كيف أجابت “سيدة الإعلام العربي” جيزال خوري على اسئلة طلاب “الجوهر” نظمته أكاديمية «لابا» (مرفق صور)

النشرة الدولية –

الجريدة الكويتية –  كتب الخبر سهير الرفاعي –

تميزت ورشة «الجوهر الخاص» التي نظمتها أكاديمية لوياك للفنون الأدائية (لابا) واستضافت فيها الإعلامية اللبنانية جيزال خوري، بالشفافية والصراحة، حيث تحدثت الضيفة بكثير من الجرأة في قضايا سياسية ومجتمعية ومهنية، إضافة إلى عدة أمور في حياتها الشخصية. وتنوعت أسئلة طلاب «الجوهر» لتشمل جوانب كثيرة ومحطات مهمة من مشوار خوري.

اختُتمتْ ورشة الجوهر الخاص التي نظّمتها أكاديميّة لوياك للفنون الأدائية “لابا” بلقاء مع سيّدة الاعلام العربي جيزال خوري تحت إشراف الإعلامي ريكاردو كرم، حيث سأل طلاب جيل الجوهر عن موضوع التجسس الذي كانت خوري عرضةً له أخيراً وعن سبب لجوئها إلى القضاء الفرنسي لا اللبناني. وتطرق حوارهم معها الى آرائها السياسية حيال الأوضاع في لبنان والعالم العربي، كما عادت بها أسئلة إلى الوراء في استعادة لشريط الحب والحرب.

حضر حلقة الحوار رئيس مجلس إدارة لوياك والرئيسة التنفيذية لـ “لابا” فارعة السّقاف، وعضوة مجلس الأمناء فدوى الحميضي، وعضوة مجلس إدارة “لابا” لشؤون المسرح د. خليفة الهاجري، بالإضافة الى رئيس شركة المركز المالي الكويتي ضرار الغانم، والرئيس التنفيذي لشركة المركز المالي الكويتي علي خليل.

استُهلّ الحوار مع جيزال خوري بسؤال المشاركة جنان نبعة عن إدراج اسمها على اللائحة التي تمّ التجسس عليها من قبل مشروع “رافين” سابقاً ومشروع “بيغاسوس” حالياً فكان ردّها أنها كانت تتمنّى لو تمّت الاستفادة من هذه التقنيات للتجسس على شخصيات أكثر غموضاً، لأنه ليس لديها ما تخفيه وآراؤها السياسية معروفة بالليبراليّة العلمانيّة.

وأضافت خوري: “عندما سمعت بالأمر وقرأت أن اسمي مدرج مع أسماء رؤساء دول، ضحكت وقلت لماذا أنا؟ ربما السبب أن هناك أشخاصاً قاموا بنوع من الوشاية واعتبروا أن جيزال خوري تتحدث مع كل الناس فلنرَ ما هي ارتباطاتها”.

وأشارت الى انه في السابق عندما انتشر موضوع رافين اتصلت بوزراء من دولة الإمارات لسؤالهم عن الأمر، فجاء الردّ بأن هذا الموضوع غير صحيح ومفتعل، مبينة أنها كانت تعمل حينئذ في تلفزيون BBC، فطلبتْ من المسؤولين إجراء تحقيق لكنهم لم يفعلوا شيئاً، كما قامت بصفتها تحمل الجنسية الفرنسية بالاتصال بمسؤولين فرنسيين وسؤالهم عمّا يجب أن تقوم به كمواطنة فرنسيّة، “وفهمت حينها أن الدولة وأمن الدولة أهم من أي فرد، ولم أكن أعلم النتيجة التي سيتم التوصل اليها في موضوع بيغاسوس، لذا يجب الانتظار لرؤية ما سيفعله رؤساء الدول”.

ورداً على سؤال عن عدم لجوئها الى القضاء اللبناني واعتبار نفسها فقط مواطنة فرنسية، أجابت بأن”القضاء اللبناني مسيّس، وفي تلك الفترة كانت هناك قوة سياسيّة معادية لدول الخليج وتتّهمها بأنها وراء مشروع رافين وبيغاسوس، لذا رفضت أن تمنحهم الفرصة ليستخدموها كورقة سياسية”.

وأكملت خوري:” بالإضافة الى ذلك، نحن الصحافيّين اللبنانيّين لدينا تجربة طويلة مع دولنا التي تتجسس علينا من خلال المخابرات وأجهزتها، لذلك لجأت إلى فرنسا لاعتقادي حينها أن معالجة الأمر ستكون مختلفة وجديّة، أما اليوم فأعتقد بأنه ستتم معالجة الأمر في الكواليس لا كما يتوقع الناس بمحاكمة الفاعلين”.

وعن حرية الصحافة في ظل كل هذه الانتهاكات والحل الأمثل لحماية الصحافيين سألت جنان نبعة، فكان ردّ خوري بأن ثمة مشكلة كبيرة في موضوع حريّة الصحافة في العالم العربي، والمؤسسات الإعلامية لها شأن بتحديد حرية الصحافي الذي يعمل لديها “لكن بالرغم من ذلك هناك صحافيّون أحرار يرفضون تقييد حرياتهم من قبل مدير المحطة”، معتبرةً أن الحلّ يكمن بتعزيز واحترام القوانين التي تحمي الصحافيين من الانتهاكات وتسمح لهم بممارسة حريتهم بشكل مطلق.

وبصفتها رئيسة مؤسسة “سمير قصير”، سئلتْ عمّا إذا كان ما يقومون به في إطار الدفاع عن حرية الصحافة غير كاف, فأجابت: “الأمر ليس مرتبطاً فقط بما فعلناه مع الدول التي تضطهد الصحافيين، إنما بضرورة وجود منظمات تقف الى جانب الصحافيين المضطهدين وتصرخ في وجه كل الانتهاكات من أجل الدفاع عن حرية الصحافة”، معقبة: “مؤسسة سمير قصير تعمل بشكل دقيق في هذا الإطار وقد فتحت ملجأ في لبنان للصحافيين المضطهدين لتقديم المساعدة لهم ليتمكنوا من متابعة عملهم، بالإضافة الى تقديم استشارات قانونية وتوكيل محامين للذهاب إلى القضاء والدفاع عن هؤلاء الصحافيين”.

وعمّا تخافه ويدفعها إلى التعبير عن آرائها بطريقة مبهمة، قالت: “أنا لا أخاف، المخابرات السورية في لبنان بقيت تلاحقني 10 سنوات ولم أخف لكنني حذرة وحريصة لناحية أن تظل آرائي على مواقع التواصل الاجتماعي كآرائي التي أقولها على الشاشة. مع ذلك، أنا واضحة جداً في كثير من الأوقات لكني لا أستطيع أن أدخل في معركة ليست بمستوى إعلامي يستطيع أن يحاور جميع الناس فضلاً عن أنني لا أستطيع أن أتهم أحداً بالسرقة إذا لم تتوافر لدي ملفات ومستندات تثبت ذلك”.

وعن كيفية الاستفادة من صحافة المواطن رأت أنها تُمكّن من فهم عقليّة الناس وتوجهاتهم لكنها ليست مصدر معلومات لأنه لا يمكن للمواطن ان يكون مصدر معلومات إذا لم يتم التأكد منها بالوسائل المتّبعة عادةً. وتابعت: “صحافة المواطن مكّنتنا من معرفة الدول والأحزاب والشخصيّات الأمنيّة التي تمتلك جيوشاً إلكترونية وهمية تعمل على قتل الحقيقة، وما نواجهه كإعلاميين هو أن هناك افكاراً مسبقة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبح الناس أسرى هذه الصورة التي وضعتْ من قبل الجمهور الإلكتروني، لذلك يجب على الإعلامي أن يكون حذراً كي لا يقع في هذا الفخ ولهذا السبب أنا حذرة جداً”.

ثمّ جاءت مشاركة من الطالب عبد الوهاب الخاطر الذي سأل خوري عن رأيها بشأن شريحة من اللبنانيين ترفض تسمية الحرب اللبنانية بالحرب الاهلية وتعتبرها حرب الآخرين، فقالت إن التسميتين حقيقتان لأنه في موازاة الوجود الفلسطيني كانت هناك ميليشيات في الداخل اللبناني تتقاتل وكل جهة منها تنتمي الى جهة خارجية أخرى لها مشروعها الخاص في الداخل اللبناني، لذلك عندما ذهب الفلسطينيون بقيت الحرب ولم تنته.

وعما إذا كان السلاح في طريقه إلى التدفق للأحزاب اللبنانية لو لم يُنجَز اتفاق القاهرة الذي شرّع وجود السلاح الفلسطيني على الأراضي اللبنانية، ردّت بالقول: “في البداية، المسؤولون اللبنانيّون هم من وقّعوا اتفاق القاهرة، وهم من قبلوا أن يكون السلاح داخل المخيمات لمقاومة إسرائيل. ثانياً، هناك قصة شهيرة لرئيس الجمهورية اللبنانية سليمان فرنجية حين قال للرئيس ياسر عرفات: دافع عن حالك، إذاً عندما يقول رئيس الجمهورية هذا الكلام فهو يشرّع وجود السلاح الفلسطيني والسبب أنه في ذلك الوقت كانت هناك قومية عرّبية، فالناس تريد أن تحارب لأجل فلسطين وكان لبنان يخجل بأنه لم يحارب لأجلها في حرب 1967.

وأضافت: “من جهة أخرى، هناك فئة لبنانية كبرى كانت تؤمن بأن لبنان لا يستطيع أن يدخل هذا المعترك. على سبيل المثال، أنا اليوم المناصرة للقضية الفلسطينية وللمقاومة وللقومّية العربية أقول إن لبنان لا يحتمل أبداً ايّ صراع إقليمي، لذلك انا مع تحييده بحسب دستوره الأساسي وكما جاء بلسان جامعة الدول العربية فإن لبنان يجب أن يكون محايداً عن كل الصراعات، حتى الرئيس عبد الناصر اعترف في النهاية بأن هذا البلد لا يمكن تحميله أكثر مما تحملّ”.

وفي موضوع الصحافي الراحل سمير قصير الذي كان يرى أن الحداثة لا بد أن تتحقق في العالم العربي ومدى مصداقية هذا المشروع، قالت خوري: “إننا نفشل في صناعة الحداثة لكن ليس لدينا حل سواها، وسمير قصير كان يرى بيروت المدينة التي ستنشر الحداثة في العالم العربي، لكن هذا لا يعني أن نقلّد الغرب، ولكن أن نكون في مسار التاريخ والمستقبل، غير أن العرب ليسوا على سكة القطار للمستقبل العالمي”.

وعن صحافيّي اليوم مقارنةً بصحافيّي الماضي الذين كانوا يقودون ثورات ومدى الخوف من عودة سيناريو الاغتيالات الصحافية، أجابت: “هناك صحافيّون موجودون في الثورة وصحافيّون موجودون على وسائل التواصل الاجتماعي ولديهم اسم وتأثير لكنهم ليسوا قادة، المشكلة الأساسية هي غياب القيادة في الثورة وهذا سبب من أسباب الفشل. أما بالنسبة إلى الاغتيالات، فهناك خوف من عودتها واستهداف من يقول الحقيقة ويسبب الإزعاج لأطراف معينة”.

وبشأن تراجع وهج مناضلة الصحافيين في لبنان مقارنةً مع مناضلة جبران تويني وسمير قصير، أوضحت أن جبران تويني كان صاحب جريدة النهار التي قررت أن تصبح المناضلة الصحافيّة قضيتها، وسمير قصير كان يعمل في النهار، أما اليوم فهذا كله انتهى والمؤسسات الإعلامية انهارت كما انهار البلد، الا انه بالرغم من هذا كله لايزال هناك صحافيّون ممتازون في لبنان يقولون آراءهم بكل حرية.

وعن قولها في مقابلة سابقة إن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع هو تجربة مناضل مهمة ومدى تعاملها مع مواضيع كثيرة من وجهة نظرها فقط، أكدت أن جعجع هو مناضل بينما هناك من يعتبره مجرم حرب، أما هي فتعتبر أن كل القيادات السياسية في لبنان التي شاركت في الحرب هم مجرمون ومن دون أي استثناء. وتابعت: “أقول دوماً رأيي الحقيقي، على سبيل المثال أنا قلت إنني ضد اتفاق معراب وضد قانون الانتخاب لاعتقادي أنهما السببان الأساسيان اللذان أوصلا لبنان إلى ما نحن عليه. إلى ذلك، أنا الإعلامية الوحيدة في المنطقة العربية التي قابلت حزب الله على محطة BBC بالرغم من اختلافي العميق معه في كل شيء”.

والهوة بينها وبين الشباب سؤال أجابت عنه جيزال خوري، فقالت إن هناك جيلاً لا يعرفها هو جيل الشباب لكونها عملت طوال سنوات في محطات فضائية لديها شموليّة في تغطياتها في وقت أصبح الشباب العرب محلّيين لأن مشاكلهم الداخلية مع دولهم كثيرة. والدليل على ذلك في نظرها أنه خلال أحداث فلسطين الأخيرة لم تخرج تظاهرة واحدة في الدول العربية لمناصرتها “وهذا مؤشر الى أن شبابنا العرب أصبحوا محليين”.

وفي محور السياسة، جاءت عدة أسئلة، بدأها المشارك أحمد الخالدي بسؤال عما إذا كان القرار السياسي في الوطن العربي يُصنع في الشرق الأوسط، فردّت بأن القرار السياسي يجب أن يصنع في الشرق الأوسط وأنه سابقاً كانت هناك قيادات كبيرة في الوطن العربي قرارها مستقل، أما اليوم فهناك قيادات تتلقى الأوامر ومنهم من يعمل بين النقاط لفعل الممكن في السياسة، مشيرةً الى ان القيادات الحالية تملك قراراً في السياسة الداخلية لكن في الأمور الكبيرة مثل الأزمات مع إسرائيل، فإن القرارات دولية.

وعرجت على الوضع في تونس ومناقشة إمكانية أن يؤدي إلى انتفاضات شبابية جديدة، فرأت أنه بعد 10 سنوات من الثورة في تونس، القيادة الحالية لم تنجح، والإسلاميون قابضون على الحكومة والبرلمان، معربةً عن اعتقادها بأنه للمرة الأولى في تونس ستكون للجيش التونسي كلمة في السياسة.

ورداً على سؤال عن مدحها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووصفه بالرئيس الحاسم، أوضحت أنها لم تقل ذلك، وإنما قالت إنه تمكّن من النجاح في مصر على الصعيدين الأمني والاقتصادي وأصبحنا نرى مدناً وبنكاً دولياً يقوم بإنماء الريف في مصر.

وبالانتقال إلى الأسئلة الخاصة، تحدثت خوري عن نشأتها في بيت فيه الكثير من الحب، حيث كان لوالديها تأثير كبير عليها في العلم، لأنهما كانا من قرّاء الكتب في البيت، وقد توفي والدها وهي لا تزال صغيرة فكان تأثير أمها عليها أكبر لناحية التربية والأخلاق والوطنية.

وتطرقت إلى تأثير الحرب اللبنانية على خياراتها الشخصية، فقالت: “في البداية أثّرت الحرب على خياري بالعلم، إذ كنت أريد أن أصبح مهندسة معمارية لكن مشهد تهجير منطقة كاملة كنت قد رأيته بحكم عمل والدتي في الصليب الأحمر غيّر خياري فقررت دراسة الصحافة لمعرفة الحقيقة، أنا أيضاً تهجرت وسلخت عن مدينتي بيروت ولم أتمكن من متابعة دراستي في الجامعة الأميركية في بيروت التي كانت حلماً بالنسبة إليّ. الى ذلك، أدركت باكراً أنه في لحظة يمكن للإنسان أن يخسر كل شيء وكان لذلك تأثير كبير على شخصيّتي وطبعي وهذه هي نقطة التحول الحقيقية، كما أن فقدان والدي غيّر الكثير في شخصيّتي لأني شعرت بأن سقف البيت انقسم إلى شطرين وأنه يجب الاتكال على نفسي في كل شيء”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button