كارول سماحة مجنونة شرقية بمقامات سليمة
النشرة الدولية –
مجلة برس بارتو –
بقلم جهاد أيوب
كارول سماحة ( alto )…صوتها التو العادي، تجد بين 11 و12 مقاماً سليماً، وهي لا تنشز على المسرح أبداً حتى إذا كان صوتها منهكاً ومتعباً، والسبب يعود إلى تصالحها مع صوتها، وتعرفه جيداً، ولا تقوم بأفتعال الغناء، ولا تغني أكبر من إمكانياته وإمكانياتها، وتحاول أن تغني بشياكة الصوت الاداء الشكل الاناقة والحركة، هي فنانة استعراضية بامتياز لو التفتت إلى ذلك، ولكنها تريد كغيرها استسهال الغناء في زمن الامتاج الكبير اصعب ما يكون!
تعرف كارول كيفية استخدام صوتها مباشرة، وهذا ذكاء منها، وتدرك أهميته فدربته، صحيح هو من الأصوات الشرقية لكنه درب غربياً أكثر، وإحساسها بجنونها لكونها خلقت للمسرح وهي تمتلك مفاتيح هذا السر، وهذه الناحية فيها فتغامر بصوتها مهما كانت الظروف، وتحاول أن لا تقع، ولكن الظروف في الوطن الصغير والكبير لم تعد تسمح للمغامرة الفنية، فتهرب إلى الغناء المتواضع لإشباع رغباتها وموهبتها وصوتها وحضورها مهما خفت أو لمع…
هي كتلة متصالحة مع صوتها وحركتها ولكن!!
لماذا ولكن؟ لأن صوتها شرقي جيد لا بل ممتاز، ولكنه عرضة لبورصة الأغنية التجارية وجودتها وتواضعها، وهي تتحمل هذا الواقع المؤسف، تنجح بأغنية تحاول أن تنشرها بلقاءات وبطلات كثيرة، وتبتعد عن الناس عندما تكون أغنيتها عادية كما لو كانت تعاقب نفسها، علماً هذا الابتعاد يشعرنا باعتزالها، وبأن اختياراتها ليست في مكانها، ويا ليتها تجد مجموعة تثق بهم ليتم مناقشة ما يناسبها، وما يليق بها، هي دائماً تحتاج إلى من تستشيرهم حتى تعرف أصول النجاح المستمر وليس النجاح السارق والهارب بسرعة البرق!
حتى الآن لم تقدم كارول الأغنية الباقية، قدمت ما هو ناجح، ولكن خفوت الشمس بسرعة يحدث في أغانيها، وهذا مرض تعانيه كل بنات جيلها، ولكنهن لا يمتلكن ما عند كارول…نعم كارول لو تنبهت لكارول لكانت الافضل، والأكثر حضوراً، ولشقت طريقها المختلف عن الجميع، هي اليوم مجرد حاضرة، ومجرد غائبة كما لو كانت لم تعرف كل مشوارها…كارول تحتاج إلى عزلة مع ذاتها، وتنطلق بثبات وبصورة مغايرة عما هي عليه!
▪حظها
حظ كارول من السماء عندما اختارها الراحل منصور الرحباني لتعمل في فريقه إلى جانب أسامة، وهذا الأخير يدرس أسرار أي صوت يتعامل معه، ويعطيه ما يناسبه، ويغامر معه، ورغم حدته في الطلات الفضائية لكنه حساس في التعامل وفهم أي صوت، وقد تقبل الجمهور العربي كارول بمسؤولية ومحبة كبيرة من خلال “خيي بالإنسانية” ومن دون مبالغة هذه الأغنية أذيعت وبثت في كل الوطن العربي، وحصدت الصدى الأهم، بعدها تركت التجربة الرحبانية، ولجأت إلى مدير أعمال محترف، وهو ملحن ومغني نقولا سعادة نخلة فعرف كيف يختار لها أغانيها، وحلقت كارول بإدارة سعادة، وقدمت أكثر من عمل غنائي لافت مصحوباً مع فيديو كليب أكثر من ناجح، وعلينا الاعتراف أن الكليبات اصبحت مستهلكة عربياً، ولا تصنع نجومية دائمة، وإذا لم يقم الفنان بغناء أعماله على المسرح ستختفي تلك الاعمال مهما كانت مهمة، وسيتعامل معها كأعمال من الماضي، وتوضع في سلة المهملات غير المؤثرة!
وأيضاً كان حظ كارول كبيراً ومن ذهب حينما تم اختيارها لتلعب دور الأسطورة صباح في مسلسل عن حياة فنانة نادرة، فنانة بمستوى عالمي في حضورها وتناقضات حياتها، واعجوبة استمراريتها، وهذا الكم الكبير من عطاء لن تغيب عنه الشمس، وهذ الاختيار الذهبي هو الذي سيذكر كارول باستمرار أكثر من اغنياتها، وهنا لا نقيم الأداء أو العمل ككل، والدليل إعادة عرضه مع كل موسم في أكثر من فضائية عربية!
ثم كالعادة شمت كارول الوردة ورمتها، وهنا غلطتها الكبرى التي أودت بها إلى اخذ الحان ومعزوفات عبد الوهاب الخالدة لتضيف عليها كلمات ليست بالمستوى، فتاهت معها رغم كذبة بعض من صفق لها وكان قريباً، وانتقدها حينما ابتعد عنها، تلك التجربة، ورغم ادعاء كارول أنها مهمة هي أقل من عادية تناساها الجمهور فوراً!
صوت كارول شرقي بامتياز مدرب غربياً أكثر
▪ المرحلة
كارول ألان في امتحان صعب جداً يتطلب قلب الطاولة على ماضيها أو الانزواء والاعتزال دون ارادتها، وإما الجودة وإما النسيان الذي ينتظرها خلف أي باب ونافذة وعمل قريب تقوم به، ويبدو أنها بحاجة إلى خط جديد، ونفضه إعلامية، ومجموعة أغنيات ناجحة، وجلسات عمل مكثفة، ومدير أعمال منقذ، وفريق يؤمن بها ألاّن أكثر!
شخصية كارول تعني موهبة مهمة، وهي حتى الآن جاهزة لتغامر،ولتقدم ما يخدم مسيرتها بشرط أن تعرف الاختيار، وأن تدرس ما ستقدمه دون أن تضع الشروط الصعبة، والتي تهرب المنتج فوراً!
وربما على كارول أن تنتج لفنها من كيسها إذا رأت ما هو مختلف عن السائد، ويضيف لها ولا يعيق حضورها!
على كارول أن تطرق باب السينما من مصر وفوراً، وأن تعطي موهبة التمثيل ما يليق بها، والأهم أن تدرك أن السينما هي ذاكرة كل المراحل، وتستوعب الخطأ والصواب، ولعبة تعطي الكثير للفنان خاصة الفنان المغني!
كما علي كارول أن تستغل إقامتها في مصر لتقدم تجربة مسرحية أو أكثر، المسرح يليق لكارول أكثر من كل الفنون، واليوم لا يوجد من ينافسها بذلك عربياً!
وأيضاً على كارول أن تستغل وجودها في مصر حتى تقدم تلوينات غنائية مشرقة منوعة باللحم وبالشعر وبطريقة الأداء…في مصر لا تزال الأغنية جادة ولا ولدنات فيها كما حاصل لبنانياً وعربياً!
نقول هذا قبل غروب شمس الموهبة العمر الحضور، والفنان الذكي يستغل كل مرحلة من مراحل حياته، ولا ينتظر خلف الأبواب المغلقة، ويكتفي بمشاهدة التلفاز، وبالانتقاد، وبتقديم كل كم سنة عمله اليتيم!
كارول سماحة تمتلك صوتاً جاذباً غنياً سلساً يشبه صاحبته في جنون تدفقه ووهجه الدائم إذا تصالحت معه من جديد كما بدايتها، ولكن الزمن ليس لصالحها، والمطلوب الانغماس بالغناء الشرقي، التقرب من الناس في تقديم ما يستسهله وذا قيمة، العودة إلى المسرح، وليس عباطه إذا غامرت في السينما لأن فن الغناء الحالي لم يعد مجدياً لها ولزميلاتها بعد سن ال40!