الدوحة تستضيف جولة جديدة من المفاوضات الأفغانية في ظل الإحتدام العسكري على الأرض

 

قال مصدر في وزارة السلام الأفغانية إن جولة جديدة من المفاوضات بين ممثلين عن الحكومة الأفغانية وحركة “طالبان” ستنطلق اليوم الثلاثاء في العاصمة القطرية الدوحة .

ونقلت وكالة “نوفوستي” عن المصدر ذاته أنه من المقرر أن تستمر المفاوضات ثلاثة أيام.

وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، في مؤتمر صحفي، الثلاثاء، أن أفغانستان “لن تكون منطلقا لأي هجمات على الولايات المتحدة”، مشيرا إلى أن مستويات العنف هناك “لا تتوافق مع الاتفاق المبرم مع حركة طالبان”.

وقال برايس إن “الدبلوماسية هي الحل الوحيد للأزمة” هناك، مؤكدا أن الولايات المتحدة “ستمضي في تعاونها ودعمها” للحكومة الأفغانية.

وأضاف: “يجب أن يكون للشعب الأفغاني الكلمة الفصل في اختيار قادته”.

وتأتي تصريحات برايس، فيما بدأ المبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان، زلماي خليل زاد، مهمته في الشرق الأوسط، الثلاثاء، بهدف تحذير حركة طالبان، ونقل رسالة قوية تؤكد عدم الاعتراف بحكومتها التي تسعى للوصول إلى السلطة من خلال القوة في أفغانستان.

وفي الأثناء، وصل الممثل الخاص للولايات المتحدة للمصالحة في أفغانستان السفير زلماي خليل زاد، إلى الدوحة للمساعدة في صياغة استجابة دولية مشتركة للوضع المتدهور بسرعة في أفغانستان.

ونوه بيان صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية، اوضح بأنه وفي عدة جولات من الاجتماعات المخطط لها على مدار ثلاثة أيام إعتبارا من اليوم، سيضغط ممثلون من دول في المنطقة وخارجها وكذلك من المنظمات متعددة الأطراف من أجل الحد من العنف ووقف إطلاق النار والالتزام بعدم الاعتراف بحكومة مفروضة بالقوة.

كما سيتم الضغط على طالبان لوقف هجومها العسكري والتفاوض على تسوية سياسية ، مؤكدا البيان على أن التسوية السياسية تشكل السبيل الوحيد للاستقرار والتنمية في أفغانستان.

وقال البيان “إن الوتيرة المتزايدة للاشتباك العسكري لحركة طالبان ، والتي أسفرت عن وقوع إصابات في صفوف المدنيين في النزاع المسلح بين الجانبين ، والفظائع المزعومة لحقوق الإنسان ، هي مصدر قلق بالغ. السلام المتفاوض عليه هو السبيل الوحيد لإنهاء الحرب ، وستواصل الولايات المتحدة العمل مع جميع الأطراف ومع أصحاب المصلحة الإقليميين والدوليين لتحقيق توافق في الآراء بشأن تسوية سياسية”.

احتدام المواجهات العسكرية

 حدة القتال ازدادت في أفغانستان منذ مايو

وتتزامن هذه المفاوضات مع احتدام المواجهات العسكرية بين القوات الحكومية ومقاتلي حركة طالبان، التي تسعى لتوسيع سيطرتها على مدن البلاد.

أفادت وزارة الدفاع الأفغانية، الثلاثاء، بمقتل أكثر من 47 مسلحا في غارات على مواقع لحركة طالبان في ولاية قندهار جنوبي البلاد.

وأوضحت الوزارة أن القوات الحكومية تمكنت أيضا من قتل العشرات من المتمردين في غارات على مواقع لها في محيط مدينة مزار شريف شمالي أفغانستان.

وأشارت إلى أن الجيش الأفغاني استطاع التصدي بنجاح لهجمات  الحركة على مدينة مزار شريف.

بالمقابل،تمكنت حركة طالبان، الثلاثاء، من السيطرة على مدينة فيض آباد عاصمة ولاية بدخشان الأفغانية، حبث إقتحم أعضاء الحركة المدينة وسيطروا على المقار الحكومية بعد أيام من المعارك مع القوات الأفغانية.

ومع تقدمها الكبير في الآونة الأخيرة، باتت طالبان تسيطر على 7 من عواصم الولايات الأفغانية البالغ عددها 34.

وفد شنت الحركة عملية عسكرية ضخمة من سبع اتجاهات على مدينة فيض آباد، مما دفع القوات الأفغانية لطلب الدعم الجوي لصد الهجمات.

ويأتي تقدم طالبان رغم إدانات المجتمع الدولي، ومحاولات أميركية للوساطة و”الضغط” على الحركة لإنهاء القتال.

قال المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، أن مسلحي الحركة قد تمكنوا من السيطرة على مواقع تابعة للحكومة في الأفغانية في مديريتي شيرزاد وسرخ رود شرقي البلاد.

وزعم مجاهد أن عناصر الحركة السيطرة علي مديرية دهدادي القريبة من مزار شريف، مضيفا: “سيطرنا علي مواقع جديدة في تخوم مدينة بلخمري عاصمة بغلان ومقاتلينا يواصلون التقدم صوب مقرات حكومية أخرى”.

سعي للسيطرة على مزار شريف

تسعى حركة طالبان إلى السيطرة على مزار الشريف، كبرى مدن شمال أفغانستان حيث عززت مواقعها، فيما تعتزم الولايات المتحدة إجراء محادثات في الدوحة هذا الأسبوع من أجل الضغط على الحركة لوقف هجومها العسكري.

وأعلنت الخارجية الأميركية في بيان مساء الاثنين “سيتوجه السفير خليل زاد إلى الدوحة للمساعدة في صياغة استجابة دولية مشتركة للوضع المتدهور بسرعة في أفغانستان”.

وأضافت أنه “سيحض طالبان على وقف هجومها العسكري والتفاوض على اتفاق سياسي، وهو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والتنمية في أفغانستان”.

وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قرر سحب القوات الدولية من أفغانستان، وأرجأ خلفه جو بايدن الموعد النهائي للانسحاب لبضعة أشهر، إلا أن القوات الأميركية والأجنبية ستغادر بحلول نهاية أغسطس.

وخلال الأسابيع الأخيرة، أوضحت إدارة بايدن أن واشنطن ستحافظ على “دعمها” الحكومة في كابل، خصوصا في ما يتعلق بالتدريب العسكري، لكن بالنسبة إلى بقية الأمور، على الأفغان ان يقرروا مصيرهم.

وقال الناطق باسم البنتاغون جون كيربي “هذا بلدهم الذي يجب أن يدافعوا عنه. هذه  معركتهم”.

لكن في شمال أفغانستان، الوضع يتغير بسرعة، فبعد السيطرة على مدينة قندوز الكبيرة الواقعة في شمال شرق البلاد، وكذلك مدينتي ساري بول وتالقان الأحد في غضون ساعات قليلة، أضافت طالبان الاثنين إلى قائمتها مدينة أيبك البالغ عدد سكانها 120 ألف نسمة والتي سقطت من دون مقاومة.

وباتت طالبان تسيطر على ست من عواصم الولايات الأفغانية البالغ عددها 34 بعدما استولت السبت على شبرغان معقل زعيم الحرب عبد الرشيد دوستم على مسافة حوالى 50 كيلومترا شمال ساري بول والجمعة على زرنج عاصمة ولاية نيمروز البعيدة في جنوب غرب البلاد عند الحدود مع إيران.

مدينة رئيسية

وفر آلاف من شمال البلاد ووصل كثر إلى كابل، أمس الاثنين، بعد رحلة لعشر ساعات في السيارة عبروا فيها العديد من حواجز طالبان.

وتسيطر حركة طالبان التي تتقدم بسرعة الآن على خمس من عواصم الولايات التسع في الشمال فيما القتال مستمر في العواصم الأربع الأخرى.

ويبدو أن الحركة لا تفكر في إبطاء الوتيرة المحمومة لتقدمها في الشمال. فقد أعلن المتمردون أنهم هاجموا مزار الشريف كبرى مدن شمال أفغانستان وعاصمة ولاية بلخ، لكن السكان والمسؤولين قالوا إنهم لم يصلوا إليها بعد.

وقالت الشرطة في ولاية بلخ إن أقرب موقع شهد معارك يبعد 30 كيلومترا على الأقل منها، متهمة طالبان بأنها تستخدم “الدعاية لترويع السكان”.

وقال مرويس ستانيكزاي الناطق باسم وزارة الداخلية في رسالة إلى وسائل الاعلام إن “العدو يتحرك الآن باتجاه مزار الشريف لكن لحسن الحظ أحزمة الأمان (حول المدينة) قوية وتم صد العدو”.

ومزار الشريف مدينة تاريخية ومفترق طرق تجاري، وهي من الدعائم التي استندت إليها الحكومة للسيطرة على شمال البلاد، وسيشكل سقوطها ضربة قاسية جدا للسلطات.

وتعهد محمد عطا نور الحاكم السابق لولاية بلخ والرجل القوي في مزار الشريف والشمال، المقاومة “حتى آخر قطرة دم”. وكتب على تويتر “أفضل أن أموت بكرامة على أن أموت في حالة من اليأس”.

السيطرة على قندوز

قد يكون عجز السلطات في كابل عن السيطرة على شمال البلاد أمرا حاسما لفرص الحكومة في البقاء. ولطالما اعتُبر شمال أفغانستان معقلًا للمعارضة في وجه طالبان، فهناك واجه عناصر الحركة أقوى مقاومة عندما وصلوا إلى السلطة في التسعينات.

حكمت طالبان البلاد بين العامين 1996 و2001 وفرضت الشريعة بتفسيرها الصارم لها، قبل أن يطيحها تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة.

وتشكّل السيطرة على قندوز الواقعة على مسافة 300 كيلومتر شمال كابل والتي احتلها المتمردون مرتين في 2015 و2016، مفترق الطرق الاستراتيجي في شمال أفغانستان بين كابل وطاجيكستان، أكبر نجاح عسكري لطالبان منذ بدء الهجوم الذي شنته في مايو مع بدء انسحاب القوات الدولية الذي يُتوقع أن ينتهي بحلول 31 أغسطس.

وفي حين أثبت الجيش الأفغاني عدم قدرته على وقف هجوم طالبان في الشمال، فإنه مستمر في مواجهة المسلحين في قندهار ولشكركاه، وهما معقلان تاريخيان للمتمردين في جنوب أفغانستان، وكذلك في هرات في غرب البلاد.

لكن هذه المقاومة تتم لقاء خسائر مدنية فادحة، إذا أفادت اليونيسف، الاثنين، عن مقتل عشرين طفلا على الأقل وإصابة 130 خلال الأيام الثلاثة الأخيرة في ولاية قندهار وحدها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى