إعدام ميت.. الإعلام الأردني أنموذج!
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

قيدوا الصحافة الورقية حتى غدت ظلاً لإعلام كان صاحب هيبة ورهبة، فرضوا رسوماً مرتفعة على القنوات الفضائية حتى تقلصت، شرعوا قوانين مرعبة للسيطرة على المواقع الإلكترونية فأدخلوا غالبيتها لبيت الطاعة، راقبوا وسائل التواصل الإجتماعي حتى تصمت، فأصبحت الصحافة الورقية في خطر داهم ووصلت مرحلة الموت السريري، وأغلقت الفضائيات شاشاتها حتى غدت سوداء معلنة الحداد، وتجمدت أوصال المواقع الالكترونية وأرتعبت من الحديث بجرأة، لتبقى مواقع التواصل الأمل المنشود في إيصال هموم الشعب وقضاياه وظلم الحكومات للسند الأخير للشعب جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، وحتى لا يصل صوت الشعب فرضوا غرامات جائرة وعقوبات لم نسمع بها في عهود الديكتاتورية المُطلقة، كل هذا لمنع الشعب من الكلام وحرمانه من حرية التعبير ولمنع الرسائل الحقيقية من الوصول إلى سيد البلاد.

 

لقد توافقت الحكومات والمجالس النيابية على فرض تكميم أفواه المواطنين، فالحكومة تقدم القوانين التي تمنع المواطنين من الصراخ بالوجع وحتى الهمس به، والنواب يسارعون لإقرار القوانين لمنع الشعب من انتقادهم ولإحاطه أنفسهم بهالة تمنع الإعلام من الحديث عن مصائبهم التي لا تنتهي، ولمنح أنفسهم بقداسة تُجبر المواطنين على التغني بإنجازاتهم الدونكوشوتية في محاربة طواحين الهواء ومكافحة الفساد..!!، وينزلق الأمر لنجد ان كل فاسد يتدثر بقانون الجرائم الإلكترونية والويل والثبور لمن يقترب منهم، فهم محميون بقوة القانون وهيبة الدولة، لذا جاءت القوانين لردع الناقدين ولإطلاق العنان لرعاة الفساد بالتغول صوب المزيد من الفساد تحت عنوان عدم إغتيال الشخصية وتشكيل أجواء مناسبة للإستثمار.

 

ودعونا هنا نتذكر المثل المصري المشهور الذي يقول “إمشي عدل يحتار عدوك فيك”، وبما ان الشعب ليس عدواً للحكومات والنواب ويراقبهما فإنه لن يهاجمهما اذا كان فعلهما لمصلحة المواطنين والوطن،  وإن قاما بتجفيف منابع الفساد وارتقوا بالوطن، لكن حين يغوص بعضهم أو من يقومون بحمايتهم في الفساد حتى رقابهم، ويطالبون القانون بحمايتهم والدفاع عنهم بالاقتصاص ممن كشفوا جزء من فضائحهم، فهنا تكون الكارثة وبالذات إذا استجابت السلطة التنفيذية لرغباتهم، فالأصل التحقق مما نُشر كون الحكومة تملك القدرات التنفيذية على ذلك، أما الكاتب أو صاحب الفيديو فهم يحكمون بظاهر الأشياء، وأسهلها تعين الاقارب والغنى السريع والمفاجيء لبعض المسؤولين.

 

لقد سارعت الحكومات بإعدام الإعلام الأردني بعد ان سلبت منه الروح، وكأنها تقوم بإعدام ميت بعد ان طعنته بالقوانين والعقوبات ورفعت أسعار التراخيص وحجبت المعلومة، ومنحت حصانة للفاسدين مطالبة الإعلام والشعب بإحضار الدليل الدامغ ورفضت الدليل الظاهر، لتغلق عديد الصحف أبوابها وتوقف طباعتها بعد أن أجبرتها الظروف على التخلي عن عدد من موظفيها، وبالتالي أصمتتها الحكومات للابد كون المتنفذين يدركون أن قمة الجنون محاربة من يشتري الحبر بالأطنان على صفحات جرائده لذا فالأفضل وضعها تحت ضغط الحاجة، ولضمان الصمت المُطلق رفعت الرسوم على المواقع الإلكترونية لكسر ظهر الإعلام ووضعه بين خيارين أحلاهما مر، فإما إعلام تابع يُنفذ ما يؤمر به وعندها ستفتح له الأبواب، أو إعلام ميت بعد أن توصد الشركات أبوابها في وجه فيسقط جوعاً، وكأن الحكومة تقول للإعلام إما الموت ببيع الضمير او الإغلاق، فاما أن ينتحر الاعلام شنقاً أو تقطع الحكومة رأسه على مذبح الصمت وحجب الحقيقة وتحويله كما نجحت في تحويل عديد النقابات والمؤسسات الى ناطقين باسمها.

 

آخر الكلام

 

هل يُجيد كبار المسؤولين في الاعلام الحكومي كتابة خبر، أتمنى ان يتقدموا لإمتحان في التحرير لنعلم مستواهم الحقيقي وهل هم إعلاميون حقاً أم مجرد واجهات تنفذ ما تؤمر..!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى