أسرار العرب تتزايد والمقابر أصبحت لا تتسع!
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
تتزايد الأسرار في العالم العربي حتى أصبحت الشعوب لا تعرف إلا القليل، فالصورة معروفة وواضحة لكن من قام بها أو ما سيحدث في المستقبل القريب يكون دوماً في علم الغيب، كون الأسرار العربية مدفونة في مقابر الزعماء الذين لا يفتحون قلوبهم للشعوب من جهة وللسياسيين الذين يدركون ان مقتل الرجل بين فكيه من جهة أخرى، لذا يصمتون مطولاً عن الأسرار التي يعرفونها ويتكتمون عليها معتقدين أن الشعوب يجب أن تبقى بعيدة عن الصورة، وهذا ما يحصل في عديد دول العالم وبالذات الولايات المتحدة التي تُحارب في شتى بقاع الأرض دون ان يعلم دافعوا الضرائب من المواطنين الأمريكيين اسباب هذه الحروب وفوائدها، بل تقوم الدولة بتسير الشعب كما تريد بفضل إختلاق العدو.
ويبدو أن الوضع أصبح أكثر سرية وتكتماً في الوطن العربي، فالشعوب لا تدرك ما يحصل ويعود ذلك لتلاعب الإعلام والإعلام الموازي والمُضاد في الفكر العربي حتى أصبح المواطن يرى عدد كبير من الصور التي يعتقد أنها حقيقية لنفس المشهد، فالشعب اللبناني الذي أصبح يعيش حياة لا تشبهه بعد إنفجار بيروت قبل عام والذي غير معالم المدينة دون أن يتم الإعلان عن المُجرم الحقيقي في تدمير نصف بيروت بل زادت الضبابية في ظل الصراع على السلطة والوضع الاقتصادي المتردي، لتنام لبنان مبكراً فيما شوارعها تنقصها البسمات لنشعر بأن البركات الإيرانية تحيط بالمشهد وتنذر بالمزيد من القتل والدمار الإقتصادي والسياسي.
وتتستر تونس على ما جرى خلال الاسابيع الماضية حين قامت بتغيرات اعتبرها البعض إنقلاب وآخرين إصلاح، وتحدث البعض عن أسرار بين الرئيس قيس سعيد تونس وعدد من الدول الغربية لنقل تونس إلى مربع جديد في العمل السياسي، وحتى لا تصبح حجر عثرة في طريق التطبيع الشامل والسيطرة على غاز المتوسط، ولاح في الأفق بأن هناك دول تمارس ضغوط على تونس لإحداث التغير المطلوب في هذه المرحلة، وفي حال رفضت ذلك فإن أذرع الإرهاب تنتشر في القارة السمراء ويمكن نقله إلى تونس، مما سيجعل القرار التونسي يذهب بإتجاه الرغبات الأوروبية الأمريكية، ليبقى سيناريو ما حصل من أسرار تونس التي لا يعرفه إلا عدد قليل وقليل جداً.
وفي العراق لا تزال معرفة مصير مليارات الدولارات التي تم نهبها بعد حكم الرئيس صدام حسين محل سر، وجل ما يعرفه العراقيون أن اموالهم نُهبت وسُرقت واصبحت في بنوك الغرب، وبالذات الولايات المتحدة التي استقطبت جميع لصوص بلاد الرافدين، مما يُشير إلى أن ما حصل في نهب العراق هو خطة أمريكية دون أن يعرف أحد أسرارها، فأغبياء العراق ساروا حلف الأمريكي مغمضي العيون، وحين أصبحت الأموال في بلاد العم سام جاء الرئيس السابق ترامب وهدد بوضع يد الحكومة الأمريكية عليها، وهذا يظهر لنا ان الجهل بالأسرار قد يؤدي بالبعض إلى الموت أو الإفلاس.
الاسرار لا تتوقف وأخطرها ما يدور حول القضية الفلسطينية التي تسير في السر دون معرفة أحد، فالصفقة الصهيوأمريكية حول المستوطنات تُثير شبهات عديدة بتورط البعض فيها كون البناء سيكون متبادل، بحيث يبني الصهاينة في الضفة الغربية ويبني الفلسطينون في الداخل داخل قراهم، ويرتعب الكثيرون من أن الصفقة قد حصلت بالإتفاق مع السلطة التي نفت القصة، وقد اعتدنا في العالم العربي أن النفي ليس برائة مُطلقة، أما السر الأكبر فهو كيف ضاعت فلسطين؟، وكيف حدثت مباحثات السلام؟، وما هي الإتفاقيات التي لا يعرفها أحد أو لنقل لا يعلم بها إلا الله وعدد قليل.؟!!
ستتزايد الاسرار حتى تحيط بجميع الدول العربية في ظل الحواجز التي تضعها الحكومات بينها وبين الشعوب، وفي ظل تراجع الثقة بينهما إلى نقطة جعلت اللقاء شبه مستحيل، رغم ان الحكومات كانت ولا زالت بحاجة لمعرفة الشعب ببعض الاسرار لتتخلص من عبئها وعبء الضغط الخارجي، لكن عدم الثقة في القدرة على إتخاذ القرار المناسب في التوقيت الصحيح جعل السياسيين يخفون العديد من الأسرار التي قد تكون دمار في مستقبل الايام على عديد الدول العربية التي تعيش حياتها يوم بيوم، لنجد ان العالم بشكل عام والعربي على وجه التحديد بحاجة إلى مقابر أوسع لدفن الأسرار وربما من يحملها.