هل سقطت الشعارات ثورة 17 تشرين الأول؟
بقلم: ايناس كريمة
النشرة الدولية –
لبنان 24 –
يبدو أن عدوى الازمات التي تواجه القوى السياسية التقليدية في لبنان نتيجة للاوضاع الاقتصادية والفوضى الدستورية انتقلت الى المجتمع المدني وقوى التغيير التي باتت اليوم توازي الاحزاب والتيارات الداخلية فشلاً في التأثير على المشهد السياسي العام وعلى القرارات المصيرية في البلاد.
من الواضح أن الكُتل النيابية المنبثقة من “17 تشرين” باتت عاجزة عن اتخاذ قرارات أساسية وجديّة تخصّ البلاد، الامر الذي سيؤدي بلا شك الى تهشيم صورتها امام الرأي العام بمطرقة الخيبة، ويعني في الوقت عينه فشل تجربة التغيير بحدّ ذاتها التي ستلحق ضرراً معنوياً عميقاً بثورة 17 تشرين التي نجحت بخرق البرلمان اللبناني بعدد من النواب ما اعتبر آنذاك خطوة اولى نحو استعادة الدولة.
يعيب الرأي العام اليوم على قوى التغيير، التي سعت في مرحلة ما قبل الانتخابات النيابية الى التلاقي مع المزاج الشعبي، أنها تحايلت على شعار “كلن يعني كلن”، لا سيّما بعد أن تكشّفت عدم قدرتها على التوحّد تحت راية مشروع محدد ورؤية واضحة، إذ إنّ كل طرف منها يأتي من خلفية سياسية وفكرية مختلفة وفي جعبته طموحات سياسية عالية ما عكس في الواقع شرذمة مُحبطة حول القرارات المصيرية رغم محاولتها الإيحاء بالوحدة التنظيمية.
وشكّل اللقاء الذي جمع جزءاً من نواب “التغيير” مع كتلة الكتائب والنواب المستقلين من بينهم النائب أشرف ريفي علامات استفهام كبيرة لدى بعض الشخصيات الداعمة لهؤلاء النواب وكاد يؤدي الى انقسام “كتلة الـ13” على اعتبار أنه تحالف سياسي يهدف الى ضمّ اكبر عدد من “كتلة التغيير” ضمن كتلة واحدة في مجلس النواب. هذا الامر أثار تساؤلات كثيرة حول الاسباب التي تقف خلف قبول البعض بهذا اللقاء أو رفض البعض الاخر له، وحول ما إذا كانت “كتلة التغيير” ستنقسم فعلاً لتتحول الى كتلة في مواجهة اخرى.
أزمة جديدة تُضاف الى إرباكات نواب “التغيير”، حيث أن هؤلاء بدوا غير قادرين على اتخاذ قرار استراتيجي واضح، الامر الذي ظهر جلياً في ملفّ ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، إذ ذهبوا بعيداً باتجاه الخط 29، غير أن خصومتهم مع “حزب الله” أجبرتهم على التراجع عن خطابهم فبات يوحي بأنهم لا يؤيدون ما اعتُبر مبالغة من الدولة اللبنانية في مطالبها الحدودية والغازية.
في المقابل، فإن أزمة اخرى بدأت تُطل من نافذة الملف الرئاسي، خصوصاً وأن “التغييريين” أصبحوا بحاجة للتحالف مع نواب مستقلين بهدف تشكيل كتلة وازنة ومؤثرة في انتخابات رئاسة الجمهورية. لكنهم في حال توحّدوا مع هؤلاء النواب سيدخلون ملعب الاصطفاف السياسي ويصبحون طرفاً في الانقسام التقليدي، حيث أن النواب المستقلين يُمسكون مواقف سياسية واضحة في بعض القضايا التي لا يمكن لنواب “التغيير” تحمّلها، لكن عدم توحّدهم في جبهة واحدة قد يعرّضهم للتهميش الشعبي والسياسي بالمقارنة مع احزاب الدولة العميقة.
اليوم، يهتزّ عرش “التغيير” ليُسقط الشعارات واحداً تلو الاخر حين خاض نوّابه تجربة الحكم في البرلمان اللبناني، الامر الذي تكشّف بعد عدة اختبارات جعلت “المكتوب مبيّن من عنوانو” ونسفت شعار “كلن يعني كلن” الذي اعتمدوه لجذب الرأي العام الرافض لكل المنظومة السياسية. فهل يتدارك هؤلاء المأزق الذي وقعوا فيه ويلبّون نداء داعميهم بالتوحد في كتلة “17 تشرين”؟ أم أنهم سيرضخون للامر الواقع ويبحرون في مركب السلطة ويطلقون الرصاص على آخر أمل بالتغيير؟!