الحكومة لم تخيِّب ظني!
بقلم: أسرار جوهر حيات

النشرة الدولية –

دائما ما تثبت حكومتنا الموقرة، ان ابرز انجازاتها امران: التناقض وعدم الشفافية، ويؤسفني ان اقول ان الحكومة لم تخيب ظني مؤخرا وعادت لتؤكد هذين الامرين.

فقبل ايام، ترددت انباء صحافية عن استقالة وزير المالية خليفة حمادة، وبغض النظر عن تفاصيلها الا انه تم تداولها ليس في الخدمات الوهمية التي اعتدنا ان نسمع الاخبار منها، بل من صحف رزينة، مما يعطي الخبر ثقلا ومصداقية اكبر، الا ان الحكومة التزمت الصمت ولم تؤكد او تنف، تاركة المجال لاصحاب التأويل والتهويل ان يزيدوا على الخبر «بهاراتهم» ففجأة خلال ساعات انتقلت الرسائل والتغريدات من تداول خبر استقالة حمادة، وكبر الخبر تدريجيا الى ان بلغ حد استقالة الحكومة كاملة! وكل هذا ونحن ننتظر ناطق الحكومة الرسمي ان يؤكد او ينفي او يتنحنح على الاقل!

وفي موضوع الاستقالة، تدور الكثير من علامات الاستفهام، فلا يمكن فهمها وتحليلها، دون ربطها بمقترحات خفض الانفاق التي خرج بها مجلس الوزراء مؤخرا، فتزامن الاستقالة والمقترحات يجعل احتمالية علاقة الامرين المباشرة كبيرة حد التأكيد.

وفي هذا الملف تحديدا، اثبتت الحكومة تناقضها، فكانت قد اعلنت صباحا عن زيادة في رواتب ومميزات مالية، لقطاعات معينة، بينما على بعد ساعات، خرجت بعد اجتماع مجلس الوزراء، باقتراحات ربما لذر الرماد في العيون، ولو كانت هذه فعلا اقتراحات وزير المالية فخيرا فعل انه استقال.

ولن اسرد الكثير في هذا المجال، ولكن ما اعلمه ان عجز الميزانية الذي تحدث عنه حمادة نفسه باكثر من مناسبة يصل الى ١٠ مليارات دينار، وعجز تراكمي يصل الى ٥٥ مليار دولار متوقعة في ٥ سنوات، بينما مقترحات مجلس الوزراء لا توفر الا الفتات! هذا ان ساهمت بالتوفير.

فبداية باقتراح اعادة النظر في المزايا الممنوحة للقياديين، تبين من متابعة تقارير صحافية، منها ما جاء في جريدة القبس ان كل ما يتقاضاه القيادي هو راتبه والبدلات التي تدخل ضمن مفردات الراتب، مما يعني ان القياديين لا يملكون اي مزايا مالية، لنستنتج ان الوفر في هذا الاقتراح عمليا يساوي صفرا.

وشكرا للصحافة مجددا والتي عملت مشكورة على اعداد تقارير صحافية، حول الاقتراح الثاني الذي رمى الى دراسة مدى امكانية عدم صرف دعم العمالة للمواطنين في القطاع الخاص ممن تفوق رواتبهم ٣ الاف دينار، فتبين ان الوفر في هذا الباب بالكاد يتجاوز ١٢ مليون دينار بقليل، فهل ستساهم هذه المقترحات بسد عجزنا الذي يساوي ١٠ مليارات؟!

كلنا نعلم ان هناك مواقع هدر كبيرة، وربما هذه المواقع هي التي تسبب عجز الميزانية، الا ان حكومتنا الموقرة ممثلة بالوزير حمادة، ذهبت الى اقل الملفات توفيرا، لتقدم مقترحات لا تسمن ولا تغني من جوع، بل عمليا لا تعني شيئا امام ابواب هدر اخرى كان ممكن اعادة النظر بها، كالاوامر التغيرية في المشاريع، الشراء بالامر المباشر وغيرها!

وختاما، لست بصدد تقييم وزير المالية بقدر ما ارى ان وزارة المالية برمتها، لم تستطع ان تدير ملف العجز بشكل مناسب، بل ذهبت لمقترحات لا تبدو عملية، في حين انه كان من مسؤوليتها توقع العجز، والعمل على تفاديه، بدل ان تحاول تدبير مقترحات يبدو انها كتبت على عجالة، لا يقدمها اقتصادي متمرس يدير ميزانية دولة!

واتمنى الا يتذرع احد بان العجز نتيجة كورونا وغير متوقع، فكلنا يعلم ان علتنا ليست كورونا بل علتنا ربط اقتصادنا بمورد مالي واحد، متذبذب السعر، فماذا انجزنا لمستقبل ابنائنا حتى لا تكون حياتهم تحت رحمة بورصة اسعار النفط؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى