مدينة خيشة الشعير الفارغة
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

يقول الإعلامي والزميل وليد الجاسم، في معرض تقديمه لبرنامجه التلفزيوني الجديد، إن كل شيء جميل ورائع يحتاج لوقت، سواء كان مشروعاً تجارياً أو رواية أو حتى طبخة جديدة!

وبالتالي، يا سمو رئيس الوزراء، إن كنت جاداً، بصفتك رئيس السلطة التنفيذية، المهيمنة على كل مقدراتنا، في السير بمشروع مدينة الحرير، فإن علينا البدء من الآن، وليس بعد شهر أو سنة، بالتحضير لهذا المشروع الكبير والخطير، وعلى نار هادئة، المهم أن نبدأ.

ولكن، يا سمو الرئيس، لا شيء في الأفق يبين أن هذا المشروع سينتهي، في الوضع الذي نحن فيه، على خير وربما سينتهي الأمر برؤية «خيشة شعير»، بدلاً من «طريق حرير»!

فمشروع كهذا يتطلب عقلية دولة منفتحة. عقلية قوية وقادرة على تنفيذ ما سيتم الاتفاق عليه. عقلية تؤمن بأن النفط إلى زوال أو اضمحلال في أهميته، وأن من الضروري البحث عن موارد أخرى. عقلية تؤمن بأن من الاستحالة الاحتفاظ بالكيكة وأكلها في الوقت نفسه You can’t have the cake and eat it.

فمن الصعب جداً أن نفكر في مشروع بهذه الضخامة والانفتاح، ونقبل باتصال من نائب يطلب منك إصدار تعليماتك لوزير التجارة لإزالة تماثيل بلاستيكية أو خشبية من معرض تجاري بحجة أنها أصنام، وقد يُقدم متسوقون على السجود أمامها!

ومن الاستحالة أن نفكر في تعيين جهاز عصري منفتح، ووزارة ترتعد من تغريدة أو اتصال من نائب اكتشف وجود كلمة جندر في أحد مقررات الجامعة، وشكّه في أن الكلمة تعني الجنس، والجنس حرام الحديث عنه، فكيف بتدريسه لفتياتنا، وكأننا نتحدث عن فتيات «خُدّي» ومن كوكب آخر، لا يعرفن ما هو التلفزيون ولا يمتلكن أجهزة هاتف نقالة ولم يطلعن على مواقع في الإنترنت، او يقرأن كتباً وروايات ولم يشاهدن صوراً وأفلاماً سينمائية!

كيف يمكن أن نجذب استثمارات أجنبية، وبإمكان صاحب لحية دينية، حامل شهادة دكتوراه مزورة، إقلاق الحكومة بتغريدة تافهة؟

كيف يمكن التفكير في هيئة عليا تخطط وتشرف على بناء مدينة الحرير، وكبار القيادات لا تزال مكبلة بقواعد وتعليمات مثيرة للشفقة؟

أنت يا سمو الرئيس ووزراؤك بحاجة ماسة لطريقة عمل أفضل، إن سمحت لي بهذه النصيحة، بحكم العمر والخبرة التجارية والصناعية والمالية الطويلة، وليس الرضوخ لأول صيحة يطلقها نائب في محاكم التفتيش الكويتية!

نحن لا ندعو ولم ندعُ يوماً لمخالفة الشرع والعادات والتقاليد، فهي ستتغير وتتحور وتتعدل مع الوقت كما تحولت وتغيرت من قبل، فتقاليد وعادات اليوم ليست هي ما كانت عليه قبل مئة عام مثلاً!

فصدور مرسوم البدء ببناء مدينة الحرير يجب أن تسبقه مراسيم تتعلق بإشاعة مناخ الحريات ومناخ التعايش، وقبول الغير والترحيب به، وفتح الأبواب أمامه، كسائح أو كرأسمالي أو صاحب كفاءة فنية أو علمية، وبغير ذلك فربما لن نجد إلا خيشة شعير خالية في مدينة حرير فاضية!

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى