السياسة الخارجية الأردنية بقيادة جلالة الملك… مؤتمر القاهرة الثلاثي
بقلم: د. دانييلا القرعان
النشرة الدولية –
نتاج مجموعة العوامل الداخلية والخارجية لأي دولة تؤثر في تحديد عمق التوجهات السياسية في علاقاتها مع الدول والمنظمات المحلية والدولية حسب الظروف الداخلية والإقليمية والدولية القابلة للتغير، ومن المنطق السياسي أن نقول أن السياسة الخارجية لأي دولة من دول العالم بالمحصلة هي تعبير عن إرادة الدولة وقيادتها السياسية.
شكلت المشاريع الصهيونية المستمرة والمخاطر واستمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تحديات كبيرة أمام السياسات الخارجية، والأردن حاله كحال بقية الدول الأخرى تأثر بمحيطة الجيوسياسي والعلاقات الدولية المختلفة والعوامل والتأثيرات الخارجية الناتجة عن موقعه الجغرافي ووضعه الديمغرافي والاقتصادي ويشمل واقع الثروات الداخلية وحجم المساعدات الخارجية، وجميع التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تنعكس على تركيبة وبنية المجتمع الأردني سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
عند الحديث عن السياسة الخارجية الأردنية لا بد من التأمل المحدق في طبيعة العلاقات العربية وسياسة المحاور، والمواقف الثابتة والمتغيرة لسياسات الدول الكبرى وحلفاؤها بشأن منطقة الشرق الأوسط ومستقبلها المجهول. جميع هذه العوامل كونت محددات لطبيعة السياسة الأردنية الخارجية والتي ألقت بظلالها على صناع القرار، وكل ذلك يؤكد لبقاء الأردن في إطار سياساته الخارجية حاجته الملحة والمستمرة لإيجاد توازن يحقق المراد من علاقاته الخارجية مع دول الجوار عربيا وإقليميا ودوليا وكل ذلك من أجل الوصول الى الاستقرار السياسي المطلوب.
جلالة الملك ومنذ توليه سلطاته الدستورية ونظام الحكم وهو يسعى جاهدا بكل السبل المتاحة من أجل تعزيز علاقات الأردن السياسية والاقتصادية والأمنية مع دول الجوار والعالم جمع، وهذا لم يكن غائبا عن الاستراتيجية التي يتبعها جلالته ورؤيته الثاقبة لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي، وآخر زيارة له كانت الى العاصمة المصرية القاهرة لبحث تداعيات المنطقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
” مؤتمر القاهرة الثلاثي ” إن الهدف الأساسي من هذا الاجتماع الثلاثي ” الأردني الفلسطيني المصري” حث الإدارة الأمريكية على الوفاء بوعودها في الحفاظ على حل الدولتين، والوفاء بهذا الوعد يتم من خلال خطوات مدروسة عملية تضع حدا ثابتا للسياسات العنصرية الاستيطانية التي تتم في كافة الأراضي الفلسطينية، والعمل بشكل مكثف على فتح مسار وطريق سياسي يؤدي الى إنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية على التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس، وحق العودة للاجئين، وبناء موقف عربي ثابت لا تغيره الظروف حيال استئناف المباحثات والمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية مجددا مع الجانب الأمريكي الذي يدير مفاوضات السلام، وتضمنت أجندة هذا المؤتمر أولويات التنسيق للمواقف قبيل انطلاق اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث سليقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس خطابا هاما في هذه المناسبة. ويعود أهمية هذا الاجتماع الثلاثي في القاهرة في هذا الوقت تحديدا؛ بسبب قرب القمة العربية في الجزائر، واجتماعات دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث سيشارك محمود عباس في هذه الدورة، وقبيل انعقاد قمة متوقعة بين الرئيس المصري ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، تلبية لدعوة وجهها السيسي ونقلها رئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل الى بينيت الشهر الماضي، ولبلورة تحرك وإيجاد أفكار ومقترحات يستطيع الأطراف من خلالها مواجهة ما يقال وما يحدث في واشنطن وتل أبيب.
لا بد من تنسيق الجهود المشتركة الأردنية الفلسطينية المصرية في وقت تحاوط القيادة الفلسطينية تحديات جديدة بوجود إدارة أمريكية جديدة سياستها مختلفة عن سابقاتها من حيث العملية السياسية والعلاقة مع الجانب الفلسطيني، وبوجود حكومة إسرائيلية جديدة أيضا سياستها مختلفة عن سابقاتها في بعض الجوانب ومتشابهة في جوانب معينة. وما يزيد المشكلة دائما أن الإدارات الامريكية دائما سواء الإدارة الجديدة أم سابقاتها لا تولي الاهتمام الكافي بالشق السياسي من القضية الفلسطينية وتهتم دائما بالشق المالي.
تأثرت التحولات السياسية الأردنية الخارجية بالتحولات الدولية السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية المتنامية في النظام الدولي تجاه المنطقة العربية، وتشكل علاقات الأردن السياسية الدولية إحدى روافع التأثير الجيواستراتيجي للمملكة من محيطها. ورغم جسامة وخطورة التحولات الدولية الا أن الأردن يلعب دورا محوريا مهما في اهتمامات المجتمع الدولي فيما يتعلق بالأمن والسياسة رغم مواجهته لهذه التحولات والتي تؤثر على أمنه واستقراره الا أن الأردن سباق دائما في المشاركة في اللقاءات الدولية والإقليمية لصالح المنطقة العربية وأمن واستقرار الأردن.
السياسة الخارجية التي يتبعها جلالة الملك تهدف الى خدمة المصالح الأردنية من خلال مجموعة العلاقات الاستراتيجية المتميزة مع الدول العربية والدول الصديقة، والأردن بقيادته يرى المصلحة الوطنية جزءا من الامن والاستقرار الدولي. وعلى ضوء ذلك تشكلت خريطة علاقات الأردن مع كافة الدول، حيث يتمتع الأردن بعلاقات تحالف مع أمريكا والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وروسيا والصين واليابان، ودول أخرى من آسيا وأفريقيا وأمريكيا الجنوبية.