مساعي إيران ونفوذها نحو تصعيد التوتر في الشرق الأوسط

في الوقت الذي تتصاعد فيه حدة التوتر في مناطق عدة بالشرق الأوسط، تسعى إيران بما في ذلك عبر الجماعات المسلحة التي تدعمها في تعزيز أدوات تأثيرها ونفوذها وقدراتها المتعددة الأوجه في منطقة الشرق الأوسط، في حين لا تزال المفاوضات حول برنامجها النووي متوقفة.

وفي تصريحات أدلى بها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، مؤخرا عبر عن إعتقاده بأن إيران باتت أكثر جرأة في إنتهاجها للأساليب السلبية في أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك تعريض الملاحة البحرية للخطر، فضلا عن تسليحها للحوثيين، وإسهامها في تعزيز حالة الجمود السياسي في لبنان، وتعطيل المصالحة الفلسطينية.

ومن أبرز المناطق التي تنشط فيها إيران وحلفاؤها في الشرق الأوسط وتشكل قدراتها فيها ثقل معطل للسلام والإستقرار:

الخليج

يشهد التاريخ أن مياه الخليج التي تمر من خلالها كمية كبيرة من نفط العالم كانت ساحة للاحتكاك بين إيران والغرب. وهددت إيران في السابق بعرقلة شحنات النفط عبر مضيق هرمز إذا حاولت الولايات المتحدة خنق اقتصادها باستخدام سلاح العقوبات. ووقعت بضع هجمات على ناقلات في مياه الخليج في 2019 عندما تصاعد التوتر بعد أن سحب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بلاده من الاتفاق النووي الموقع عام 2015 بين إيران والقوى الكبرى، وأعاد فرض عقوبات صارمة على طهران.

ويتكفل الأسطول الأمريكي الخامس ومقره في البحرين بحماية الملاحة والشحن التجاري في المنطقة. وتضم القوات البحرية الإيرانية زوارق سريعة يشغٍلها الحرس الثوري. في الأسبوع الماضي، قتل اثنان من أفراد طاقم ناقلة للمنتجات البترولية تديرها إسرائيل في هجوم قبالة سواحل عمان. وتعتقد الولايات المتحدة أن إيران هي التي نفذت الهجوم بطائرات مسيرة ملغومة. وأشارت بريطانيا وإسرائيل أيضا بأصابع الاتهام إلى طهران التي تنفي مسؤوليتها.

وفي حادثة أخرى، أعربت الولايات المتحدة أمس الأربعاء عن اعتقادها بأن إيرانيين خطفوا ناقلة ترفع علم بنما في خليج عمان لكنها قالت إنها ليست في وضع يسمح لها بتأكيد ذلك. ونفت إيران تورطها بأي صورة من الصور. وتبادلت إيران وإسرائيل الاتهامات بمهاجمة سفن بعضهما البعض في الأشهر الأخيرة. *العراق ازدادت قوة الجماعات الشيعية المدعومة من إيران في العراق بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2003. تضم هذه الجماعات في صفوفها الن عشرات اللاف من المقاتلين ولعبت دورا بارزا في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، بالقتال ضمن قوات الحشد الشعبي. تشن الجماعات المدعومة من طهران هجمات متطورة على نحو متزايد تستهدف الولايات المتحدة وحلفاءها.

ونشرت رويترز في مايو أيار أن إيران شكلت مجموعات سرية جديدة في العراق مدربة على أعمال الحرب والاستطلاع بالطائرات المسيرة والدعاية على الإنترنت. ويقول مسؤولون أمنيون عراقيون ومصادر غربية إن الجماعات الجديدة هي التي نفذت هجمات بما فيها استهداف قوات تقودها الولايات المتحدة في قاعدة عين الأسد الجوية العراقية ومطار أربيل الدولي وضد السعودية في يناير كانون الثاني كل ذلك باستخدام طائرات مسيرة مفخخة. واستهدفت سلسلة من الهجمات عسكريين أمريكيين في يوليو تموز .

وقالت ثلاثة مصادر من الفصائل المسلحة ومصدران أمنيان عراقيان في ذلك الوقت إن قائدا بارزا في الحرس الثوري الإيراني طالب الفصائل في العراق بتكثيف الهجمات على الأهداف الأمريكية. كما خاضت بعض الجماعات العراقية المدعومة من إيران معارك في سوريا لدعم رئيسها بشار الأسد، وهو حليف خر لطهران.

وكانت القوات الأمريكية هدفا لإطلاق نار في شرق سوريا في يونيو حزيران، في رد على ما يبدو على ضربات جوية أمريكية لفصائل متحالفة مع إيران في سوريا والعراق.

لبنان

تأسس حزب الله عام 1982 بمساعدة الحرس الثوري الإيراني لمحاربة القوات الإسرائيلية التي اجتاحت لبنان. ولا يزال الحزب عدوا لدودا لإسرائيل التي تعتبره أكبر تهديد على حدودها. ويقدر عدد المقاتلين في حزب الله بعشرات الألوف. تحمّل الولايات المتحدة الحزب مسؤولية تفجير انتحاري أسفر عن تدمير مقر مشاة البحرية الأمريكية في بيروت في أكتوبر تشرين الأول عام 1983 ومقتل 241 جنديا، وتفجيرين انتحاريين استهدفا السفارة الأمريكية في 1983 ومبنى تابعا لها في 1984.

درب حزب الله جماعات مسلحة في سوريا والعراق وكان مصدر إلهام لقوى أخرى مثل الحوثيين في اليمن. تنامى النفوذ السياسي للحزب في لبنان وفاز هو وحلفاؤه بالأغلبية في انتخابات المجلس النيابي عام 2018 واتسعت مساحة الدور الذي يلعبه في الحكومة.

تصنف واشنطن حزب الله على أنه جماعة إرهابية وتستهدفه في إطار حملة لممارسة الضغط على إيران بفرض عقوبات على أعضاء فيه وعلى رجل أعمال متهم بدعمه. وفي هذا الأسبوع انطلقت صواريخ على إسرائيل من مناطق في لبنان يسيطر عليها حزب الله. ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها. وقصف الجيش الإٍسرائيلي بالطائرات ما قال إنها مواقع لإطلاق الصواريخ في لبنان في وقت مبكر من اليوم الخميس.

اليمن

تحارب جماعة الحوثي المتحالفة مع طهران تحالفا عسكريا تقوده السعودية في اليمن منذ 2015. تقدم إيران الدعم للحوثيين ضمن ما تسميه “محور المقاومة” في المنطقة. وتوجه السعودية وحلفاؤها اتهامات لإيران بتوفير السلاح والتدريب للحوثيين. لكن قوة العلاقة بين الحوثيين وطهران موضع خلاف. وتنفي طهران إرسال أي أسلحة لليمن.

تكمن قوة النفوذ العسكري للحوثيين في الصواريخ الباليستية التي يستخدمونها ضد السعودية، بما في ذلك منشت الطاقة في المملكة.

وينفي الحوثيون وصفهم بأنهم وكلاء لإيران ويقولون إنهم يصنعون أسلحتهم بأنفسهم. كما يتهمهم التحالف بشن هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر باستخدام زوارق ملغومة.

كان الحوثيون أعلنوا مسؤوليتهم عن هجوم أدى إلى تراجع إنتاج النفط السعودي بمقدار أكثر من النصف بصورة مؤقتة في سبتمبر أيلول 2019، إلا أن الولايات المتحدة قالت إن إيران هي التي نفذت الهجوم.

رويترز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى