بعد مضيّ عامين على الدمار الكبير.. لبنان أمام كارثة بيئيّة وصحيّة في هذه الحال
بقلم: شانتال عاصي

No photo description available.

النشرة الدولية –

الديار –

لقد مرّت حوالى السنتين على حدوث واحد من أكبر الإنفجارات في العالم.. الإنفجار الذي هزّ قلوب ومشاعر العالم بأسره ودمّر ستّ الدنيا “بيروت” وقتل وشرّد أبناءها. ومنذ ذلك الحين، بات مرفأ بيروت منطقة مهجورة يكسوها الغبار والحزن.

أطلقت السلطات اللبنانية تحذيرا في وقت سابق من “خطر سقوط” الجزء الشمالي المتصدع من صوامع الحبوب في مرفأ بيروت، بعد قرابة أسبوعين من اندلاع النيران فيه، في وقت يحيي لبنان الذكرى السنوية الثانية للإنفجار المدمّر.

ولكن مرحلة ما بعد سقوط الصوامع، لا تقلّ خطورةً عن تداعيات الإنفجار الذي نتج عنه مئات القتلى وآلاف الجرحى. فهذه المرّة الكارثة بيئية وصحية بامتياز، وكلّنا “ضحايا”.

تضاربت في اليومين الأخيرين الآراء حول ما إذا كانت صوامع القمح تحتوي على مادة “الأسبستوس” الخطرة أم لا. وهل علينا دق ناقوس الخطر أم لا.

فما هو الأسبستوس؟

“الأسبست أو أسبستوس هو إسم عام لمجموعة من المواد الطبيعية. كانت لها فائدة تجارية في الماضي نظراً لمقاومتها غير العادية لقوة الشدّ ورداءة توصيلها للحرارة ومقاومتها النسبية لهجمات المواد الكيميائية عليها. إنّ الأسبستوس الإسمنتي هو خليط من الإسمنت وحوالي 10% من ألياف الإسبستوس، ويستخدم الأسبست في قطاع البناء وتسقيف المنازل والعوازل الداخلية والخارجية وأنابيب صرف المياه والمداخن والتهوية.

في حديث خاص لـ”الديار”، رجّح البروفيسور والخبير البيئي ضومط كامل، وجود مادة “الأسبستوس” الخطرة داخل الباطون في صوامع القمح مناشداً الجهات المعنية إجراء الفحوص والاختبارات اللازمة للتأكد من وجود هذه المادة الخطرة، ونسبتها في الصوامع.

وبالنسبة لاندلاع النيران في الإهراءات، شدد “كامل” على خطورتها وتداعياتها الصعبة قائلاً: “في كل مرة تندلع النيران لمدة تفوق السبعة أيام على الحجر أو على أي مادة صخرية أخرى، تنتج عنها مباشرة مادة كلسيّة قابلة للكسر والتحلل، كما حصل حالياً في قعر الإهراءات”. فالإهراءات كانت مبنيّة على أساس قوي من باطون مسلّح ومواد صلبة أخرى، ولكن عند تمدّد النيران، تبدّل شكل الحديد وكسر الباطون المحيط به، مما أدّى إلى سقوط جزء من الإهراءات”.

أما الخطر التالي المحدق بنا عند سقوط الإهراءات، فهو تشكّل عصف هوائي يطير فيه كل الغبار في الجو وينتشر على مسافة واسعة قد تصل إلى كيلومترات عدة من محيط المرفأ.

 

المخاطر التي يمكن أن تنتج عن “الأسبستوس”

يعتبر الأسبستوس مادة مسرطنة بالنسبة للبشر، وقد تتسبّب في الإصابة بورم المتوسطة وسرطان الرئة وسرطاني الحنجرة والمبيض.

بالإضافة إلى تسببها في مرض نادر يصيب غشاء الرئتين والمعدة (مزوتليوما). فيؤدي استنشاق ألياف الأسبستوس على مدى سنوات عديدة في النهاية إلى تندب الرئتين، حيث تشمل الأعراض ما يأتي:

ضيق في التنفس.

سعال مستمر.

أزيز.

تعب الشديد.

ألم في الصدر أو الكتف.

تورّم أطراف الأصابع في الحالات الأكثر تقدمًا.

قد يستغرق ظهور الأعراض من 20 – 30 عامًا.

سبل المعالجة

في حال أثبت وجود مادة الأسبستوس، شدد الخبير البيئي على ضرورة وضع الخطط البيئية اللازمة وعدم استنشاق الغبار نهائياً. ووضع خطة لإزالة الغبار الموجود في أرض المرفأ ومحيطه وعلى الركام ، وإزالته بطرق علمية حديثة جداً وردمه في مكان بعيد مخصص وغير مأهول، كي لا يتنشّق الناس والحيوانات الغبار السام.

هذا ودعا “كامل” وزارة البيئة والجهات المعنية لإقامة حملات توعية للناس حول كيفية التصرف في حال وجود هذه المواد المسرطنة عند انهيار صوامع القمح بالكامل.

وقال: “إن هذا الملف بحاجة أن يولى اهتماماً علمياً بامتياز، بعيداً كل البعد عن السياسة والمناكفات بغية التخلّص من هذه الكارثة، فالوضع البيئي أساساً كارثي في لبنان، ولا يحتمل بعد أيّ تفاقم”.

“الكمامات الدقيقة”

إلى ذلك، شدد “كامل” على ضرورة استخدام الكمامات الدقيقة، وهي الكمامات الحديثة التي تمنع دخول الغبار نهائياً وبالتالي تحمي الشخص منه. فالكمامات العادية لا تحمي في حال انتشار الغبار الذي يحتوي على مادة “الأسبستوس”، وعندها ستدخل الذرّات الشعاعية وذرّات الأسبستوس إلى الرئتين وتعمد إلى تدميرها.

وتجدر الإشارة إلى وجود مادة “الأسبستوس” على معظم طرقات لبنان، ولكن ما من أحد يتحرّك لإزالتها أو حتى معالجتها.

زر الذهاب إلى الأعلى