درس أميركي مكرر .. والزعماء لا يتعظون!
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

الكوبي فولغينسيو باتيستا، الإيراني محمد رضا بهلوي، الباكستاني براويز مشرف، الفلبيني فرديناند ماركوس ، الأندونيسي محمد سوهارتو، المصري حسني مبارك وأخيراً الأفغاني أشرف غاني، ومعهم عدد كبير من الحلفاء الفرعيين للولايات المتحدة والذي خاضوا حروبها، وضغطوا شعوبهم وحولوا بلادهم إلى معسكرات اعتقال تابعة لواشنطن، ومنحتها صلاحيات في بلادها فاق تصور واشطن ذاتها، وظن هؤلاء أنهم بأمان بفضل خنوعم وتنازلاتهم وولائهم المُطلق للبيت الأبيض، معتقدين أن الولايات المتحدة ستدافع عنهم وترسل حاملات طائراتها للحفاظ على عروشهم، لكن ظهرت الصورة الأمريكية الحقيقية بأن الفكر الأساسي في واشنطن  يحمل شعار “أميركا أولاً” و”سلامة جنودها أولاً”، لذا فإن جميع هؤلاء القادة لا يعادلون حياة جندي أمريكي واحد، لتصحي بهم واشنطن على مذبح مصالحها مع الشعوب والدول.

لقد هزت رسالة الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن الواضحة جميع من سمعها من حلفاء أميركا، حين قال وبكل صارحة: “لن نخوض حروب الآخرين للأبد”، كما قالتها واشنطن سابقاً لمشرف حين تم خلعه ومحاكمته بأن ما يجري هو شأن باكستاني، لتكون الرسالة الأمريكية جلية بأنها لن تقف في صف اي زعيم للأبد، وأنها تقدم له الدعم والحلول لمواجهة القضايا بشرط عدم تدخلها، وعند سقوطه تكون أول من يتغيب عن جنازته، فواشطن لا تؤمن بالقيادات التابعة المتعبة بقدر إيمانها بمصالحها الخاصة، مما يوجب على كل من يضع يده بيد البيت الأبيض أن يبدأ بعد اصابعة أو يبادر لقضمها ندماً لإعتماده على حليف غير مأمون الجانب.

ما حصل في أفغانستان من عودة طالبان لإحتلال البلاد، وتسلم مقاليد الحكم والقيادة يُشير إلى أن واشنطن قد تترك أي دولة لمواجهة مصيرها وهذا أمر لا يحصل للمرة الأولى، مما أرعب العراقيون الذين دخلوا بغداد على الدبابة الأمريكية خوفاً من عودة داعش من جديد وفرض سيطرتها على العراق كما حصل سابقاً، ومن تخلي الولايات المتحدة عنهم وتركهم يواجهون مصيرهم المحتوم، مما سيجعل العديد منهم يسارعون لمغادرة العراق صوب مناطق آمنة وربما تكون بلاد العم سام وجهتهم الأزلية بعد أن نهب الكثير منهم البلاد على الطريقة الأفغانية.

لقد ثبت للسياسيين والعسكريين والإقتصاديين والشرفاء والخونة أن الولايات المتحدة مجرد فزاعة قد ترعب الطير للحظات، لكنها لن تمنعه من التحليق والعودة من جديد بل لن ترفض أن يقف على رأسها، فيما ترفض حمل صنعتها من العملاء في طائراتها الهاربة من كابول ليسقطوا عن أجنحتها صوب الموت الأليم، لتترك رجالها وعيونها يواجهون ألهم والرعب من قادم الايام، كما فعلت مع رجال جميع من خذلتهم من الرؤساء، ورغم ذلك لا يزال البعض يراهن على البيت الأبيض وأنه صانع النصر والأمان وأنه طريق المجد والسؤدد، ولم يتعلم هؤلاء الدرس القاسي والذي يظهر جلياً أنه  “لا صديق لواشنطن إلا واشنطن”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button