جنبلاط يستحضر جعجع: «متعنّت» ولا أسير به! وحزب الله المستمع أكثر من متحدّث لم يعط «الجواب القاطع»!
بقلم: جويل بو يونس
النشرة الدولية –
الديار –
لا يمكن للقاء الذي طلبه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مع حزب الله فضرب له الموعد في 11 اب في كليمنصو ان تنتهي مفاعيله مهما طال زمن انعقاده. فرغم مرور اكثر من اسبوع على اجتماع كليمنصو ، تفاصيل عدة حول ما دار على طاولته لم تكشف حتى اللحظة ، بعدما تكتم الطرفان على الخوض بنقاط عدة بقيت كلها بعيدة عن الاعلام الا ان « الديار» حصلت على معلومات خاصة حول ما طرحه زعيم المختارة من هواجس وما اباح به امام خصمه بالامس حزب الله وكيف كان الحزب يرد على الهواجس الجنبلاطية فماذا حصل عصر الخميس 11 اب منذ لحظة استقبال «البيك» لضيوفه حتى لحظة الوداع؟
في الشكل، وعلى عكس لقاءات جنبلاط المعروف عنها انها لا تتخطى بافضل الاحوال الربع او النصف ساعة، حاز لقاء كليمنصو على اهتمام جنبلاطي دفع بالبيك لاطالة النقاش على مدى 50 دقيقة، حرص جنبلاط منذ بدايتها على «تنظيم القعدي» فطلب من الحاج حسين الخليل الجلوس الى جانبه على المقعد قائلا: «حاج عمول معروف اقعد هون» وفي الجهة المقابلة جلس كل من الحاج وفيق صفا والنائب وائل ابوفاعور والوزير السابق غازي العريضي.
كما حرص على تنظيم عملية الجلوس، حرص ايضا زعيم المختارة على «حسن الضيافة» فسال ضوفه شو بتشربوا، فكانت «القهوة المرّة» من نصيب الحاج حسين الخليل وبقية الضيوف فيما فضّل هو ان يرتشف «المتّة» التي استحضرها بابريق كبير يكفي لـ 50 دقيقة من الكلام.
وبدأ نقاش لقاء الساعة الذي يبدو ان جنبلاط «محضرلو منيح» اذ تفيد معلومات الديار بان كل الاسئلة والمحاور التي حرص على طرحها على حزب الله كانت مدرجة بشكل منظم على اوراق وضعت امامه وكتب عليها كل ما يدور بباله من اسئلة. هذا في الشكل، اما في المضمون فكان الاستحقاق الرئاسي في طليعة النقاش حيث بادر جنبلاط للقول: صراحة كلام السيد (في اشارة الى ما كان دعا له امين عام حزب الله في 9 اب عندما تحدث عن وجوب تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات لتتحمل المسؤوليات إذا لم يتم الاستحقاق الرئاسي) ، «اقلقني» فهل بدكن فراغ رئاسي؟ سأل جنبلاط ضيوفه فبادر سريعا الحاج الخليل للرد: لا بالعكس نحن نريد ان يتم الاستحقاق بموعده وهذا ما نسعى اليه فرد جنبلاط: ما بدي رئيس» تحدي استفزازي»، واللافت ان جنبلاط استحضر هنا رئيس حزب القوات سمير جعجع فقال: انا مثلا لا يمكن ان اسير بجعجع لرئاسة الجمهورية فهو رجل «متعنّت»، بقي الحاج الخليل مستمعا الى ان اختصر الكلام بـ: « انشالله بنتفق على رئيس يكون جزءا من خطة انقاذ البلد».
ومن هذا الباب دخل جنبلاط ليسال عن الحليف، فقال: ادرك ان المقاومة بحاجة لغطاء مسيحي لكن حليفكم على مدى السنوات الـ 6 لم تكن تجربته مشجعة وعانينا الكثير فحرص هنا حزب الله عبر الحاج الخليل على التعليق باختصار شديد: «هذه قناعتنا» (في اشارة الى ان الحزب مقتنع بتحالفاته ولا يوافق راي جنبلاط)».
تابع جنبلاط الكلام فشبّه لبنان بغزة سائلا حسين الخليل: الم يصبح لبنان شبيها بقطاع غزة؟ حتى ان هناك مناطقا باتت اسوا من قطاع غزة كطرابلس التي تعاني من الفقر والحرمان فرد الحاج سريعا: ايه هذا بفضل الاميركيين والحصار المفروض على لبنان من اميركا والخليج فسال جنبلاط كيف؟ ليجيب الحاج بالقول: مثلا اين اصبحت مسالة استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الاردن ليش القصة متوقفة؟
فسارع جنبلاط بمفاتحة الحاج الخليل بما قالته عن هذا الموضوع السفيرة الاميركية دوروثي شيا عندما زارته قائلا: «عندما زارتني السفيرة الاميركية سالت نفس السؤال فردت بان هناك شرطين يجب تنفيذهما، واستعان هنا جنبلاط» بالرفيق وائل» ليذكّره بالشرطين ليرد ابو فاعور بان المطلوب من الحكومة رفع تسعيرة الكهرباء وتشكيل الهيئة الناظمة للقطاع، فسال عندها المعاون السياسي لامين عام حزب الله الحاج حسين الخليل: وما علاقة السفيرة الاميركية لكي تتدخل بما يجب على الحكومة ان تقوم به من مسائل داخلية؟
على هذه النقطة، رد جنبلاط متوجها للخليل بالقول: «الحصار ليس السبب الوحيد لما وصلنا له فهناك فساد المسؤولين الذي اوصلنا لهنا»، ليسارع الخليل بالقول: ايه والحكومات المتعاقبة من 30 سنة هي التي اوقعتنا بالضيقة ووقع بعدها علينا الحصار.
انتقل الحديث لملف الترسيم فسال جنبلاط: شو بدكن تعملو بالترسيم؟ وكان لافتا هنا ان جنبلاط سأل الخليل عما يسير به الرئيس بري لا عما اتفق عليه الرؤساء الثلاثة، فتابع سائلا: ماشيين بالشي اللي ماشي في الرئيس بري؟ فرد الضيف (الحاج الخليل) بالقول نعم وان كان رأينا ان ما تم الاتفاق عليه بين المعنيين يشكل الحد الادنى الادنى من الحقوق اللبنانية، لكن هذه مسؤولية الدولة ونحن لا نتدخل بالملف فاكتفى جنبلاط بـ «طيّب».
ليتابع متوجها دوما للحاج الخليل الجالس الى جانبه: الا تعتقد ان هذه المسيرات التي اطلقت هي بقرار ايراني لتحسين شروط ايران بالمفاوضات النووية؟ فسارع الحاج للقول: « والله غلطان كتير يا بيك، اخر هم لدى الايراني، حتى الاتفاق النووي اذا لم يتم فهو ليس من اهتمامات الايرانيين ولاسيما ان سنوات عدة مرت منه ولم يبق الا القليل، ليضيف: المسيرات انطلقت بقرار لبناني محض وهذه ورقة قوة للبنان وللرؤساء الثلاثة وانت تدرك هذا الامر فسارع جنبلاط للقول: طيب يعني رايحين عالحرب؟ بدكن تروحو عالحرب؟
هنا قالها صراحة الحاج الخليل: «بحكيك بصدق اذا بقيت اسرائيل واميركا متعنتة وهذه اخر جرعة اوكسيجين للشعب اللبناني فنحن نفضل ان نموت الف مرة بالحرب على الا نموت على الطوابير، وتابع مذكرا زعيم المختارة بما قاله بمقابلته على قناة الميادين بان القرار 242 للامم المتحدة اضاع فلسطين وكل حقوق الشعب الفلسطيني، وسأل الحاج الخليل: القرار 425 هل كان ليطبق لولا المقاومة؟ فهو بقي 25 سنة حبرا على ورق لولا قوة المقاومة فرد جنبلاط:» معك حق»!
واستطرد هنا الحاج الخليل مستحضرا رسما لرسام فلسطيني فقال لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي: منذ سنوات طوال عندما بدأت عملية السلام من ايام ابو عمار، طلبوا من رسام فلسطيني ان يرسم حمامة سلام، فانجز رسما كاريكاتوريا هو عبارة عن 3 بنادق كلاشينكوف جعل من فوهاتها كلها ملصقة على بعضها ووضع تحت هذه البنادق البيضة وحمامة السلام ليختم الحاج هذه الرواية بالقول : الامن والسلام لا تتم حمايتهم الا بالقوة والحق لا يأتي الا بالقوة!
فرد جنبلاط بماشي الحال، وتابع: فيك تسلملي عالسيد، عندي اقتراح بدي وصللو ياه: فالتفاوض الف مرة افضل من الحرب، فرد الحاج: صحيح ونحن معك واذا استطعنا تحصيل حقوقنا بلا حرب فهذا افضل للجميع.
تابع جنبلاط بملف الترسيم قائلا: لو افترضنا اننا استخرجنا النفط، لدي اقتراح بان يتم تشكيل شركة وطنية تتولى هي المفاوضات مع الشركات المشغلة الاخرى كي تم ابعاد السمسرات والصفقات واعطى مثالا انه في السعودية هناك شركة ارامكو وفي ايران هناك الشركة الوطنية للنفط وكذلك في فنزويلا، فوافقه الحاج الخليل قائلا: «رأي محترم وقابل للدرس»، لافتا الى ان هذا الاقتراح يذكّره باقتراح الرئيس بري بموضوع الصندوق السيادي».
ختم جنبلاط النقاش بالترسيم عند هذا الحد، وانتقل للحديث عن محور اخر ، وبين المحور والمحور كان يتطلع الى الورقة الموضوعة امامه والتي كتب عليها كل ما ببال «البيك»، حرصا على الا يفوته اي سؤال، فسال عن صندوق النقد الدولي واذا كان حزب الله سائرا به؟ فاتى الجواب: « لا مشكلة لدينا من حيث المبدأ لكن ليس «كيف ما كان»فاذا لم تتعارض الشروط مع سيادة البلد وكرامة الناس فاهلا وسهلا، لكن هذا الامر هو من مسؤولية كل مكونات المجلس فالقرار الاخير لها فرد جنبلاط بـ «عظيم».
بعد هذه المحاور الثلاثة الاساسية، كان كلام في الجامعات والمستشفيات كما في قضية المطران موسى الحاج ، فحذر جنبلاط بموضوع الجامعات والمستشفيات التي كانت ذخيرة للبنان ، من هجرة الادمغة الحاصلة من اطباء ومهندسين سائلا: الا تعتقدون ان هجرة الناس هي ضرر على البلد؟ فرد الحاج الخليل بان هذا الامر ليس ضررا على البلاد فحسب بل نحن نعتبره ضررا على المقاومة «فالناس هي الماء بالنسبة النا».
اما بقضية المطران موسى الحاج التي شكلت اخر نقاط البحث على طاولة كليمنصو بين الاشتراكي وحزب الله، فشدد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي على انها ليست المرة الاولى التي تحصل هذه القضية، لكنني لا اقبل على نفسي ان يتم الاتيان بالمال من اسرائيل لدروز سوريا ولبنان وتصريحي كان واضحا بهذا المجال، فسارع الحاج للاشادة بموقف البيك قائلا: سمعناك وكان موقفك موفّقا!
وقبل النقاش بقضية المطران الحاج، فاتح جنبلاط وفد حزب الله بموضوع المخدرات والتهريب الحاصل عبر المعابر معتبرا انها تهرب من لبنان الى سوريا الى جبل الدروز ومنه الى الاردن، وقال: قالولي انو انتو الكن علاقة، فسارع هنا الحاج الخليل للرد حازما:
لا يا بيك، فنحن، وعلما اننا نعتبر ان هذا الامر حرام بديننا واخلاقنا وبالقانون، فكل المعلومات الموجودة لدينا نحرص دوما على تزويد القوى الامنية بها كاملة لتسهيل ملاحقة المطلوبين حتى بمناطقنا! فرد جنبلاط: طيّب بركي بسوريا كمان بتحكو مع النظام، قبل ان يحسمها الحاج بالقول: « لا نسمح لانفسنا بان نتدخل بالمسائل الداخلية في سوريا!
عند هذه المحاور، انتهى لقاء كليمنصو المطول على اتفاق باستمرار التواصل من دون تحديد مواعيد محددة، وبانتظار اللقاء المقبل، علقت اوساط بارزة على ما دار من حديث بالقول: قد يكون جنبلاط سال كل ما يدور بباله من هواجس تتعلق باداء حزب الله بالمرحلة المقبلة اما حزب الله فبدا وكعادته حريصا على عدم اعطاء جواب قاطع حاسم عند طرح الاسئلة الحساسة المصيرية.