الحكم على المعارضة البيلاروسية ماريا كوليسنيكوفا بالسجن 11 عاماً
النشرة الدولية –
قضت محكمة في بيلاروس بسجن ماريا كولينسيكوفا التي تعد بين أبرز شخصيات المعارضة، أحد عشر عاما الاثنين بعدما قادت تظاهرات غير مسبوقة ضد الرئيس ألكسندر لوكاشنكو العام الماضي، وقد أثار الحكم سخط دول غربية.
وفي تعبير عن التحدي، ابتسمت كوليسنيكوفا ورسمت إشارة قلب بيديها خلال جلسة المحكمة في مينسك، حيث حكم أيضا على محاميها والناشط المعارض ماكسيم زناك بالسجن عشر سنوات.
واتّهمتهما السلطات خلال المحاكمة التي كانت جلساتها مغلقة بانتهاك الأمن القومي والتآمر للاستيلاء على السلطة.
وكوليسنيكوفا (39 عاما) هي القائدة البارزة الوحيدة لاحتجاجات العام الماضي غير المسبوقة التي لا تزال في بيلاروس، وهي محتجزة منذ عام، بعدما قاومت محاولة لترحيلها قسرا عبر تمزيق جواز سفرها.
وينفّذ لوكاشنكو، الذي يتولى السلطة منذ العام 1994، حملة أمنية ضد المعارضة منذ الاحتجاجات التي اندلعت عندما أعلن فوزه في انتخابات متنازع عليها.
وأظهر تسجيل مصوّر من داخل قاعة المحكمة كوليسنيكوفا ومحاميها مكبّلين ومبتسمين داخل قفص الاتهام.
ورسمت كوليسنيكوفا التي وضعت على شفتيها أحمر الشفاه الداكن الذي تشتهر به وارتدت فستانا أسود اللون، إشارة قلب بيديها، وهو أمر قامت به مرارا خلال مسيرات المعارضة.
وتحدّث زناك (40 عاما)، الذي وقف إلى جانبها، بشكل ساخر وكأنه يدعو جمهورا لحضور عرض مسرحي قائلا “سعداء برؤيتكم أيها المتفرّجون الأعزاء”.
من جهتها، اعتبرت الولايات المتحدة الحكم “مخزيا”، ووصفت ملاحقة المعارضة قضائيا بـ”السياسية”.
وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن في بيان “هذه الأحكام دليل آخر على تجاهل النظام التام لحقوق الإنسان والحريات الأساسية لشعب بيلاروس”.
ووصفت ألمانيا الحكم بأنه “غير مبرر” فيما دانه الاتحاد الأوروبي واعتبره “ازدراء صارخ” لحقوق الإنسان.
ورأت فيه بريطانيا “اعتداء على المدافعين عن الديموقراطية والحرية”.
بدورها، اعتبرت منظمة العفو الدولية بأنه “مصمم للقضاء على تطلعات” جيل من البيلاروسيين.
وتحوّلت كوليسنيكوفا (39 عاما) والتي كانت عازفة ناي في الأوركسترا السمفونية البيلاروسية إلى رمز للحراك الاحتجاجي في البلاد.
ورقصت داخل قاعة المحكمة عندما انطلقت المحاكمة الشهر الماضي، والتي أشارت السلطات إلى أنه كان من الضروري جعل جلساتها مغلقة نظرا لتضمنها أسرار دولة.
وتم توقيفها في أيلول/سبتمبر الماضي، عندما وضع عناصر استخبارات في بيلاروس كيسا على رأسها وزجوا بها في حافلة صغيرة واقتادوها إلى الحدود الأوكرانية.
وقاومت محاولة لطردها من البلاد عبر القفز من السيارة، بحسب تقارير إعلامية.
وكانت كوليسنيكوفا ضمن ثلاثي نسائي إلى جانب زعيمة المعارضة سفيتلانا تيخانوفسكايا وفيرونيكا تسيبكالو، قدن مسيرات الصيف الماضي ضد الرئيس البيلاروسي.
وفرّت تسيبكالو وتيخانوفسكايا التي ترشّحت للرئاسة مكان زوجها المسجون، من بيلاروس.
ووصفت تيخانوفسكايا، التي باتت تقيم في ليتوانيا، كلا من كوليسنيكوفا ومحاميها بـ”البطلين” بعد صدور الحكم.
وقالت على تويتر “يريدنا النظام أن نراهما محطّمين ومرهقين. لكن انظروا: إنهما يبتسمان ويرقصان”.
ونشرت خدمة الإعلام التابعة لفيكتور باباريكو، الذي كان مرشّحا للرئاسة، وأدارت كوليسنيكوفا حملته الانتخابية، صورا لعدد من أنصارها الذين تجمّعوا خارج مقر المحكمة في مينسك.
وعمل زناك (40 عاما) إلى جانب كوليسنيكوفا لصالح باباريكو الذي حكم عليه في تموز/يوليو بالسجن 14 عاما بتهم تتعلّق بالاحتيال.
وأفاد مكتب باباريكو في بيان “مر ماريا وماكس بكافة مراحل الاضطهاد السياسي بكرامة”.
ونقل البيان عن محامي كوليسنيكوفا قوله إنها ألقت خطابا ختاميا مؤثرا أمام المحكمة الأسبوع الماضي بشأن “مستقبل بيلاروس الحرة”.
وكانت كوليسنيكوفا وزناك ضمن مجلس تنسيق يضم سبعة أعضاء تأسس ردا على انتخابات آب/اغسطس المتنازع عليها للإشراف على انتقال سلمي للسلطة.
وفرضت دول غربية عقوبات على نظام لوكاشنكو على خلفية طريقة تعامله مع ناشطي المعارضة في الداخل والخارج.
ووفق مجموعة “فياسنا” الحقوقية المحلية، بات هناك في بيلاروس 659 سجينا سياسيا حتى الاثنين، بمن فيهم كوليسنيكوفا وزناك.
وتعرّض رئيس بيلاروس لموجة تنديدات دولية واسعة في أيار/مايو عندما أُجبرت طائرة ركاب على تحويل مسارها والهبوط في مينسك ليتم اعتقال معارض كان على متنها.
وتسلّطت الأضواء دوليا مجددا على بيلاروس في آب/اغسطس بعدما قالت رياضية إن فريقها حاول إجبارها على مغادرة أولمبياد طوكيو ومنحتها بولندا تأشيرة إنسانية. وكذلك منحت وارسو تأشيرة إنسانية لرياضية بيلاروسية ثانية قالت إنه “خطير” بالنسبة إليها أن تبقى في بلدها، وفق ما أفادت وكالة الأنباء البولندية الاثنين.
وعثر على ناشط معارض في المنفى مشنوقا في حديقة في أوكرانيا.
لكن مع تراجع زخم الاحتجاجات وسعي السلطات للقضاء على ما تبقى من جيوب المعارضة، لم تظهر أي مؤشرات تدل على استعداد لوكاشنكو للتنحي فيما لا يزال يحظى بدعم حليفته الأهم روسيا.