الغرب يُغادرون.. والخراب مهمة رجال الدول!
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
تغادر القوات الأمريكية أفغانستان وهي ضامنة أنها لن تكون دولة، وإن أصبحت دولة فسينتشر فيها الفساد في شتى المجالات حتى لا تكون أموالها بيد أشرافها واصحاب الضمير فيها، لذا ستبقى تُعاني وتنتقل من معاناة المُحتل الأمريكي إلى قهر أهلها لأهلها، وسيقتتلون ويموتون قهراً وجوعاً وظلما ويزدادون جهلاً في ظل تراجع التعليم والصحة، والغاية الإستعمارية لضمان عدم نشوء جيل على المعرفة حتى ينتشر الجل ويصبح قادة القوم اقلهم فكرا، وهذه ليست المرة الأولى التي تفعلها الولايات المتحدة، فقد سبق أن سلمت العراق لأهلها، واعتقد العراقيون أنهم استقلوا ليكتشفوا أنهم تحت نير إستعمار أسوء وأظلم، فمنذ ذلك اليوم والمليارات العراقية تُسرق وتوضع في البنوك الأمريكية، فيما السجون تعج بالمتهمين والمساجين المظلومين أما اللصوص الحقيقين فهم فوق القانون، وهذه إشارة واضحة بان واشنطن ومثلها لندن وباريس لن تُغادر دولة حتى تكون في حالك وفاة سريرية وتخوض مع ذاتها الجيل الرابع من الحروب، ليعيش غالبية الشعب في فقر مدقع فيما الأقلية تنقل أموالها صوب العواصم الغربية وهذا أمر يُرضي اللص والمستفيدين منه سويا.
ولم نشهد دولة تنهض منذ توقيع اتفاقية سايس بيكو وحتى بعد جلاء القوات الاجنبية واستقلال الدول والتي تحكمت بها الأقليات، فأصبحت الشعوب محكومة بقوة الحديد والنار فيما الفساد يرتقي ويرتفع حتى تجاوز حدود البلاد، فأصل الأشياء والتي يطبقها الغرب تتمثل بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ولكنهم خلفوا ورائهم من لا يطبقون هذه الحكمة، حيث يضعون الرجل في المكان الذي يتناسب مع منصب والده والذي سيوفر لهم سبل الفساد والنهب والسرقة، فالغرب لا يترك أي دولة للشرفاء حتى لا تنهض الدول من جديد، كونهم يدركون أن نهضة الدول تعني المزيد من المتاعب لهم، فالشرفاء سيطالبون بثروات الوطن المنهوبة، وسيكون لهم صوت مرتفع للدفاع عن الشعب وسيف ورمح للدفاع عن الوطن.
لقد خَلَفَ الغرب المجرم ورائه من يطبقون نهجه القائم على نشر الجهل والتفرقة العنصرية، وصنع العديد من نقاط الإختلاف والتصادم بين الدول مع بعضها وحتى بين قاطنيها، لنجد أن رغبة الاستقرار لا تتواجد إلا بقوة السلاح في ظل غياب الأمن الوظيفي والصحي والتعليمي، فغدت المجتمعات تحتكم لقانون الغاب فيأكل القوي منها الضعيف، فيزداد الفقير فقراً ويشتد عود الظلم ويسود الجاهلون ويحتلوا المناصب العليا، فيزداد القهر والظلم وتكميم الأفواه والتعامل مع الشعوب على أنهم عبيد، فتستقر الأمور لأصحاب القرار لان الجذوة التي تحت الرماد لم تشتعل بسبب التهديد بالقوة المفرطة، ليزداد ثراء الإغنياء والسياسيين والفاسدين تاركين للشعب الألم والانين.
في المقابل ينعم الغرب بأمان مجتمعي بعد أن نشر الحريات وجعلها أولوية حياة، فتراجع الفساد والمحسوبية كون شمس الحقيقة النابضة بالحرية ستكشفهم، وكون الإعلام سيميط اللثام عن فسادهم، فارتعب الفاسدون ونال ابناء تلك الأوطان حقوقهم بالكامل من تعليم وصحة وسكن، لتصبح الظروف مواتية للإرتقاء الفكري والعلمي والحضاري، ليصلوا بمجتمعاتهم إلى مرحلة متقدمة من الرفاه الإجتماعي، تاركين للأمم المُستعمَرة فكرياً حتى هذه اللحظات ظُلمة الليل واختفاء شمس الحرية، ليتم فرض الصمت ومنع التفكير وتكميم الأفواه، لتتحول تلك الدول إلى مقابر ضخمة للفكر والرؤى التي لن ترى النور حتى لو طلعت الشمس كون شمس الفساد أضخم وأكثر تأثيرا.