أميركا تُجيد فن الهروب .. من الزومبي لـ طلبان..!!
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
أُصيبت الولايات المتحدة وصوتها الإنسانية التي تحاول الترويج لها في مقتل، وأعطت لذاتها صورة جديدة بأنها دولة “الأنا” الكُبرى وطبقت المثل العربي “إخدمني وأنا سيدك”، لتبرر فعلاتها بأنها السيد الذي لا يهتز له جفن لمصير العبيد، فهذه الدولة قتلت وعذبت وشردت ملايين البشر فهل يصدق عاقل أنها ستتحول إلى بلد الإنسانية للآخرين، وللحق هي بلد الإنسانية لمن يحمل جنسيتها فقط، لذا فقط ضحت بالكثير من الدول والأشخاص في طريق رفعتها حتى شركائها في الحروب والقتل والموت لم ينجوا من سوء أفعالها، وشاهد العالم كيف حاولت خنق القارة الأوروبية في عصر جائحة كورونا وخاضت مع دولها حرب الكمامات وأجهزة التنفس وحتى حرب اللقاحات.
وخلال مشاهدتي لما يجري من قهر وذل في مطار كابول الأفغاني، وكيف يتعلق الباحثون عن الحياة بأجنة الطائرت، وكيف يستجدي عملاء واشنطن قوات العم سام لحمايتهم أو إخراجهم من البلاد، تذكرت فيلم ” World War Z” لبراد بت، وكيف يهرب الباحثون عن النجاة من الزومبي وكيف يتعلقون بالطائرات التي لا تُقل إلا من يعتبر كنز ثمين وغال في المعرفة ومن الجنود، فيما يُترك البقية لمواجهة مصيرهم المحتوم في موت محقق أو التحول لزومبي يثير الرعب وينشر الموت في بقية دول العالم، هذا الفيلم الذي أنتج في عام “2013” جعل صورة الولايات المتحدة تبدوا اليوم أكثر وضوحاً وقتامة في مطار كابول، “فالمتغطي بواشنطن عريان حتى التجمد من البرد”.
ففي هذا الفيلم المرعب ينتشر الموت القادم من خارج المدينة ويفشل الكثيرون في النجاة، ليتحولوا إلى زومبي أشد فتكاً وضراوة ليبحثوا عن الدماء واللحم الطري بكل شهية، فيما يهرب من يستطيع ويتجمعون في المطار بانتظار الطائرات الأمريكية التي لم تحضر كما هو الوضع حالياً في أفغانستان، ليصبح مستقبل من في المطار على المحك وقد يكون الموت بطريقة مرعبة هو ما ينتظرهم، ففي بلد صنعت الموت وجربته بجميع أشكاله تربي جيل على القتل والفتك بالآخرين، مما يعني أنه من الصعب السيطرة عليهم وعلى إنفعالاتهم، لذا نتوقع ان يكون هناك تصفية حسابات متعددة الأطراف لتظل أفغانستان صانعة الموت ونهر الدماء الذي سيسيل على طريق الحرير.
وقد تصنع واشنطن مستقبل جديد للمنطقة لتعود بؤرة الموت متعدد الأشكال ، فطالبان ستستعيد الحكم وقد تعود لقوانينها من حرمان تعليم المرأة إلى منع السفر والخروج من المنزل وربما توقف النساء عن العمل، وهذا أمر يصنع تنمر مجتمعي مرعب كما حصل سابقاً حين تم قتل العديد من النساء للشبهة، كون التوجه بتحويلهن إلى متاع على طريقة الجاهلية الأولى، كما سيبادر من يملكون الفكر المنفتح والعلم والمعرفة وراس المال للهرب من سجن بحجم دولة، فيما سينضم العديد من ابناء الشعب “المتحولون” لطالبان ليصبحوا أشد ضراوة على بقية الشعب، لذا قد ينتشر الإرهاب في المنطقة من جديد إلا إذا تعاملت طالبان بسياسة جديدة تتناسب مع معطيات العصر، وبالتالي على طالبان أن تتعلم فن السياسة وقد اكتسبت خبرات متراكمة خلال مباحثاتها مع واشنطن، لذا قد تتخلي عن العديد من مظاهر فرض القوة والموت وتتفرغ لصناعة الدولة بدلاً من صناعة تنظيم كون جميع الدول التي اعتمدت على صناعة الجماعة انتهت كون العالم لا يرغب في التعامل معها بعقليها وفكرها الرافض للآخرين، وأقول هنا ان من حق طالبان ان تحكم بلدها أفغانستان كما يجب على الولايات المتحدة الرحيل، لكن الرحيل تأخر حتى ارتفع عدد الضحايا وزاد الحقد، لذا كان الله في عون أفغانستان ومن بجوارها من تجاوزات قد تطيح بالمنطقة من جديد.