“الفنّان صابر الرّباعي بيني وبين سعد لمجرّد نقاط تشابه كثيرة

النشرة الدولية –

النهار العربي – بثينة عبدالعزيز غريبي –

ربع قرن من عطاءٍ فني ونجاح مستمّر ومتوازن في مسيرة صابر الرباعي من دون “كبوة” الجواد، التي يتعلّل بها أحياناً بعض الفنانين. وهذا ما يعيدنا الى تصريحين أحدهما للموسيقار فريد الأطرش والثاني للكاتب ممدوح عدوان، أي نجاح قد يجنيه الفنان حين يعيش بالأسلوب الذي يمارس به فنه.

صابر الرباعي ليس فناناً فقط على المسرح وإنما أيضاً في تفاصيل حياته اليومية وفي إدارته لعائلته وعلاقاته مع محيطه الفني. هو صاحب الربع قرن الخال تماماً من خلافات مع زملائه أو تراشق تهم في منابر إعلامية أو إثارة البلبلة. من الصعب مثلاً أن تستحضر الآن صورة لصابر الرباعي غاضباً أو مكشراً عن أنيابه ويقزم ويهين ذاك أو يتعالى.

ويمكن أن نختزل هذا التناغم بين صورته الشخصية وصورته الفنية من خلال كلام للموسيقار العربي فريد الطرش حين قال: “وحده الفنان يسعى الى الحب ولا يشبع منه على ما أظن، فالحب هو السلك الذي يضيء الحياة ويجدد النفس ويبسط الأمل”. وهذا ما نستدلّ اليه في كلام للكاتب ممدوح عدوان بقوله: “الفنان المبدع هو الإنسان الصافي، وسعيه نحو النضج هو سعيه نحو هذا الصفاء… نحو أن يكون “الكل” في نفسه”.

الحب هو إذا السلك الذي أضاء نجاحات عدة لصابر الرباعي، وضخ نفساً  جديداً في مسيرته شكلاً ومضموناً. فما هي مشاريعه المقبلة.

صابر الرباعي يخص “النهار العربي” بهذا الحوار في حديث مطول حول أغنيته مع سعد لمجرد، وتجربته مع الوباء وأنشطته الفنية، كما يتحدث عن علاقاته في الوسط الفني وعلاقته بلبنان “درة من درر العالم العربي”.

*نبدأ من أغنيتك الجديدة “السهرة صباحي” مع الفنان سعد لمجرد. تهانينا على هذه التجربة الجديدة ونحيِّيك هذا التجدد الدائم… أخبرنا كيف وجدت صداها عند الجمهور؟

– أولاً، شكراً على التهنئة. وبالفعل، أغنية “تريو” مع سعد لمجرد والموزع الموسيقي ريدوان، حققت نجاحاً كبيراً، الحمد لله. وهي فعلاً تجربة مختلفة أضافت نجاحاً جديداً إلى مسيرتي، ونالت استحساناً كبيراً من الجمهور.

* يبدو أنّ التجدّد لا ينحصر فقط في اختياراتك، وإنما ينعكس أيضاً على حضورك وطلتك. أخبرنا عن سرّ الشباب الدائم؟ والى أي مدى تهتم بصورتك في حين أنكّ فنّان يتكئ أساساً على صوته القوي وموهبته المتفردة؟

– سرّ الشباب هو المحافظة على الريجيم والنوم والاستقرار. وعلى رغم الظروف الحالية الصعبة في العالم، أحاول الحفاظ على نظام غذائي محدّد، لأنّ الصحة أهم شيء في الحياة. وفي ما يخص الصورة، أنا أشتغل فعلاً على صورتي، وهذا شيء بديهي في حياة الفنان بعد بلوغه مرحلة الاحتراف الفني. يجب أن يكون حريصاً على مواكبة العصر والتماشي معه، خصوصاً أننا نعيش اليوم عصر الصورة وعصر الأغنية التي تكون مع الصورة والهندام والكاريزما، كلها أشياء جديدة علينا، زمان كانت الأغنية تذاع فقط واليوم أصبحت الأغنية أيضاً تبث عبر الفيديو كليب عبر اليوتيوب، ويتطلب ذلك من الفنان أن يكون محافظاً على صورته قدر المستطاع.

لا تكتيك معيناً للحفاظ على الصورة، ولكن نحرص على الصحة والنوم والالتزام بأكل معين، حتى نواكب العصر والموجة اليوم التي تعتمد أكثر على الصورة.

* كيف جاءت فكرة “السهرة صباحي”؟ حدّثنا عن كواليس الإعداد لهذه الأغنية في أول تعاون لك مع سعد لمجرد؟

أغنية “السهرة صباحي” كانت في البداية أغنية خاصة، ومن ثمّ فكرت في أن يكون لها بعد عربي وعالمي. فاقترحت على ريدوان توزيعها، وفكرت في أن يكون سعد المساهم الثالث معنا.

استغرق المشروع سنة أو سنة ونصف بين التفكير في تفاصيل العمل وتجهيزه. إنجاز التصور كان سهلاً مع ريدوان، ولكن الوضع أصعب مع سعد لكونه يتنقل بين فرنسا والمغرب، فارتأينا أن ننجزها على طريقة “الستريمنغ”. هو في مكان ونحن في مكان.  هو في فرنسا ونحن في دبي. ولكن التقينا في أغنية وفيديو كليب.

* ما هي المعايير التي تعتمدها في اختيار الفنانين المشاركين معك في ديو غنائي معين؟ وهل نتوقع تعاوناً جديداً مع سعد لمجرد؟

لا معايير معينة، المهم ولكن يجب أن تكون الكيماء موجودة بيني وبين من سيغني معي في الديو، وأن أكون معجباً بصوته وهو بدوره معجباً بصوتي حتى يكون العمل أكثر مصداقية وعفوية. التعاون مع سعد أو مع فنانين آخرين تظلّ فكرة واردة جداً.

*لقاؤك مع سعد لمجرد هو لقاء جيلين مختلفين وتجربتين متباعدتين. ومع هذا لاحظنا تناغماً وانسجاماً كبيراً بينكما: ما هي النقاط المشتركة التي تجمعكما وما هي نقاط الاختلاف؟

لا نقاط اختلاف كبيرة مع سعد لمجرد. قد يكون “ستايل”  الغناء مختلفاً نوعاً ما، وكذلك سنوات العمل، باعتبار أنني سبقته بسنوات طويلة. لكننا نشترك في النجاح والعطاء والكاريزما وغيرها كثير من نقاط الشبه التي تجمعني بيننا.

*غنيت شارة مسلسل تونسي في الموسم الرمضاني الأخير، هل يشترط صابر قراءة السيناريو أو هل هناك شروط معينة للقبول أم لا؟

لا أقرأ السيناريو، ولكن أحب أن أعرف الممثلين الموجودين في العمل الدرامي، لأني أعرف حجم الإنتاج وحجم المسلسل من خلال حجم الفنانين والنجوم المشاركين فيه.  وهذا من دون الدخول في تفاصيل المسلسل.

 صابر الرباعي زمن الوباء:

*كيف واجهت الوباء الذي عانت منه تونس وأهلها؟ والى أي مدى أنت متشدد في تطبيق الإجراءات الصحية؟

 

إن شاء الله تنزاح كورونا عن بلادنا وعن كل البلدان العربية، نحن بحاجة أن نعيش نوعاً من الاستقرار الصحي والاجتماعي. إنها فترة صعبة جداً وطالت مدتها كثيراً وعساها تكون في آخر أيامها لكي نعود إلى حياتنا الطبيعية. أمّا بالنسبة إلى تطبيق الإجراءات الصحية، فهذا أمر محسوم. يجب ألا نستهتر بالمرض والفيروس، وأتمنى لو أنّ الناس كلها تلتزم بالمعايير الصحية المطلوبة، لأننا نحتاج فعلاً التزام الناس، حتى لا نخسر ناساً آخرين قريبين من قلوبنا.

 

*قرأنا شكرك لمصر على المساعدات… لماذا ساء الوضع في تونس الى هذه الدرجة؟

 

شكري موصول الى كل الدول العربية من مصر الى الإمارات وفلسطين وليبيا والمغرب والجزائر، وكل البلدان التي وقفت مع تونس، وهذا طبعاً من شيمتنا وعروبتنا وكرامتنا أن نساعد بعضنا بعضاً في الشدائد. شكراً الى البلدان العربية كلها دون استثناء، من كان قادراً على المساعدة ومن لم يكن يقدر. وبفضل الجهود العربية والصدق في المشاعر بين رؤساء الدول العربية وبين كل الدول، كان هناك دعم كبير لتونس. الوضع كان صعباً جداً، ولكن اليوم نشعر بانفراج أكبر. وبالفعل، نظمت تونس يوماً وطنياً للتلقيح في 8 الشهر الجاري، وكان يوماً استثنائياً بتلقيح 500 ألف مواطن، وهو إنجاز كبير لتونس ونتمنى أن يكون هناك أيام أخرى لنطمئن على صحة المواطنين ونهزم الفيروس اللعين.

* السنة الماضية، كانت تونس من بين الدول الأقل إصابات، لماذا برأيك فقدت السيطرة إذاً؟

 

لا يمكن أن نتحدث عن فقدان سيطرة أمام أزمة صحية عالمية، فالوضع تأزم وتجاوز مدى وعيناً بخطورته. نحن لا نعرف حقاً مدى الخطورة إلا لما نصل الى الخطر، وهذا ليس على تونس فقط، وأظن أن كل البلدان مرت بهذا الشيء، إيطاليا كانت تودع آلاف الموتى كل يوم، وأميركا كانت تسجل آلاف الإصابات كل يوم، وكذلك في فرنسا، لا نكذب على أنفسنا، هذه دول كبرى تواجه أزمة مع كورونا، ما بالك بدولة كتونس، ليس لديها هذه الإمكانات، ولكن لم نصل إلى درجة أن نفقد السيطرة وتنهار المنظومة الصحية.

* كيف تعيش هذه الظروف الاستثنائية؟

 

أنا والعائلة بخير، الحمد لله. وهذا هو المهم. ونظراً الى الظروف الصحية وحظر التجوال، كنا نقضي معظم وقتنا في البيت مع الأولاد، وإن كنّا في العادة نقضي فصل الصيف على البحر. لكنه صيف استثنائي، وهي ظروف استثنائية مرت علينا جميعاً، وإن شاء الله شدة وتزول.

كيف أثر الكوفيد على مشاريعك؟

الكوفيد أثر على مشاريعنا، أثر على حضورنا في الحفلات، أثر على الحفلات. فترة صعبة في تونس والعالم، تونس متعودة على المهرجانات والحفلات، اليوم كل التجمعات ألغيت، وصار حوارنا مقتصراً على برامج تلفزيونية أو حفلات في البلدان التي فتحت، ولكن الوضع الفني في تونس مجمد، الى حين نطمئن على الأمور الصحية في تونس.

*نلاحظ أنك أصبحت مستقراً أكثر في تونس، هل بسبب الظروف الصحية ورغبة البقاء الى جانب العائلة أم أنه ضمن قرار العودة والاستقرار النهائي في تونس؟

 

أنا بالأساس مستقر في تونس، فقط دائم السفر. يدرس أولادي في تونس عند بيت أهلي…. أسافر بين تونس مصر ولبنان ودبي. ولكن عندي إقامة في الإمارات وأحياناً أبقى فيها مدة أطول، ولكن مستقر في تونس.

صابر الرباعي والساحة الفنية العربية

* العديد من الفنانين العرب أطلقوا جديدهم الفني في الأسابيع الأخيرة: ما رأيك في هذه الأعمال؟ وما هي أكثر الأغاني أو التجارب الموسيقية التي لفتتك؟

 

أهنئ الجميع على إنتاجهم دون استثناء، لا شخص أفضله على الآخر، كل الإنتاجات عبرت عن نجاحها والناس أحبتها، مهم أن يكون الفنان دائم النشاط، وأن يقدّم الجديد والمميز في كلّ مرة. وأظنّ أنّ الإصدارات الأخيرة كانت بمعظمها جميلة وجيدة، وهي تختلف بألوانها وأنماطها الموسيقية. ولكن يمكن أن أذكر على سبيل المثال أغنيات وائل كفوري، وحسين الجسمي، عبد المجيد عبد الله وغيرهم.

* كنت قد أهديت حفل ختام مهرجان الموسيقى العربية للفنانة الراحلة وردة، هل تفكر في إعادة أغنيات لها؟ 

 

صحيح، غنيت كوكتيل من أغنيات وردة. لكنني لا أفكر في إعادة أعمالها.

 

* كانت تربطك علاقة قوية مع السيدة وردة وكلما زرت مصر كانت تدعوك الى بيتها، ما الذي تمثله لك؟

علاقتي بها كانت ممتازة، كانت بالنسبة الي كوالدة. هي رحلت لكنّ تاريخها وأغانيها باقية لنا وللأجيال المقبلة.

* هل يطمح صابر الرباعي الى أن تكون هناك جائزة موسيقية باسمه؟

عندي مشروع يخصّ الجوائز لكنه ما زال يختمر في ذهني. هي الى الآن مجرّد فكرة، ولكنني أنتظر فقط أن يحين الوقت المناسب كي أطلقها، وهي غير بعيدة عن الإطار الذي طرحته في سؤالك. وإن شاء الله عندما يحين الوقت نعلن عنها….

 

* هل يمكن أن نراك في تجربة غنائية عالمية أو هل تخطط لذلك؟

 

– تجربة الأغنية العالمية ليست هدفاً من الأهداف، لكنه ممكن. لمَ لا؟ الفكرة إن وجدت فستكون بمثابة إضافة تُثري مشواري الفني.

 

* هل تواصلت مع الفنان هاني شاكر بعد أزمته القلبية؟

 

طبعاً، اتصلت بيه واطمأننت عليه، وكان وقتها في فترة نقاهة، وبلغته تحيات كل الفنانين في تونس، ومن واجبي أن أبلغه تحية كل الفنانين التونسيين ككاتب عام في النقابة الموسيقية التونسية. وأبلغته أيضاً تحية كل الناس الذين يحبون هاني شاكر من بعيد وقريب. وأنا أتمنى له وافر الصحة وأدعو له أن يُديمه لعائلته ولجمهوره وللفن الأصيل ولمصر والعالم العربي. هاني شاكر فنان كبير نتمنى جميعنا أن نصل الى مكانته وتاريخه الفني الكبير في المجال الموسيقي والغنائي.

صابر الرباعي وحياته الشخصية

 

*ما هو أكثر شيء يمكن أن يسعد صابر الرباعي؟

 

النجاح يسعدني… فعلاً النجاح يسعدني.

*ما مدى أهمية الوقت بالنسبة إليك؟

الوقت من ذهب، وهذا حقيقة وليس مجازاً. اليوم إذا تخسر وقتك فهذا يعني أنك تخسر مادياً وتخسر معنوياً أيضاً. نهاري يبدأ بالعمل والسعي للاستمرارية، السعي وراء النجاح والاستمرار في هذه الحياة.

 

*أكثر أغنية تترجم حياة صابر الرباعي (سواء كانت لك أو لغيرك)؟

لا أعرف صراحة.

 

*الى أي مدى يشبهك ابنك جود؟

جود يشبهني في الشقاوة المحبة، الهادئ الشقي، أحب أن أكون هادئاً في طبعي وكنت صغيراً عندي شقاوة، وهو قريب مني في هذه النقطة.

*لو عرض عليك أن تكون حياتك قصة مسلسل، فهل تقبل؟ ومن المخرج الذي تهديه قصتك؟

 

ليس في حياتي ما يؤهلها لكي تكون مسلسلاً. ليس فيها تقلبات درامية أو تحولات من أنواع أخرى. ولهذا أظن أن حياتي لا تصلح كي تكون مسلسلاً.

صابر الرباعي ولبنان

* علاقة قوية تربطك بلبنان: ما أكثر ما يشدك الى هذا البلد؟

 

لبنان من البلدان التي أعشقها، أحب ناسها… عندي الكثير من الأصدقاء في لبنان من فنانين وناس عاديين في المجتمع، علاقتي بلبنان طويلة ممتدة لسنوات، لا يمكن أن نقول عنها علاقة عادية. حين أسافر الى لبنان لا أعتبر نفسي مجرد مسافر من تونس الى بلد آخر، وإنما علاقة أقوى بكثير. أنا سكنت فيه وأشعر بمعزّة كبيرة له ولشعبه.

* ما هي الصور التي لا تُمحى من بالك عن لبنان؟

 

الصورة التي لا تُمحى، وهي كثيرة. ولكن الصورة التي أحزنتني صورة المرفأ الذي صار فيه الانفجار، صورة صعبة جداً وبكيت لأن لبنان لا يستحق كل هذه الجروح. نتمنى الاستقرار للبنان والاستقرار لتونس. لبنان درة من درر الوطن العربي وحرام أن تنزف دماؤه.

 

* مَن من الفنانين اللبنانيين الأقرب إليك؟

 

بصراحة الكل، عاصي صديقي، ملحم زين، نجوى كرم علاقتي طيبة بها، ملحم بركات الله يرحمه، مروان خوري علاقتي طبية جداً، إيلي العليا قائد أوركسترا لبناني ناجح جداً، سعد رمضان، كلهم أحباب وأصدقاء، كل الموسيقيين والفنانين، مهندسي الصوت أيضا علاقتي بهم طيبة جداً.

*ما الذي تحمله معك من لبنان كلما سافرت منه؟

 

ليس هناك أي حاجة معنية نحملها من لبنان، لبنان قريبة من تونس، ولا أحس بالغربة في لبنان.

 

* ماذا تقول لجمهورك العربي في نهاية الحوار؟

أوجه تحية كبيرة الى الجمهور العربي، وأشكرهم دائماً على وفائهم لي ولأعمالي. هذا يمنحني راحة البال وتحفيزاً أكبر لمواصلة الإبداع والغناء. وأقول لهم جميعاً، أينما كانوا في الدول العربية، أنّ أمنيتي اليوم هي أن نلتقي قريباً في ظروف أحسن، صحياً واجتماعياً واقتصادياً.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button