محكمة الشعب اللبناني أصدرت حكمها والحصانات تحوّلت إدانات

النشرة الدولية –

لبنان 24 – نوال الأشقر –

أرادوا أن تبقى جريمة قتل بيروت بلا مجرم، أقصوا القاضي فادي صوان، رفعوا الحصانات بوجه القاضي طارق البيطار، ثم راحوا ينادون بالعدالة وكشف الحقيقة، تماما كمن يدفن رأسه بالرمال. واجهوا تُهم الإهمال والتقصير والقصد المحتمل لجريمة القتل، بذريعة مخالفة المحقق العدلي لأصول رفع الحصانات. فهل حمتهم تلك الحصانات؟

ربما هي المرة الأولى التي يواجه فيها القضاء اللبناني جريمة بهذا الحجم، قوامها ثلاث مراحل متكاملة العنصر الجرمي، الأولى تبدأ بلغز أحضار باخرة نيترات الأمنيوم إلى مرفأ بيروت قبل ست سنوات، والثانية بتخزّين هذه المواد رغم خطورتها المدمّرة، والثالثة بتفجير وإزهاق أرواح أكثر من مئتي ضحية وآلاف الجرحى، فضلًا عن تخريب عشرات الآف المنازل وتهجير أهلها، وتضرر عشرات المستشفيات والمدارس والمؤسسات. قَبِل القضاء التحدي، باشر بكشف خيوط أحد أكبر الإنفجارات غير النووية في العالم، “وأي قاض أجنبي لا يمكنه أن يقوم بما يقوم به قاض لبناني” كما قال البيطار نفسه. لكن محاولات وأد التحقيق وعرقلة سيره استمرت طيلة عام، إلى أنّ نزل الأهالي إلى المكان نفسه حيث لملموا أشلاء أبنائهم قبل عام، ومعهم حشود من كلّ لبنان، فنزعوا عن المدعى عليهم الحصانة الشعبية التي تفوق تلك النيابية، ومنحوها للقاضي بيطار، كتفويض شعبي يعينه في عبور أفخاخ مهمته الشاقة. لم تنجح بياناتهم المعسولة بعبارات العدالة والحقيقة، بتبرئتهم من تهمة التهرب من التحقيق أقلّه “فالمسؤول المؤمن ببراءته لا يتحصّن وراء حصانات وعرائض..ولا حصانة أمام دماء الشهداء” كما قال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي من المرفأ.

مشهدية الذكرى الأولى لذاك المساء القاتل من بيروت، وعلى رغم محاولات الإلتفاف عليها بشغبٍ غب الطلب ليلًا، بدت أكثر قوّة من خلال مواقف دولية داعمة، لم تقتصر على منظمة هيومن رايتس ووتش التي اتهمت السلطات اللبنانية بالإهمال “جنائيا” ودعت لتحقيق دولي، وكذلك فعلت منظمة العفو الدولية، بل تعدتها إلى الاتحاد الأوروبي، الذي طالب بتحقيق قضائي فعّال ومستقل وشفّاف “في بلد معروف بثقافة الإفلات من العقاب”.

فهل سيتمكن المدعى عليهم من مواصلة مسيرة الهروب من تحمّل المسؤولية بعد الرابع من آب 2021؟ وهو سيقود ذلك إلى تحقيق دولي أو على الأقل لجنة تقصّي حقائق دولية؟ جريمة قتل بيروت أكبر من أن تلفلف أيّها السادة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى