لماذا “المزار الشريف”؟!
بقلم: صالح القلاب
النشرة الدولية –
ربما أنّ ما لا يعرفه حتى الذين باتوا يتعاطون عسكرياًّ وسياسياًّ وكل شيء مع المشكلة الأفغانية هو أنه لهذه المدينة: “المزار الشريف” قصة في غاية الأهمية وطويلة ومن الواضح أنّ الأفغانيين بصورة عامة باتوا يتجنبوها حتى بما في ذلك الرئيس أشرف غني وحيث أنّ كل الذين باتوا يتعاطون مع هذا الأمر بعدما حققت حركة طالبان الأفغانية، التي هي في حقيقة الأمر باكستانية، كل هذه الإنتصارات التي حققتها والتي هي بالأساس حركة طلابية قد إستخدمت أساساً ضد النظام الشيوعي الذي كان على رأسه بعد حفيظ الله أمين الرئيس بابراك كارمال.
ولعل ما تم تجنبه لاحقاً، بعد إنهيار النظام الشيوعي ومغادرة القوات السوفياتية لأفغانستان والتي تحولت بعد ذلك إلى ساحة تصفية حسابات كثيرة وباتت تحت الوصاية العسكرية الأميركية وذلك إلى ما قبل أيام قليلة، هو عدم ذكر وحتى ولا مجرد الإشارة إلى أنّ لهذا الإسم: “مزار الشريف” حكاية تاريخية طويلة وأنّ لا النظام الشيوعي ولا الإتحاد السوفياتي الذي كان يحتل هذا البلد إحتلالاً عسكرياًّ كاملاً قد تجنبا ذكر حقيقة أنْ تأخذ هذه المدينة هذا الإسم التاريخي الذي تناوبت عليه أنظمة متعددة وكثيرة.
تقول الحكاية، التي لم يتجنب ذكرها حتى حفيظ الله وحتى بابراك كارمال والحزب الشيوعي الأفغاني وأيضاً ولا الإتحاد السوفياتي الذي كانت سيطرته على هذا البلد كاملة هي: أنه بعد إغتيال علي بن أبي طالب في المسجد الكبير في الكوفة على يد “خارجيٍّ” إسمه عبدالرحمن بن الملجم تم غسل جثمانه من قبل أبنائه الثلاثة الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية ومعهم إبن أخيه عبدالله بن جعفر وجرى دفنه سراًّ في العتبة العلوية في النجف في العراق الحالي لكن آخرين معظمهم من الأفغان يصرون على أن جثمانه، رضى الله عنه، قد نقل إلى المدينة الأفغانية التي أصبح إسمها:” المزار الشريف” وأنه دفن هناك في تلك المنطقة النائية والبعيدة.
وتقول الرواية “الأفغانية” التي لا يقرها بعض المسلمين، لا سابقاً ولا لاحقاً، أنه بعد مقتله، رحمه الله، وُضع جثمانه على ناقة “وضحاء” أي بيضاء وأن أحد الملائكة قد “ساقها” محلقة في السماء إلى أن وصلت إلى هذا المكان الأفغاني، الذي أصبح مدينة أفغانية رئيسية، وحيث، كما يقال، أن الملائكة قد تولوا دفنه في تلك البقعة التي غدت مقدسة وأصبحت هناك هذه المدينة التي بات إسمها منذ ذلك الحين وحتى الآن: “مزار شريف”.. والبعض يقول: “المزار الشريف”.
وهنا فإنه قد أسعدني أنني قد زرت هذه المدينة المقدسة وإنني قد قرأت: “الفاتحة القرآنية” على ذلك المرقد الذي يصر “الأفغانيون” على أنه مرقد علي بن أبي طالب وحيث أنه يجاور هذا المرقد المقدس مرقد طفل صغير يقال أنه أحد أبناء هذه العائلة المقدسة.. وحقيقة وهذا ما كان قد تجنبت ذكره سابقاً هو أنني خلال عودتي “كصحافي” من إحدى المناطق المجاورة في ساعات المساء ومعي مرافقين مسلحين أثنين قد “وقعنا” في كمين مسلح يتبع لإحدى التنظيمات المناهضة للنظام الشيوعي وللإحتلال السوفياتي لأفغانستان.. وكان أنْ منّ الله علينا بالسلامة.. وكانت قناعة هذين المرافقين هي: إنّ الله، جلّ شأنه، قد حمانا وحال دون قتلنا “إكراماً” لهذا الذي أعطى لهذه المنطقة ولهذه المدينة إسم: “المزار الشريف”!!.