لبنان يحيي ذكرى انفجار مرفئه في دولة ساقطة
بقلم: سابين عويس
النهار العربي – سابين عويس –
النشرة الدولية –
يحيي لبنان الشعبي اليوم الذكرى الاولى لانفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب (أغسطس )الماضي نتيجة انفجار كميات من نيترات الأمونيوم المخزن في احد العنابر المعروف بالعنبر رقم 12 أدى الى سقوط 218 قتيلاً من المدنيين وعناصر الدفاع المدني الذين كانوا يقومون بواجبهم في إطفاء الحريق، فضلاً عن مئات الجرحى وإلحاق أضرار بعشرات آلاف المباني السكنية والمؤسسات التجارية.
عام مضى على جريمة العصر التي هزت بيروت والعالم بعدما صُنّف الانفجار بأنه الثالث الاقوى من نوعه في العالم، لا يزال االبحث عن الحقيقة والعدالة مطلب أهالي الضحايا والمتضررين في ظل استمرار الغموض المحيط بالملف، والنفوذ السياسي الذي حال ولا يزال دون تحقيق اي تقدم بعدما اجمعت قوى السلطة على اعتبار عمل المحقق العدلي واستدعاءاته لمجموعة كبيرة من المتهمين بضلوعهم عن قصد أو غير قصد أو إهمال أو تواطوء في تخزين المواد المتفجرة، استهدافاً سياسياً تلطت وراءه القوى السياسية لمنع رفع الحصانات عن النواب والوزراء وقيادات الاجهزة الأمنية والعسكرية والقضائية المتهمة، بعدما بلغ هؤلاء ان استدعاءات المحقق العدلي القاضي طارق بيطار ترمي الى توقيفهم، وليس فقط التحقيق معهم.
احياء الذكرى الاولى للانفجار جاء على يد أهالي الضحايا والمنظمات المدنية والأهلية ومجموعات من انتفاضة 17 تشرين، بعدما اختبأت القوى السياسية في سرها، مكتفية بإصدار بعض بيانات الشجب والاستنكار والتعاطف مع المتضررين. والواقع انه على مدى عام كامل لم تتخذ الدولة اي اجراء جدي يعوض على المتضررين، او مساعدة المؤسسات ولا سيما الصغيرة والمتوسطة الأكثر تضرراً في الأحياء السياحية والتجارية في محيط المرفأ، أو اللجوء الى اي مبادرات تحفيزية لاعادة إطلاق العجلة الاقتصادية وتخفيف هول الأضرار والخسائر الاقتصادية التي قاربت الثمانية مليارات دولار، كان أهمها وأكثرها ضرراً على الاقتصاد، المرفأ الذي فقد دوره وموقعه ومردوده المالي الكبير على الخزينة.
في المقابل، حل المجتمع الدولي مكان الدولة الساقطة، فعقد مؤتمران للدعم بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خصص لتأمين المساعدات الإغاثية والإنسانية للشعب اللبناني. واختار ماكرون يوم الذكرى لعقد مؤتمر ثالث افتراضياً بمشاركة دولية وعربية على مستوى رفيع. وعشية مؤتمر الدعم، اجتمعت مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان امس، واعربت في بيان عن قلقها الشديد حيال التدهور الاقتصادي المتسارع الذي تسبب بضرر بالغ لجميع شرائح المجتمع اللبناني ومؤسساته وخدماته، داعية السلطات اللبنانية إلى تحمل مسؤولياتها الوطنية واتخاذ جميع الخطوات الممكنة على وجه السرعة لتحسين الظروف المعيشية للشعب اللبناني. وعلم ان المؤتمر سيجمع ما يقارب 350 مليون دولار لدعم اللبنانيين، فيما لا تستبعد مصادر مواكبة ان يستتبع المؤتمر بخطوات واجراءات أوروبية عقابية في حق مسؤولين لبنانيين مع استمرار تعثر تأليف حكومة جديدة وتقديم مصلحة الشعب اللبناني على المصالح السياسية الخاصة، واستمرار الهدر وتوزع المغانم في غياب تام للشفافية والمحاسبة.
كما كان يوم الرابع من آب 2020 غير ما قبله، هكذا ينتظر ان يكون يوم الرابع من آب 2021 بداية مسار تدهور المنظومة السياسية الحاكمة تحت وطأة مطرقة الحقيقة والعدالة في جريمة العصر.