ما هي دلالات وتبعات القرار الليبي بالإفراج عن الساعدي القذافي؟

النشرة الدولية –

إفراج السلطات الليبية عن الساعدي القذافي، نجل الرئيس الليبي السابق، معمر القذافي، الذي سقط نظامه جراء ثورة شعبية، يطرح تساؤلات عدة حول التوقيت ودلالاته، في بلد يحاول الخروج من مرحلة الحرب الأهلية، إلى بناء مؤسسات الدولة عبر انتخابات في ديسمبر المقبل، تقودها حكومة وحدة وطنية.

وتختلف آراء المحللين والمراقبين الليبيين حول تبعات الإفراج عن الساعدي، فهل هي خطوة تمهد الطريق لعودة أبناء القذافي إلى المشهد السياسي؟ حيث أشار سيف الإسلام إلى عزمه الترشح، أم أنها جزء من جهود المصالحة، وطي ملف النظام السابق؟

“خطوة في إطار المصالحة”

يقول خبراء ليبيون إنها فعلا خطوة في إطار المصالحة الوطنية، وليست ذات دلالات انتخابية لصالح سيف الإسلام. إذ يستبعد، حافظ الغويل، وهو أكاديمي ليبي يعيش في الولايات المتحدة، ربط خروج الساعدي من السجن بالانتخابات المقبلة، مؤكدا أن الرجل “لم يكن طامحا بالسياسة على الإطلاق، وكانت اهتماماته لا تتجاوز الرياضة أو الفن”.

ونوه الغويل إلى أن سيف الإسلام القذافي، “ربما ستكون له فرص نجاح” في الانتخابات المقبلة، “خاصة وأن العديد من الناس والقبائل يدعمونه”.

لكنه شدد على أهمية “المصالحة مع من كانوا داعمين لنظام القذافي، ومد يد المساعدة لهم”، مشيرا أهمية أن “طي هذا الملف سيضمد جراح العديد من الناس ويجعلهم يتطلعون للأمام بدلا من النظر للخلف”.

وأكد أن على الليبيين “إغلاق ملف النظام السابق أو من هم لا يزالون يدعمون نظام القذافي، خاصة وأنهم بالنهاية شريحة من الشعب الليبي، ولهم آرائهم ومواقفهم التي ليس بالضرورة الجميع يتفق معها”.

ويرى أن الإفراج عن الساعدي القذافي “أمر إيجابي، وكان يجب الإفراج عنهم وفق قرارات محاكم سابقة”.

وأضاف الغويل لموقع “الحرة” أن الساعدي “كان في السجون منذ قرابة الـ 10 سنوات في الوقت الذي لم تحكم عليه أي محكمة بالسجن، وحتى من حكم عليهم من الداعمين لنظام القذافي حكم غالبيتهم بمحاكم غير نظامية”.

محللون يستبعدون انخراط الساعدي القذافي بالسياسية . أرشيفية

“ملاحق قضائيا”

المحلل السياسي الليبي، عادل عبد الكافي، يقول لموقع “الحرة” إنه رغم الإفراج عن الساعدي، إلا أنه “لا يزال يلاحق على ذمة قضايا وجرائم يتعلق بعضها بالقتل”.

ويرى عبد الكافي أن الساعدي “لن يترشح في الانتخابات المقبلة، وشعبيته تقتصر على بعض المجموعات الدينية المرتبطة بالتيار السلفي، وهي شريحة مدعومة من دولة عربية”.

كما أشار إلى أن سيف الإسلام القذافي “الذي يتم الترويج له، فهو لا يمتلك مقومات تؤهله للعودة في الانتخابات.”.

ويعتقد عبد الكافي أن الهدف من الإفراج عن الساعدي “يرتبط بتلميع صورة المصالحة الوطنية التي يسعى لها الغالبية، والتي ترتبط بإغلاق ملفات عديدة للنظام السابق”.

وكانت مجموعة مسلحة في مدينة الزنتان (جنوب غرب طرابلس) قبضت على القذافي في نوفمبر 2011، وحكم عليه بالإعدام في محاكمة قصيرة.

لكن المجموعة المسلحة رفضت تسليمه إلى سلطات طرابلس أو المحكمة الجنائية الدولية التي تتهمه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، خلال الثورة التي أسقطت نظام حكم والده في فبراير 2011.

وكان سيف الإسلام، قد قال في مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز”، أنه يريد “إحياء الوحدة المفقودة” في ليبيا بعد عقد من الفوضى، ولمح إلى احتمال الترشح للرئاسة.

الساعدي القذافي

ويؤكد، أحمد المهدوي، المحلل السياسي المختص في الشأن الليبي، أن الإفراج عن الساعدي “خطوة الاتجاه الصحيح لتنفيذ قرارات القضاء الليبي من جهة، وخطوة في طريق المصالحة الداخلية من جهة أخرى”.

وأضاف في حديث لموقع “الحرة” أن “الإفراج عن الساعدي القذافي يأتي ضمن الجهود التي يبذلها فتحي باش آغا من أجل المصالحة الوطنية، خاصة وأنه كان قد التقى في فترة سابقة أشخاصا من قبيلة القذافي ووعدهم بإخراج المعتقلين منذ 2011”.

وأشار إلى أن “ثورة فبراير ضد نظام القذافي كانت رفضا للظلم الواقع على الناس والتي من بينها الاعتقال القسري من دون محاكمات، ولهذا علينا ألا نكرر أخطاء النظام السابق.”

واستبعد المهدوي أن “يرتبط خروج الساعدي بنية سيف الإسلام الترشح لانتخابات نهاية العام، وهي خطوة ستحسب لصالح فتحي باش آغا الذي يسعى باتجاه المصالحة في البلاد وأنهاء الحرب”.

الساعدي القذافي غادر ليبيا إلى تركيا

سيف الإسلام “مجرم حرب”

وبشأن عزم سيف الإسلام القذافي الترشح للانتخابات التي ستجري في ديسمبر، كان مساعد وزير الخارجية الأميركية بالوكالة لشؤون الشرق الأدنى، جوي هود، قد قال في مقابلة خاصة مع قناة “الحرة“، إن، سيف الإسلام، واحد من “مجرمي الحرب”.

وأضاف “أعتقد أن كل العالم لديه مشكلة في ذلك. هو واحد من مجرمي الحرب. يخضع لعقوبات الأمم المتحدة ولعقوبات أميركية. من يترشح للانتخابات الرئاسية أمر يقرره الشعب الليبي ولكن نعم سيكون لدينا إلى جانب المجتمع الدولي الكثير من المشاكل إذا كان رجل مثله رئيسا لليبيا”.

وكانت محكمة في طرابلس قد قضت بإعدام سيف الإسلام غيابيا في 2015 في اتهامات بارتكاب جرائم حرب تتضمن قتل محتجين خلال الانتفاضة. وقالت المحكمة الجنائية الدولية في حينه إن المحاكمة لم تف بالمعايير الدولية.

وتطلب المحكمة الجنائية الدولية التي مقرها لاهاي أيضا باعتقاله بتهمة ارتكاب “جرائم ضد الإنسانية”.

وفي هذا الإطار قالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن القذافي “مقتنع بأن هذه المسائل القانونية يمكن التفاوض بشأنها إذا اختارته غالبية الشعب الليبي زعيما”، مشيرة إلى أن “سيف يعتقد على ما يبدو أنه وحده يستطيع تمثيل دولة لجميع الليبيين”.

وانزلقت ليبيا إلى الفوضى بعد الإطاحة بالقذافي، تصارعت حكومتان وتحالفات مسلحة متنافسة على السلطة.

وبعد عقد من الصراع على السلطة على خلفية التدخل الأجنبي، تولت شؤون ليبيا حكومة وحدة وطنية مكلفة بتوحيد المؤسسات من خلال تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية مزدوجة في ديسمبر المقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى