المواطنة .. بين الهوية الجامعة والكوتا
بقلم: رجا طلب
النشرة الدولية –
أسجل في هذا المقال إعجابي الشديد بالجراة الأدبية التي يتحلى بها دولة سمير الرفاعي الذي استضاف عددا من الكتاب والإعلاميين في الأسبوع الماضي للحديث عن لجنة تحديث المنظومة السياسية وإلى أين وصلت، وسبب إعجابي بدولته الذي لم التقه منذ فترة طويلة نسبيا، أولا صراحته ووضوح رأيه في عدد من القضايا المطروحة على أجندة اللجنة وتحديدا في موضوع المواطنة والهوية الوطنية، وثانيا «ليبراليته الوطنية» وليست «الاغترابية» كما بعض السياسيين، وانحيازه الحاسم للحريات ولمظاهر التمدن والفكر العصري في مناحي الحياة العامة كافة.
في النقاش الذي دار بين الحضور وبينه لم يخف نقده للكثير من التراكمات السلبية التي تركتها تجارب بعض الحكومات، ومجاميع القرارات الارتجالية التي اتخذتها وتتخذها بعض المؤسسات الرسمية أو شبه الرسمية، كما كال النقد «للعقل الشعبي العام» الذي بات منغلقا في بعض مسلكياته ورجعيا في بعضها الآخر وبخاصة في موضوع الثقافة الوطنية وفهم الهوية الوطنية الجامعة، وعجزه عن مقاومة ثقافة الاقصاء أو المناطقية أو الإقليمية البغيضة والهويات الفرعية والتي تشكل بمجموعها واحدة من المعضلات الكبرى أمام تطوير الحياة السياسية والحياة العامة برمتها.
تلمس مجتمعنا الأردني مخاطر تلك الحالات على النسيج الوطني واثارها السلبية عليه وعلى السلم الأهلي وقدرتها على انتاج خطاب الكراهية، والأخطر تمكنها إلى حد كبير من إضعاف قواسمنا الوطنية المشتركة ونخرها بصورة مرعبة وخطيرة..
من أهم القوانين التي تصدت لكل ما سبق هو قانون الانتخاب الذي شرح رئيس اللجنة الملكية أبرز ملامحه، وتوقفت شخصيا عند موضوع «الكوتا بشتى تصنيفاتها» ومدى دستوريتها وأيضا مدى تناقضها مع مبدأ تكريس الهوية الوطنية الجامعة، وفي إيضاحه لأبعاد قضية «الكوتا» شدد دولته على مسألة «التمكين» والمقصود فيها أنها مرحلة انتقالية يأخذ فيها أصحاب «الكوتا» فرصتهم الزمنية الكافية لبناء قدراتهم السياسية والمجتمعية للتأهل لمرحلة ما بعد الغاء الكوتا والتي سيكون التنافس فيها على مستوى وطني، وقد حُددت فترة التمكين هذه بأحد عشر عاما، وستكون هذه الفترة الزمنية محددة بالقانون ذاته أي في قانون الانتخاب والذي بدوره سيكون عابرا للحكومات.
مثل هذه التوجهات ستدفع وبالضرورة الحياة السياسية قدما إلى الأمام وبدرجة جوهرية فارقة وبخاصة في ظل وجود أحزاب سياسية فاعلة تملك بنية شعبية حقيقية وبرامج سياسية واقعية وليست أحزابا «كرتونية» أو ديكورية، والتي يكون ركيزتها أو أساس تشكلها احدى الشخصيات العامة الذي إن انسحب أو اختفى من الساحة انتهى الحزب وتبعثر اعضاؤه..
ومن الملاحظات الجوهرية بشأن ذلك الاجتماع تلك الراحة النفسية التي بدت واضحة على الرئيس الرفاعي والتي أعتقد أن سببها، نوعية الإنجاز الذي قامت به اللجنة والدعم الكامل الذي تحظى به ومخرجاتها من لدن جلالة الملك وحرص جلالته كما قال الرفاعي على أن يكون (تحديث المنظومة السياسية نقلة نوعية في حياة كل الأردنيين)..