فشل الفكرة والفكر
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

قليلة هي الدراسات التي تعمقت في البحث عن أنماط العلاقة بين قادة تنظيم «الإخوان المسلمين» الإرهابي وبقية كوادره، ومنها دراسة للأكاديمي المصري محمد شومان، التي رصد فيها الجمود الفكري والسياسي لجماعة الإخوان وانحصار اهتمام قيادتهم بالتنظيم والتمويل على حساب التجديد في الأفكار والبرامج والسياسات، الأمر الذي أدى وسيؤدي دائماً إلى فشلهم في الحكم.

كما بيّن شومان أن من هموم الإخوان الدائمة «التمكين من الحكم»، ولذا سعوا دائماً، وباستعجال سخيف، لتطبيق سياسات الهيمنة على الدولة والانفراد بالحكم وأخونة المؤسسات والمجتمع.

ومع السقوط المروع لحكمهم في مصر في 2013 أصابتهم صدمة كشفت عمق تخلفهم الفكري والتنظيمي، ودفعتهم لحالة من إنكار الواقع ومقاومته من خلال الإرهاب وشن حرب إعلامية ودعائية على النظام تفتقر إلى المصداقية. ونتج عن فشلهم في التأثير في الرأي العام المصري انكشافهم كجماعة توظف الإسلام لمصالحها ولا تهتمّ لمشكلات الشعب أو أولويات الديموقراطية والعدالة والأمن، لذلك وقف المصريون إلى جانب الجيش في رفض مخططات الإخوان التخريبية، وهذا حرمهم من الحاضنة الاجتماعية التي كانت تدعمهم أو تتعاطف معهم. ووجدوا، لأول مرة في تاريخ صداماتهم مع الدولة، أن الغالبية تقف ضدهم، وكل هذا بسبب جمودهم الفكري والتنظيمي!

ويقول الباحث إن الإخوان، وبعد 80 عاماً، ما يزالون رهينة خطب حسن البنا ورسائله، ولم يتغيروا كثيراً، بل زاد تطرفهم مع انتشار فكر «سيد قطب» بينهم، ودعوته لهجرة المجتمع، واستخدام العنف والتطرف في الرأي والموقف. ويمكن ملاحظة آثار هذا الجمود الفكري في سوء اختيار قياداتهم في مختلف الدول، ومنها الكويت، حيث يبحثون ويدعمون أقل الشخصيات محبة في المجتمع، وأكثرهم حباً للمال والشهوات، ومن أصحاب الخطابات المنغلقة، الذين لديهم استعداد فطري للتلون مع الظروف، بلا مصداقية ولا حد أدنى من احترام الذات.

وجاءت أحداث تونس الأخيرة، بعد الذي جرى قبلها في السودان والإمارات وغيرهما لتؤكد اقتراب نهاية الإخوان. ويرى البعض أن سقوطهم في تونس لم يكن المفاجأة، بل المفاجأة في تأخر اكتشاف حقيقتهم. فقد سعوا كالعادة، منذ اليوم الأول لحكمهم إلى تطبيق سياسة «التَمكين»، وإقصاء الآخر، متجاهلين احتياجات المواطنين العاجلة، مرتكبين الأخطاء نفسها التي وقعوا فيها في مصر والسودان، فتواضع فكرهم منعهم من التعلم من سابق أخطائهم. فهم بارعون في التآمر والوصول للسلطة، ولكنهم فاشلون في إدارة الدولة والاحتفاظ بها. ففي فترة سيطرتهم على تونس تسببوا في فقد العملة لكامل قيمتها تقريباً، بسبب سعيهم إلى تعيين المتردية والنطيحة في الاقتصاد، واضعين الولاء قبل الكفاءة!

ولا ننسى في ذكري الغزو والاحتلال الصدامي لوطننا، الذي يصادف اليوم، جرائم المحتل بحقنا، وجرائم من وقفوا علانية معه ضدنا، ومنهم «راشد الغنوشي». ومن المؤلم حقا والمؤسف صدقا ملاحظة وقوف بعض الإخوان الخونة في الكويت مع الغنوشي اليوم، بعد خسارته لحكم تونس!

نعود ونذكر بأن الكل تقريباً اكتشف حقيقة الإخوان، وتآمرهم على أوطانهم…وما نزال نحن بانتظار هذا الكشف!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى