السياحة الرياضية في الأردن بين الحلم والواقع
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

يعاني الأردن من شح الموارد المالية مما يوجب على القائمين على إدارته البحث عن مصادر متعددة لتوفير فرص العمل والمال، وهذا أمر في غاية الصعوبة في ظل التنافس الشرس في شتى الصناعات ومنها الصناعة الرياضية وصناعة السياحة، لكن الله عز وجل منح الأردن مناخات مختلفة وجغرافية متغايرة وتاريخ غني بالأحدث، وهي أمور لا توجد إلا في الاردن، والغريب في الأمر ان جمع هذه الاشياء في عمل موحد لا زال ضعيفاً، كون التسويق السياحي والرياضي للاردن يعتبر ضعيف جداً إن لم يكن مفقوداً في الأساس، وبالتالي نحتاج إلى إعادة دراسة مفاهيم السياحة الرياضية حتى نصل لمرحلة الترويج السليم وهذا يعني المزيد من الدخل وفرص العمل.

في الاردن لدينا طريقان يعتبران من أصل التاريخ ولا يمكن أن يتم نسيانهما كونهما أساس بناء الحضارات، ففي شرق الأردن لدينا الطريق الأموية والتي تتمثل بمجموعة من القصور المنتشرة بشكل عمودي لتصل بالحكام والتجار والحجاج من دمشق إلى مكة، وأبرزها قصر عمرة وقصر المُشتى وقصر الحلابات وقصور الأزرق والحرانة والقطرانة ومعان وطوبة، وتصل المسافة بين قصري عمرة والأزرق خمسة عشر كيلو متر، وهذا مسافة مناسبة لرياضة المشي مع وجود مسيرة للخيل والجمال والهودج، ويتم تحديد فترة معينة لهذه المسيرات تتناسب مع الأحوال الجوية، وبالتالي نجعل السائح يمر بتجربة الأمويين السابقة بكافة تفاصيلها، ولا ضير من إجراء مسابقات في الطريق أو سباق طويل بين القصرين، وحتى تنظيم بطولة كرة الطائرة الصحراوية على غرار الشاطئية.

وفي الغرب يوجد في الأردن الطريق الملوكي أحد اقدم الطرق التجارية في منطقة الشرق الأوسط ، واستخدمته شعوب أدوم ومؤاب وعمون، ويمتد من العقبة إلى وادي عربة فالبتراء والشوبك ثم الكرك فمادبا حتى عمان فجرش، واستخدمه الأنباط للتجارة والرومان للحج المسيحي، ويصل بين مصر وسوريا والعراق، وحدثت العديد من الحروب للسيطرة على هذا الطريق لأهميته، وبالتالي هو راسخ في الفكر الإنساني بسبب تعدد إستخدامته وصعوبة تضاريسه، وطريق كهذا يمكن استغلاله لاستقدام السياح لمعايشة تجربة حقيقية لرحلات الحج والتجارة، وكالطريق الشرقية سيكون للخيول والجمال والهودج دور في منح الرحلات جمالية وسحر وبالذات في ليالي الصيف الجميلة.

ويبرز هنا دور وزارة الثقافة والسياحة والرياضة بالعمل التشاركي بحيث يضع كل منهم بصمة وإضافة جمالية على الطريقين، وبالذات وزارة الثقافة التي يتركز دورها حول شرح تفصيلي للسياح عن أهمية المناطق التي يزورونها في التاريخ الإنساني، ويبرز هنا دور وادي القمر “وادي رم” في السياحة الرياضية بإجراء مسابقات التزلج على الرمل وتسلق التلال الرملية وهي رياضات صعبة تحمل التحدي والإثارة والمرح بذات الوقت، إضافة للطيران ومسابقات ترفيهية مستغلين كميات الرمل الهائلة في المنطقة والتي تحتاج لمسابقات خاصة تفضي أجواء من المرح الرياضي على طريقة ألعاب “تيلي ماتش” المائية، كما يحتاج العديد من السواح لتجربة رياضة الجولف الرملية، فيما في العقبة تمارس رياضات الغطس وصيد الأسماك، وإلى البحر الميت حيث تتغير الطبيعة من برد الجبال إلى حر الغور لتتشكل متعة المشي والإنحدار والصعود لمسابقات خاصة من الدراجات للجري والمشي.

هذه هي طبيعة الأردن الجميلة والمتنوعة والتي يشكل كل منها تحدي خاص ورونق مختلف عن الآخر، وهذا يجعل التجربة السياحية كرحلات الخيال بسبب صعوبتها وجماليتها ومعايشة التاريخ عبر أزمنة مختلفة، وهذا يتطلب عمل وزارات السياحة والرياضة والثقافة إلى جوار بعضها ضمن برنامج متكامل يساهم في تعزيز النمو الإقتصادي وإظهار عظمة وتاريخ الأردن بصورة تجعل كل من يغادر البلاد يتحدث بصورة إيجابية ليكونوا سفراء للاردن في شتى بقاع العالم، فهل تفعلها الوزارات وتشكل لجنة لدرسة السياحة الرياضية الثقافية.؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى