عتب ابن الملاك
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
كتبت قبل فترة عن موضوع العنصرية، وكيف أن هناك دولا تُحاول الحد من تأثيراتها السلبية في المجتمع من خلال فرض عقوبات مشددة على من يسيئون للآخرين من منطلقات عنصرية، وخاصة من الأقليات. وبينت أن أكثر المجموعات تأثيرا بالعنصرية هي من الأقليات كالشيعة، في المجتمعات السنية، والسنة في المجتمعات الشيعية، هذا غير العلويين، والأرمن، والآشوريين، والبهائيين، والبربر، والأقباط، والإسماعيليين، والأكراد، والصحراويين، والتركمان، والأزيديين والنوبيين، وكل هذا على سبيل المثال وليس الحصر، إضافة لما يتعرض له أتباع الطوائف المسيحية في دولنا والمثليين وغيرهم.
لقي المقال استحسان الكثيرين، ولكن الصديق الأوروبي/ العراقي «هشام الملاك» أساءه عدم تطرقي للمعاملة السيئة والعنصرية، والبغيضة تاريخيا، التي تعرضت لها الأقلية اليهودية في الدول الإسلامية، وربما العراق بالذات، وهم من أقدم سكانه. وأنه لا يود الإطالة والدخول في تاريخ اليهود منذ فجر الإسلام في المدينة المنورة، بل سينتقل لتاريخ في الولايات العربية التي كانت تتبع «الباب العالي العثماني»، ومنها العراق. حيث كان من المعتاد من ولاة السلطنة البحث عن أبناء المتنفذين والميسورين من العائلات اليهودية، وحجز حرياتهم، وعدم إطلاق سراحهم الا بعد دفع «فدية»، وكان من هؤلاء المخطوفين أحد أبناء الحاخام الأكبر في العراق. وقد تسببت هذه التصرفات في دفع أعداد كبيرة من كبار اليهود وأغنيائهم للهجرة والاتجاه للاستقرار في الهند ولدول أخرى، حيث أصبحوا من كبار رجال الأعمال في العالم وأكثرهم ثراء.
ومع بدء انتشار الأفكار النازية في أوساط العامة في العراق، في ثلاثينيات واربعينيات القرن الماضي، بدأ المنتمون لهم بتأليب الرأي العام، او الرعاع، ضد اليهود، وكان للسفارة البريطانية دور كبير في توجيه الغضب ضد اليهود، لإبعاد الاعتراض على وجودها الاستعماري، متهمة اليهود بالسيطرة الكاملة على التجارة وغيرها من الأنشطة.
ويستطرد السيد الملاك قائلا ان الكثيرين شعروا بالحزن عند صدور قانون إسقاط الجنسية العراقية عن يهود العراق، حيث اعتبر أبشع وأقسى قانون يمكن تصوره ضد جزء أصيل ومكون أساسي للشعب العراقي، وشكل القانون في حينه تطرفا عنصريا بغيضا. وأضاف أن قانون إسقاط الجنسية عن المواطنين العراقيين اليهود تمت صياغته، حسب قوله، في السفارة البريطانية بمشاركة من صالح جبر، الذي سبق أن تولى رئاسة الوزارة أكثر من مرة في العهد الملكي.
وينهي السيد الملاك رسالته، المعاتبة، بالقول ان يهود دول عربية عدة عانت الكثير، ولا يود الإطالة في أمور أصبحت معروفة وتاريخها المؤلم معروف، ولولا تلك العنصرية ضدهم لما تركوا دولهم الأصلية، التي طالما أحبوها، حيث وجدوا فيها الحياة الكريمة، واضطروا للهجرة لإسرائيل تاليا، فخسرناهم كمواطنين وكقوى فاعلة.
ولا ننسى في هذه العجالة أن نضيف أن عرب إسرائيل، بالرغم من كل صنوف التعامل العنصري السيئة معهم، إلا أنهم ربما يفضلون البقاء والعمل فيها على الهجرة لأية دولة عربية أخرى، والسبب قد يعود لاعتقادهم أن «جحيم عنصرية» إسرائيل، ربما يكون أكثر رحمة من «جنة عنصرية» الكثير من الدول الشقيقة!