وصيّة

رانية مرعي

النشرة الدولية –

أخرجُ كثيرًا هذه الأيام لأتأمل بلادي

 

أملأ ذاكرة عيني بالصّور والأماكن

أنتزع من براثن الوقت الكثير من الذكريات

الكثير من الأمنيات

وأمضي ..

 

أحاورُ النّسيم لألملمَ صدى أصوات الأحبّة

أحنّي كفّي بترابٍ مجبول بعرق الشرفاء

أحفرُ اسمي على أعناق الأشجار

وأمضي..

 

أمشي في دروب مدينتي المكتظّة بالأحزان

أسترقُ السّمعَ لوشوشات الحالمين

أهاتفُ أصدقائي وأقفل الخطّ عندما يجيبون ..

الحمدلله ما زالوا أحياء !

وأمضي..

 

أكتبُ الكثير من العناوين في مفكرتي

أزورُ مدرستي القديمة لأطمئنَ على طفولتي

أقفُ قربَ أولادٍ يلعبون وأطمئنُ من حماسهم أنّ الأملَ ما زال حيًّا

وأمضي..

 

ستة وأربعون عامًا وأنا أنقشُ تفاصيلي .. وما اكتفيتُ ..

أعاقرُ الجنونَ رشفةً رشفة وأهيمُ في دنيا العاشقين ..

 

ستة وأربعون عامًا وما زلتُ أعقدُ جديلتي وأنا أساهرُ القمرَ وأعده أنّي سأعيشُ أكثر منه..

 

واليوم..

خاصمتُ النومَ .. واعتذرتُ من الأحلام

أُودّعُ كلّ يوم بيتي ومدينتي ووطني

وأترك على سريري كلّ صباح وصيّتي :

” كونوا كالحب أنقياء .. ليذكركم الرحيل .. ”

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى