أزمة مفتوحة
بقلم: ماهر ابو طير
النشرة الدولية –
اعتبارا من اليوم، يدخل الأردن، مرحلة جديدة، فلا حظر جزئيا، وكل القطاعات ستكون فاعلة، وعاملة بشكل طبيعي، بما في ذلك الجامعات، والمدارس، وغير ذلك، من مؤسسات تأثرت بالجائحة.
نسبة الإصابة في الأردن، منخفضة، ونسبة تلقي اللقاح جيدة الى حد كبير، وهذا يفرض علينا ألا نفرط بما تم إنجازه خلال العامين الماضيين، كون تصرفات الفرد، تؤثر على المجموع، وهذا يعني ان الالتزام بالإجراءات الوقائية، امر مهم جدا، من جانب الافراد، حتى لو لم تكن هناك غرامات مالية، او عقوبات، لأن الفرد قد ينقل العدوى الى عائلته، والى من يخالطهم، بما يساعد في تمدد الوباء.
هذه فرصة كبيرة، ان نخرج من أجواء الوباء، وان يسترد البلد عافيته، لكن التساؤلات لا تغيب حول الذي ستفعله الحكومة لاحقا، اذا ظهرت نسخ جديدة من الوباء، او توجه العالم الى الحصول على جرعة ثالثة، ونحن نقرأ يوميا، عن المدة المحتملة لفاعلية اللقاح، وكل التقارير تتحدث عن عدة شهور فقط، وهذا يعني ان ظهور موجات جديدة امر محتمل جدا، خصوصا، اذا لم يتم الالتزام بالإجراءات الوقائية من جانب الافراد، وهذا امر نراه يوميا في كل مكان، وقد استرخى المجتمع، واعتبر اننا عبرنا الوباء بأقل الكلف، برغم كل الذين عانوا وخسروا حياتهم بسببه.
الجانب الاحتفالي في الإعلان عن دخولنا المرحلة الجديدة، اعتبارا من اليوم، يبدو واضحا خلف السطور، فالكل يريد تسجيل هذا النجاح لجهته، لكن علينا ان نعيد التذكير هنا، ان هذه ازمة مفتوحة تتلاعب بنا، وبدول كثيرة، ظنت انها نجت من الوباء، لكنه عاد وأطل بكل قسوة على تلك الشعوب، ولم يرحم أحدا فيها، ومن بينها بعض الدول الغربية، التي لديها أنظمة صحية متفوقة، وهذا يعني ان الحكومة من جهة، والناس من جهة، عليهم ان يحذروا الاسترخاء وان يتذكر الكل ان هذه مرحلة يجري اختبارها، وقد تستمر، وقد لا تستمر، وفقا للوضع الوبائي القائم.
الأطباء والخبراء يتحدثون حاليا، عن ان المطعوم قد يصبح موسميا، وهذا يعني اننا في سباق، لأن هناك الملايين في الأردن، لم يتلقوا أي جرعة، وهناك نسبة تلقت الجرعتين، او جرعة واحدة، وحتى لا نجد انفسنا في ازمة جديدة بعد قليل، علينا الاستعداد لأمرين، أولهما ضرورة اكمال برنامج التطعيم بطريقة مختلفة، تحض أولئك الذين لم يحصلوا على أي جرعة على الحصول عليه، وثانيهما ان فاعلية المطعوم لمن تلقوا اللقاح قبل شهور، اوشكت على الانتهاء، وهذا يعني انهم الآن، بمثابة غير المطعمين، كونهم انضموا فعليا ومن جديد الى قائمة غير المحصنين، بعد ان انخفضت مناعتهم، او تلاشت، ليأتي السؤال حول الكيفية التي سيدار بها هذا المشهد، مع عودة عشرات الآلاف يوميا، الى قائمة غير المحصنين، بعد مرور كل هذه الفترة على تلقي اللقاح.
كل هذا يقول ان المحاذير ما تزال قائمة، حتى يتم الوصول الى حل جذري، والمفارقة هنا، ان تسأل كثرة ممن تلقوا جرعتين، عن استعدادهم للحصول على ثالثة، فيرد عليك كثيرون بالرفض، كونهم يريدون الانفكاك من كل هذا الوضع، ولا يعرفون التأثير طويل المدى لأكثر من جرعتين، بعد ان اختبروا على المدى القصير، فقط، الآثار الجانبية للجرعتين، وبعضهم تلقى الجرعة الأولى، ولم يعد للحصول على الثانية، بما يعبر أساسا عن حذر كبير، ومخاوف ما تزال شائعة لدى الناس.
مناسبة هذا الكلام، انك تلمس ان هناك نجاحا سياسيا، لمن ادار ملف الوباء، أي الحكومات، وهذا النجاح يراد تعظيمه بشكل مبالغ فيه، لكن ما هو اهم، خفض الاحتفاء بدخول الأردن مرحلة جديدة، من التعافي، وتذكر الحقيقة التي تقول اننا امام ازمة مفتوحة، حالنا حال بقية دول العالم، بما يفرض عدم افلات التفاصيل، وعدم الاسترخاء، والاستعداد للمرحلة المقبلة، وما قد يستجد فيها، دون ان نتسبب هنا بالكآبة لأحد، او نبث السلبية، فهذا هو واقع الحال.