رغم موجة الخسائرة… لماذا عادت العملات الرقمية للارتفاع؟
النشرة الدولية –
رغم موجة الخسائر التي مُنيت بها سوق العملات الرقمية منذ أبريل الماضي، إلا أنها تمكنت من تحقيق مكاسب قياسية بنهاية الأسبوع المنصرم، مدفوعة بعدة تطورات.
تأتي تلك المكاسب بينما لا تزال تواجه سوق العملات الرقمية حملات تضييق واسعة تُهدد مسارها، في ظل مواقف دول بعينها، من بينها الصين ودول أوروبية، فضلاً عن المواقف المعلنة من قبل عديد من كبار المستثمرين، والتي تؤثر بشكل أساسي على مستقبل تلك العملات التي شهدت في الشهور الماضية نزيفاً متواصلاً وصدمات عديدة.
المكاسب الأسبوعية الأخيرة التي حققتها العملات الرقمية رفعت قيمتها السوقية (مجتمعة) بنسبة تفوق الـ 27 بالمئة، بأرباح أكثر من 328 مليار دولار أميركي، طبقاً لما تظهره بيانات “كوين ماركت كاب”.
تكشف البيانات ذاتها عن ارتفاع قيمة العملات الرقمية السوقية لتصل إلى أكثر من 1533 مليار دولار حتى يوم الجمعة الماضي، صعوداً من نحو 1204 مليار دولار في الأسبوع السابق عليه.
فيما يعزي محللون عودة العملات الرقمية للارتفاع في الفترة الأخيرة، إلى تصريحات رئيس شركة تسلا، إيلون ماسك، بخصوص انفتاح الشركة على قبول عملة “البيتكوين” للدفع. فضلاً عما يدور من تكهنات حول احتمالية دخول أمازون في القطاع، على رغم نفي عملاق التجارة الإلكترونية اتجاهه لاستقبال مدفوعات باستخدام “بيتكوين” كما أثير مؤخراً.
لكنّ أستاذ التمويل الاستثمار بالقاهرة الدكتور مصطفى بدرة، يقول في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية” إن “الارتفاعات التي تشهدها سوق العملات الرقمية لا تتم وفق آليات معينة أو معطيات واضحة، ولا يمكن للمستثمر الذي يريد تقنين أوضاعه الاستثمارية أن يجد مبررات للانخفاض والارتفاع ونسبة المخاطرة”.
ويضرب بدرة مثالاً بعملة “البيتكوين”، وقال إنها كانت في حدود الـ 28 ألف دولار قبل أكثر من أسبوع، وارتفعت بنهاية الأسبوع الماضي لنحو 38 ألف دولار، موضحاً أنه “لا توجد مرجعية حقيقية وواضحة يمكن للمستثمر قياس أداء تلك العملات المختلفة من خلالها، على عكس سوق العملات التقليدية أو أية سوق أخرى مرتبطة بالوضع الاقتصادي”.
حققت “بيتكوين” مكاسب قياسية بلغت نسبتها في الأسبوع الأخير نحو أكثر من 30 بالمئة، بعدما وصل سعرها يوم الجمعة الماضي إلى أكثر من 38 ألف دولار صعوداً من مستوى 29 ألف دولار، لتصل قيمتها السوقية إلى 729 مليار دولار.
وحتى يوم الجمعة، حققت عملة “إيثريوم” مكاسب أسبوعية بنسبة أكثر من 31 بالمئة، ليصل سعرها إلى 2343 دولاراً. وسجلت عملة “بينانس كوين” مكاسب بنحو 17.5 بالمئة، لتصل إلى مستوى 310 دولاراً. وسجلت “كاردانو” مكاسب بنحو 19 بالمئة تقريباً، ليصل سعرها إلى 1.26 دولار.
كما سجلت “إكس ريبل” مكاسبة بنسبة 37 بالمئة تقريباً، ليصل سعرها إلى 0.72 دولار. تلتها عملة “يو إس دي كوين” بارتفاع نسبته 1.9 بالمئة تقريباً، ليصل سعرها عند دولار واحد. وربحت “دوغ كوين” 17 بالمئة، مسجلة 0.2 دولار.
ويردف الخبير الاقتصادي، قائلاً: “مرجعيات سوق العملات الرسمية مرتبطة بعدة عوامل، من بينها الأداء الاقتصادي للدولة صاحبة العملة.. وكذا مرجعيات سوق النفط، الذي يتحدد سعره بناءً على منظومة الأوبك وحجم العرض والطلب سواء بالزيادة أو النقصان.. لكن الوضع مختلف في سوق العملات الرقمية التي تتفاقم فيها عملية المضاربة وعادة ما يكون المشجعين لارتفاعاتها والترويج لها أنها آمنة هم المضاربون أنفسهم”.
ويلفت بدرة في معرض حديثه مع موقع “سكاي نيوز عربية”، إلى أن “نسبة المخاطرة المرتفعة في تلك العملات تأتي أيضاً من إمكانية تدخل العنصر البشري بصورة مباشرة فيها، سواء بالتحويلات أو الأنشطة والعمليات غير المقننة دولياً، وهو ما يفسر تراجعاتها ثم ارتفاعاتها المفاجئة”.
ويتحدث بدرة في الوقت نفسه عن تأثير المواقف الرسمية من العملات الرقمية، ومن بينها الموقف الصيني، في ظل إخطار بكين في وقت سابق المؤسسات المالية وشركات المدفوعات بحظر تقديم خدمات العملات المشفرة للعملاء، موضحاً أن تلك المواقف من شأنها تضييق الخناق على العملات المشفرة، والتأثير على وضعها ومستقبلها.
وتحدث كذلك عما شهدته تركيا إزاء العملات المشفرة، على غرار هروب مؤسس إحدى الشركات ومتهم بالاحتيال، بما فاقم الأزمة التي تواجهها تلك العملات، علاوة على الموقف منها في دولة مثل ماليزيا (التي دمرت مؤخراً مئات من أجهزة تعدين البيتكوين)، وكذا في بريطانيا (التي صادرت الشرطة فيها مؤخراً 180 مليون جنيه استرليني منها). واعتبر بدرة أن كل تلك الحملات من تضيق الحصار على العملات الرقمية، وتلفت إلى ما تنطوي عليه من مخاطرة، بما يؤثر على مستقبلها بشكل عام.