توطين الأفغان في كويتستان
بقلم: أ.د. غانم النجار
النشرة الدولية –
أثارت قضية الرغبة الأميركية في توطين الأفغان “المؤقت” في عدد من الدول، ردود فعل سلبية حول “عملية ملجأ الحلفاء”، كما أطلقوا عليها. وكانت أغلب تلك الدول في آسيا الوسطى، والتي تنتهي بـ “ستان”؛ مثل كازاخستان، التي رفضت المشروع، ولأمر غير مفهوم أُضيفت للقائمة دول خليجية، وكأنها كويتستان وقطرستان وإماراتستان!
المشكلة مكررة في سياق التدخلات الأميركية في الخارج، فقبل أفغانستان كانت فيتنام والعراق، وقد شهدتُ على ذلك خلال زياراتي المتكررة للعراق في مهمات إنسانية بعد 2003.
تسبب قرار أميركا الانسحاب السريع من أفغانستان دون تنظيم، في الكثير من الإشكاليات، لدرجة أن قاعدة باجرام تعرضت لنهب وسلب، علماً بأنه استتباع لقرار الرئيس السابق ترامب، وكان الرئيس بايدن يزايد عليه، دون داعٍ.
ولمحاولة توضيح المسألة، عقدت الخارجية الأميركية اجتماعين في 2 أغسطس، أي أمس الأول، اتضح لنا فيهما حجم الضياع وعدم الوضوح في العملية برمتها.
خلاصة القول هي أن هناك 3 برامج لتوطين الأفغان، فيزا خاصة، وبي1، والثالث جديد باسم بي2. ويكاد يكون تنفيذه شبه مستحيل، فالعدد غير معروف، وعلى المتقدم أن يكون خارج أفغانستان، وقد أثيرت تساؤلات لا إجابة لها، مثل كيف سيخرجون، ومن أي منفذ في ظل المعارك الدائرة، وكيفية دعم جواز السفر الأفغاني، وأن مدة إجراءات الفيزا من 12 إلى 14 شهراً، وقد علق أحد الصحافيين بأنها catch22 وليست catch44.
في زيارته الأخيرة للكويت، أعلن وزير الخارجية الأميركي، توني بلينكن، أنه بحث مسألة توطين الأفغان “مؤقتاً”، دون الإعلان عن اتفاق. ولم يصدر عن الكويت شيء. وكانت ردة الفعل الشعبية كما رصدتُها قلقة ومتوترة وخائفة، كون الطرف الآخر أميركا.
نصيحتي للحكومة الكويتية ألا تقبل الموضوع، فهو مشروع متهافت، وأظنها لن تغامر ولن تقبل. وبالإمكان طرح بعض الأسئلة المشروعة، التي عرضت بعضها، على سبيل التسويف، وهناك المزيد.
أما بالنسبة إلى الحكومة الأميركية، التي أراها قد تورطت في المسألة، فنصيحتي أن يغيروا مسارات “العملية” غير العملية، فمسائل التوطين في الدول الصغيرة حساسة جداً، وأن يقوموا، بدلاً من ذلك، بإعادة إنتاج معتقل غوانتنامو، لكي يصبح ملجأ للاجئين الأفغان، في طريقهم للتوطين الدائم بأميركا، فقد يؤدي ذلك إلى تغيير صورة معتقل غوانتنامو، الذي مازال يمثل وصمة عار في السياسة الأميركية، بصورة جديدة ذات بعد إنساني، اتساقاً مع توجهات الرئيس بايدن، الذي يسعى لإغلاقه منذ فترة.