دقيق الخبراء
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

في أوائل الستينيات أعلنت شركة مطاحن الدقيق عن حاجتها لتوظيف عدد كبير من المواطنين الشباب، ومن ثم ابتعاثهم لأخذ دورات في دول أوروبية والتدريب على تشغيل وإدارة آلات العجن لتصنيع الخبز والبسكويت.

تقدمت وآخرون بطلباتنا، وتم رفض طلبي، لفشلي في اجتياز «المقابلة الشخصية».

تذكرت قصتي تلك وأنا أقرأ إعلان وزارة العدل عن حاجتها إلى عدد كبيرة من المهنيين للعمل في إدارة الخبراء، وما تبع ذلك من رفض الإدارة لعدد كبير منهم بحجة عدم اجتيازهم بنجاح «المقابلة الشخصية»!

تعتبر إدارة الخبراء جهة حساسة وبالغة الأهمية، فهي التي غالباً ما تكون تقاريرها الفيصل في الكثير من الأحكام التي تعرض عليها، والتي تحال لها من القضاء للبت في الجانب الفني منها، سواء كان محاسبياً أو هندسياً أو غير ذلك، والتي قد لا يكون القاضي ملماً بها!

تركزت الاعتراضات على قرار إدارة الخبراء في وزارة العدل برفض تعيين بعض المتقدمين للعمل بها بسبب النسبة العالية، %50 التي أعطيت للمقابلة الشخصية مع المتقدم للوظيفة، مقابل نسبة أقل بكثير لشهادته الجامعية وما يقل عنها للاختبار التحريري!

بالرغم من أن الاحتجاجات جاءت جميعها تقريباً من جهات محسوبة على التيار الديني المتشدد، ونواب قبليين وممثلين لأحزاب دينية، فإن ذلك لم يثنيني عن البحث في الموضوع، لشعوري، وشعور من سألت من المستشارين القانونيين، بأن إعطاء نسبة %50 للمقابلة الشخصية مبالغ فيه، ويفتح مجالاً واسعاً لتدخل جهات متنفذة في التعيين، هذا بخلاف احتمال تأثر أعضاء اللجنة بالمتقدمين للوظيفة، بسبب سابق آرائهم ومواقفهم من كل متقدم، إضافة إلى إمكانية طعن المتظلم مستقبلاً بالنتيجة أمام القضاء، بحجة التفرقة في المعاملة.

لذا فإن الأمر يتطلب تغيير النسب التي على أساسها يتم قبول المتقدمين للعمل في إدارة الخبراء، بحيث تُعطى أهمية أعلى قليلاً للشهادة الجامعية، وما فوقها، ونسبة أعلى كثيراً للاختبار التحريري، الذي يصعب الطعن بنتيجته أمام القضاء، ونسبة أقل بكثير للمقابلة الشخصية، فعمل الخبراء فني في غالبه!

نتمنى على نائب رئيس الوزراء، وزير العدل، المحامي عبدالله الرومي، النظر في هذا الأمر وإزالة هذا الإجحاف غير المبرر.

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى