بين زينب والدمى تتجلى القصيدة في بيت الشعر بالشارقة

النشرة الدولية –

«شعراء إعلاميون» كان عنوان الأمسية الشعرية التي نظمها بيت الشعر في دائرة الثقافة بالشارقة مساء الثلاثاء، وشارك فيها كل من الشاعر الإعلامي يوسف أبو لوز من الأردن والشاعر الإعلامي سعد عبدالراضي من مصر، بحضور الشاعر محمد البريكي مدير بيت الشعر وعدد من محبي الشعر والثقافة في جو التزم بالإجراءات التي فرضتها جائحة كورونا، وقدمها الشاعر الإعلامي رعد أمان الذي أشاد بدور الشارقة وبيت الشعر في دائرة الثقافة بفتح مساحات للشعراء للبوح بجديدهم والتواصل مع جمهورهم في ظل جائحة كورونا وقال: نحن في الشارقة محظوظون حقاً لأننا نتنفس الشعر، ونعيشه كأي ضرورة يومية نحتاجها في حياتنا، وذلك بفضل الله تعالى، ثم بفضل صاحب السمو حاكم الشارقة الشيخ د. سلطان بن محمد القاسمي الذي رفع من قدر الشعر وأعزه، وكرم الشعراء في كل بقعة من تراب الأرض العربية، وأعاد لهم اعتبارهم، أليس هو القائل: «إذا كانت العروبة تغرق فزورق إنقاذها الثقافة ومجدافه الشعر».

افتتح القراءات الشاعر سعد عبدالراضي بتجليات الذات والعاطفة وأحوال العشق وهمومه، محلّقاً بروح العاشق المتشبث بحبال الود حتى لا يسقط من علو شعوره، وحضر ببهاء وتلقائية من الجمهور ومن نصه الذي استهل به قراءاته وحمل عنوان “أنا وزينب” وقرأ:

أنا سالِكٌ والسالكونَ مذاهبٌ

وعيونُ زينبَ مسلكي وذهابي

عشرون عاماً شيَّبتْ لي أضلُعي

وبذكرِ عينيها يعودُ شبابي

صبٌّ صريعٌ في حَكَايَا نظرةٍ

أسرتْ انايَ واعتقتْ أهدابي

 

وكأنَّها قدْ سافرتْ في مُهجتي

وكأنَّني سافرتُ في محرابي

ولم يبتعد سعد عن التساؤلات الوجودية التي تشغل الشعراء حتى وهو في تجليات الوجد، فالوقت والمستقبل وحال الغريب وهو مع تمتماته والعمر والشعر والبحر واللحن، كلها تكتنز في النص وتتعاضد مع وحدة المعنى والروح التي تبوح بوجدها على السطور، فيقول:

يغتالهُ العمر إنّ العمرَ قصّابُ

من ثقبٍ بابٍ له قُفل وبوّابُ

والوقتُ يبحرُ خلفَ الوقتِ يعصِرهُ

والعمرُ طفلٌ وموجُ البحرِ ألعابُ

والشعرُ يسألُ عن عوَّادِ غربتهِ

هل مايزالُ ببطنِ الحوتِ زريابُ؟

هلّا يعودُ إلى لحنٍ قوالبهُ

تبكي الشبابَ وتبكي من بهِ شابوا؟

بدأ يوسف أبو لوز قراءاته بنص “صانع دمى” وفيه جسد فصلاً من فصول المعاناة التي يتشارك فيها مع الهم الإنساني من خلال رمزية الدمى وهي مهنة توارثها أباً عن جد، وحلق بالشعر والرمز فيها، وقال:

«لي ثلاثون عاماً أُنادي على الناسِ

إنْ كانَ منهم يبيعُ ليَ الصوفَ والخيطَ

والمغزلَ المتصوِّفَ مثلي/ وإنْ كان منهم يبيعُ الحصى والعظامَ/

وشيئاً منَ الخبزِ لي/ لا لآكلَ، بل لأغذّي الدُّمى».

ليواصل في رسم هذه المشهدية المتوشحة بتعب الإنسان ومكابدة مشاق الحياة من أجل أن يطعم الدمى، وما الدمى إلا ملهاة سوداء وتصوير بالشعر للمأساة، حيث يقول:

«لي ثلاثون عاماً على حرفةٍ لأبي

كان أورثني إبرة لأخيط بها

كي أعيش من الخيط/ والصوف/ لا أتسول أو أتذمر أو أمسح الجوخ/ مكتفياً بقليل من الملح والحطب القروي/ ومثلي يُعمِر حتى يُقال/ اكتفى بالحصى والعظام/ وعاش/ إنني صانع للدمى/ زوجتي مخمل/ وبناتي قماش».

ليختم بمقاطع من ديوانه “زوجة الملح” في تطوافٍ سريع مشوق، اتخذ من الاختزال والتكثيف عنصر جذب وصانع دهشة مثل مقطع «ثلاثة أسلاف» الذي يقول فيه:

نحنُ ثلاثةُ أسلافٍ من قدماءِ الإغريقِ

ذبحنا عِجْلَ الأيتامِ

وأطفأنا نارَ السحرةْ

أنا والحطّابُ الكهلُ

وأختي الشجرةْ.

في ختام الأمسية كرم محمد البريكي الشعراء ومقدم الأمسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى