يدري؟

نحن في زمن غياب الوعي بالأشياء، وكأن مسح الذاكرة صار أمراً مقصوداً، لكي لا يتذكر الناس شيئاً، ولا يستفيد الناس من تجربة قاسية، بقسوة فقدان الأحبة من يوسف المشاري وعبدالوهاب المزين وعادل الرقم ومبارك النوت وأحمد قبازرد وأسرار القبندي، وكل الشهداء والأسرى من أكبرهم إلى أصغرهم، الذين أضاءوا لنا طريقاً مظلماً.

وفي حين بذل القائمون على تقرير لجنة تقصي الحقائق في الغزو العراقي جهداً كبيراً لإنجازه، إلا أنه ما زال سرياً. فهل كان الهدف حجبه عن الناس؟ أما آن الأوان لأن يصدر التقرير بشكل رسمي، بدلاً من تسريبات صحافية لا سند لها؟ أما آن الأوان لكي يعرف أغلبية الشعب الكويتي، الذي لم يعش محنة الغزو يقيناً، ما جرى، بدلاً من أقاويل هنا وأقاويل هناك؟ أليس من المفترض أن يتم وضع مقرر دراسي لكي يفهم الشباب ما جرى؟ ليس بهدف اجترار المعاناة والتوجيه السلبي ضد العراق، بقدر ما أن يكون محطة للاستفادة من الدرس، وأي درس كان، وأي درجات متدنية كانت درجاتنا فيه!

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button