«طالبان» ستعود بقوة «الباشتون» ويا قلبي لا تحزن
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –

لن يكون الوقت بعيداً عندما تسقط أفغانستان وتعود إلى حضن «طالبان»، فهذا المسار هو الذي تتجه إليه بعد عشرين سنة من «الاحتلال» الأميركي والفشل الذريع الذي انتهى إليه هذا الوجود، والمعادلة على الأرض تقول إن من يسيطر على المناطق الجبلية والريفية هي «طالبان» في حين أن الحكومة تتولى شؤون المدن والمديريات، يعني بلغة العسكر المساحة الأكبر من الأرض هي بيد «الحركة».

خريطة القبائل في أفغانستان ترسم الأدوار على الأرض وحدودها، فالعين اليوم تتجه إلى قندهار وهي المدينة الثانية بعد كابول، التي تبعد عنها حوالي 500 كلم، هذه المدينة صانعة «للثورات» التي انطلقت ضد المحتل الأجنبي، كما تحدثنا كتب التاريخ.

أيام حكم «طالبان» كانت البلاد تدار من «قندهار» فهي صاحبة السلطة في عموم البلاد بقيادة الملا عمر، وها هي تنتظر اللحظة المناسبة للانقضاض على ما تبقى من سلطات لحكومة أشرف غني الذي يشكو حال بلاده، ويضع اللوم على الأميركيين الذين خرجوا دون التنسيق اللازم، وتركوه «يقلّع شوكه بيديه»!

بلد مغلق جغرفياً، ليس له منافذ ساحلية، تحيط به جبال وأودية وتلال وعرة، ففي الشمال، توجد حدود مشتركة مع طاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان وجزء من مقاطعة صينية، أما في الغرب فهناك إيران ومن الشرق باكستان.. هذه الجغرافيا الكيانية أنشأتها قبيلة «الباشتون» عام 1774، بزعامة أحمد شاه، واستولت عليه طالبان عام 1996 بدعم ومؤازرة باكستان ومن ورائها أميركا! واستمرت إلى عام 2001 بعد تفجير وتدمير مركز التجارة العالمي في نيويورك.

بلد فيه موزاييك من الشعوب، وشديد التنوع في اللغات والأعراق، فالباشتون يشكلون 62% من سكان البلاد البالغ عددهم تقريباً 30 مليون نسمة، و«طالبان» جسمها الأساسي قبلي، وتقليديا تعتمد أفغانستان في حكمها ومنذ زمن على عرقية الباشتون، ومعظم الحكام منهم وربما كان حامد كرزاي أشهرهم.

التكوين القبلي يساعد «الحركة» في الانتشار وقبيلة الباشتون تتوزع جنوب وغرب وشرق أفغانستان ولا يزال هؤلاء مرتبطين بباكستان بشكل أكبر وأكثر تأثيراً من ارتباط الهزارة والطاجيك بإيران، فالدور المؤثر والوازن بترتيب البيت الأفغاني يأتي من «إسلام أباد»، فأفغانستان كما يراها المراقبون، ستبقى جزءاً أساسياً من استراتيجية باكستان في معادلة موازين القوى ضد الهند.

ولهذا تمثل باكستان تحدياً للمصالح الإيرانية أكثر من أي قوى إقليمية، فالباشتون وهم عماد القوة الفاعلة لهم امتدادات قبلية مع باكستان كان لها اعتبارها على الدوام في صياغة السياسات العامة للدولتين.

اليوم تتوزع الأقاليم الـ24 التي تشكل التقسيم الإداري لأفغانستان على عدد من القبائل ذات الامتدادات الإيرانية والباكستانية بالدرجة الأولى، فقد حافظت إيران على سبيل المثال في علاقاتها مع الهزارة الطاجيك وهم يشكلون نحو 20% من مجموع السكان.

تتقاسم إيران مناطق النفوذ مع باكستان لكن بنسبة أقل بكثير، بالرغم من تمتعها بنفوذ واضح على الهزارة، والتي بنت لهم المساجد والمدارس، لكن تبقى العلاقات مع أفغانستان متشابكة في عدة اتجاهات منها وجود أكثر من مليوني لاجئ أفغاني تقريبا في إيران والتنازع على اقتسام المياه على الحدود المشتركة إضافة إلى مشكلة تهريب المخدرات.

الطبعة الجديدة لحركة طالبان قادمة على الطريق وصياغة العلاقة مع الجارتين المؤثرتين باكستان وإيران والتي تجري بوتيرة متسارعة، والخطاب السياسي والموجه إلى الخارج، وضعت «الحركة» خطوطه العريضة وبدأته بالصين وهو مستمر مع دول الجوار.

طالبان على الأرض أقوى بكثير من القوات الحكومية باستثناء سلاح الطيران الذي يصب في مصلحة السلطة السياسية القائمة لكن إلى حين! والقبائل تاريخياً وقفت ضد الوجود الإنكليزي كما السوفياتي ولاحقاً الأميركي، ومن هنا تستمد طالبان ومن ورائها قبيلة الباشتون قوتها، وبالتالي العمل على العودة إلى حكم أفغانستان… ويا قلبي لا تحزن!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button